مصطفى ابوالعزائم يكتب: ثلاث لاءات في مواجهة الثلاثية..!

السودانيون لا يرفضون التوسط أو الوساطة من أجل الخلافات القائمة بينهم ، بل أن للوساطة جذر إجتماعي قديم ، وتم تعريفه في الثقافة الشعبية ب “الجودية” وهو الذي لايرفضه عاقل ، لكن بالضرورة يجب ألّا يفرضه صاحب غرض أو أجندة.

وهنا ومن تلك النقطة الأخيرة يتضح للعامة قبل الخاصة ، الموقف الشعبي من مبادرة فولكر بيرتس ، رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم المرحلة الإنتقالية في السودان “يونيتامس” ؛ كثير من الناس يرى أن مبادرة فولكر بيرتس ، ليست أكثر من محاولة لتمرير مشروع سياسي مدعوم من الغرب الذي سعى منذ عقود إلى إقصاء بعض القوى السياسية ، خاصة تلك الأحزاب المصنفة على أنها أحزاب إسلامية ، وقد تحول عداء الغرب الرأسمالي القديم من عداء الشيوعية ، إلى عداء الإسلام الذي نعتوه بالتطرف والإرهاب ، وهو بالقطع عداء متوهّم ، حتى إن الكثير من دول الغرب أخذت تصنّف الدول وفق قربها تجربة الحكم الإيرانية التي جاءت بالخميني ورجالات الحرس الثوري مكان الشاه محمد رضا بهلوي ، أقوى حلفاء واشنطن في المنطقة .
الآن كل هذا التاريخ المختزن نجده يقبع داخل ذاكرة فولكر بيرتس ومن بعثوا به ، وفي تقديرهم أنهم سيقومون بإستئصال كل ما له علاقة بالإسلام السياسي في السودان ، وهم لا يعلمون عن ثقافة الشعوب الكثير .

تجربة “جودية” فولكر لن تنجح ، وقد حاول أن يستعين بأكثر من صديق ، لكن مشكلته الأكبر ، وهي مشكلة من بعثوا به إلى السودان ، ومن دعاه عن طريق مخاطبة الأمين العام للأمم المتّحدة ، من وراء ظهور الجميع ، مشكلة كل هؤلاء أن هناك ثلاث لاءات تفف سدّاً أمامهم ، كما تقف سدّاً أمام لاءات رفعوها في وجه الجميع ، وهي لاءات اللا تفاوض ، واللاشرعية ، واللا شراكة .

اللاءات الأقوى في الساحة الآن ، وهي التي ستهزم فولكر بيرتس والجميع ، هي لاءات قديمة وجديدة في ذات الوقت ، “لا وصاية ولا تسلط ولا إقصاء” ، ونرى من خلال مراقبتنا للأوضاع ، وتحركات المسهلين الجدد إن اللاءات القديمة إنتهت فترة صلاحيتها، وبرد حماس مطلقيها، فأخذ بعضهم يتراجع عنها خطوة وراء خطوة ، وكان هناك حكماء من الداخل والخارج يقفون وراء ما يجري الآن ، ويتضح لنا الأمر بصورة أكثر جلاء يوم الثلاثين من يونيو وهو ليس ببعيد ،

فلليوم تقديرات ودلالات خاصة لدى كل جماعة أو فئة أو حزب ، بدءاً من منسوبي النظام السابق ، الذين يرون فيه إستعادة لذكرى واحدة من أكبر إنجازاتهم السياسية ، مروراً بالشباب الذين فجروا الثورة قبل أن يتم إختطافها منهم ، إنتهاء بالإنتهازيين الذين أرادوا أن يكتبوا نجاح الثورة بإسمهم.. وإن غداً لناظره قريب.. نحيا ونشوف كما نقول