وهاهى الجمعة الأولى فى شهر رمضان الفضيل قد حلت علينا وأمتلأت المساجد بالمصلين الصائمين يبتغون فضلا من الله بأن يمن عليهم بالمغفرة والرحمة والعتق من النار فى شهر النفحات الربانية والعطايا التى تبدأ من أول ليلة فى رمضان والشقى من حرم خير هذا الشهر ، وهو شهر الدعاء والذكر والقرآن الكريم والصبر والإنفاق والصدقات وصلة الأرحام والعفو والصفح ، وكل منا يستطيع أن يصنع لنفسه معروفا مهما كانت ظروفه وأحواله (لايكلف الله نفسا إلا وسعها) فإن فى وسعك الإنفاق فقدم الخير لنفسك والحياة الباقية هى الحياة التى تجد فيها مايسرك من العمل أو مايحزنك (والكيس من يعمل لما بعد الموت والعاجز من تمنى على الله الأمانى) فشهر رمضان ستمضى أيامه سريعا ، فلا نفرط فى دقائقه دعك من ساعاته وأيامه ونجعلها مثل أيام بقية الشهر ، فالحسنات مضاعفة والسيئات مضاعفة .
وعندما يهل علينا شهر رمضان تكثر الدعوات والتهاني بين الصائمين بعضهم بعضا فهذا يدعو بمباركة الشهر الفضيل ،وذاك يدعو بقبول العمل الصالح، وآخر يسأل الله العتق من النار له ولغيره، ومابين هذا وذاك يظل الدعاء هو المحفز للعبد بأن يسأل الله تعالى بمايريده ويتمناه فالدعاء وهو أمر ربانى للمسلمين وجاء صريحا فى سورة البقرة يقول الله تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186) فإن الله يقول لنا (فإنى قريب) وأمر الله بين الكاف والنون (فإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) وهذه من نعم الله الكثيرة علي ملة الإسلام التى نفتخر بأننا منها ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين وأمته خير الأمم (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وخيريه الأمة بأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر مهما كان صغيرا أو كبيرا فالله يعلم بحال من يأمر وينهى فطوبى لمن إختصه الله بهذه الصفات عالية المقام حيث يتعدى نفعها الدعاة والعلماء والفقهاء ويصل نفعها الى مجتمعهم الكبير .
ويظل الدعاء هو ملجأ الناس الى الله تعالى فإن تأخرت مسألة أحدنا فلا طريق إلا طريق الدعاء فإن الله يستحى أن يرد عبده صفر اليدين ، فليكن دعائنا الى الله ونحن نوقن بالإجابة كما جاء فى الحديث النبوى الشريف الذى رواه أبو هريرة (ادعوا اللهَ وأنتم موقِنون بالإجابةِ واعلموا أنَّ اللهَ لا يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ) فإما أن يستجاب الدعاء وإما أن يدخر وإما أن يصارع مكروها ، والعبد عليه أن يكثر الدعاء خاصة فى أيام شهر رمضان فلحظات الإفطار هى من أوقات إستجابة الدعاء ووقت السحر ونحن نستيقظ للسحور ودعاء ليلة القدر فهى خير من ألف شهر وأوقات كثيرة تمر علينا ونحن نضيعها مابين اللهو والنوم ومتابعة الفضائيات والهواتف الزكية وأجهزة الحاسوب التى قاسمت الناس أوقاتهم وشغلتهم كثيرا عن واقعهم حتى سميت بالواقع الافتراضي بمعنى أن الشخص يعيش فى واقع ليس واقعه يتحدث مع ربوتات زكية أو أشخاص وهو يدرى أولايدرى فيستسلم لذلك الواقع ويصبح مدمنا له وينفصل بالكلية من مجتمعه وقضاياه المختلفة.
*وأهلا يارمضان*