لا أعرف شعبين في العالم يربط بينهما ما يربط بين أهل السودان ومصر، لا أعرف دولتين في العالم يجمع بينهم ما يجمع السودانيين والمصريين، كما أنه ليس في الدنيا رباط للأسرة والتزاوج والمصاهرة مثل ما هو الآن يميز الشعبين في بلدين بامتداد نهر النيل شريان الحياة شمالاً وجنوباً.
طفحت في الآونة الأخيرة أصوات هنا وهناك، توجه إساءات للشعبين وتسعى لإشعال الخلافات عبر بث خطاب كراهية، وهو خطاب يظل معزولاً تحركه للأسف دوافع سياسية جهلاً أو عمداً يقودها أصحاب مواقف شخصية ومصالح حزبية، لا علاقة لها بالمصالح والآمال التي يضعها الشعب السوداني لعلاقة متميزة في الاخوة الصادقة مع مصر، والتي تظل فوق الشبهات.
وكانت ولا زالت مصر بجميع محافظاتها هي الوجهة الأولى لأهل السودان في حالات الدارسة والعلاج والإجازات السنوية للأسر والعاملين، ومؤخراً توجهت كثير من الأسر السودانية للإقامة في مصر وسط ترحيب شعبي وتسهيلات رسمية، وإذا أجرينا إحصاء سريع نجد آلاف الطلاب السودانيين إلتحقوا بالجامعات المصرية برسوم (رمزية) وبتوجيهات مباشرة من الرئيس السيسي وحكومته.
مطلوب من بعض أحزابنا الإرتفاع لمستوى المسؤولية في النظر للعلاقات مع مصر، وقد أصبحت محاولات إستغلال أحداث محدودة زريعة للإساءة للعلاقات مع مصر، مثلما يحاول البعض إستغلال أحداث مباراة الهلال والأهلي سبباً لبث الفتنة بين الشعبين، ونحن نعلم من خلال إدراك واسع أن العلاقة مع مصر أكبر من إنفعال رياضي عادي في الملاعب الكروية ينتهي بانتهاء زمن المباراة.
واجبنا أن ندعو لعلاقات جوار مع الشقيقة مصر تترفع عن كل الصغائر ووقف الاساءة التي تقودها شخصيات وأحزاب معروفة، لكنها بالتأكيد لن تنجح في مسعاها، لأن الفتنة والإساءة للعلاقات التاريخية مع مصر غير مقبولة وتلحق الضرر بالسودان أولاً، ونظل نردد كل حين مع الراحل الكابلي (مصر يا أخت بلادي يا شقيقة).