وقضت النيران بالكامل على مكتبة مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية في جامعة ام درمان الاهليه  وتركت حاملات الكتب خاوية تكسوها اثار اللهب  شديدة السواد، لتروي فصلاً من تراجيديا فاجعة معرفية، نظراً لما كانت تحتويه من كتب ووثائق ومخطوطات يدوية نادرة لشخصيات ذات اسهامات وطنية برزت خلال حقب متفرقة من تاريخ هذا البلد.

ويخشى مهتمون في البلاد أن تمتد الحرائق لتلتهم مكتبات رئيسية تحفظ التأريخ السوداني بكل وقائعه، وتحمل بداخلها إنتاج فكري ومعرفي كبير في مختلف المجالات، وسبب تصاعد المخاوف هو وجود أغلب هذه المكتبات والدُور الوثائقية وسط منطقة تشتد فيها المعارك العسكرية.

وتحيط نيران الصراع بـ5 مكتبات كبرى في السودان وهي :

دار الوثائق السودانية التي تقع على بعد حوالي 300 متراً غرب قيادة الجيش شرقي الخرطوم، وهي بمثابة خزانة لكل ما كتب عن هذا البلد من مؤلفات ومطبوعات وصحف ورقية وأي وثائق، وتمثل قِبلة موثوقة للباحثين والكتاب لاستقاء المعلومات التاريخية.

مكتبة القصر الجمهوري، والموجود بداخل مباني القصر الرئاسي القديم في وسط الخرطوم وهي بمثابة خزانة لكافة الوثائق المتعلق بالحكم والإدارة والتأريخ السياسي في السودان منذ الاستعمار وحتى الآن.

المكتبة الوطنية ومقرها في شارع الجمهورية بالقرب من القصر الرئاسي وقيادة الجيش في وسط الخرطوم، وهي خزانة للإنتاج الفكري السوداني لحفظ التراث وجهود وإنتاج المبدعين والمفكرين والأدباء والناشطين والكتاب في مختلف ضروب الحياة وتعكس وجه البلاد الحضاري والثقافي.

مكتبة الإذاعة السودانية والتي توجد داخل مباني الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون في مدينة أمدرمان، وتضم تسجيلات نادرة لشخصيات سياسية وفنية وأدبية ورياضية واجتماعية، ومكتبة للأغنية السودانية على مر الحقب التاريخية.

المتحف القومي والذي يتضمن مكتبات وأثار نادرة ويقع قرب القصر الرئاسي من ناحية الغرب.

حسرة كبيرة

وأعرب مدير ج ام درمان الاهليه  البروفسيور المعتصم أحمد الحاج عن تحسره على حرق مكتبة  مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانيه فهي عصارة مجهود علمي مدته 37 عاماً في جمع الكتب والوثائق النادرة إذ تحتوي على مؤلفات ومخطوطات يدوي لشخصيات وطنية كانت لها اسهامات سياسية وفنية وأدبية.

ويقول الحاج في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” “قضت النيران على كل شيء، الكتب والوثائق والذكريات كذلك، وليس هناك أرشيف الكتروني لهذه المؤلفات التي يستحيل وجودها في أي مكان آخر، فقد استبيحت الجامعة الأهلية بشكل كامل ولم يتبق منها سوى المباني”.

ويضيف “هذا عمل مدمر من شأنه أن يعصف بالإرث الثقافي والأدبي وتاريخ هذا البلد، ونخشى أن يمتد ليشمل مكتبات أخرى مهمة تقع داخل نطاق المواجهات المسلحة في الخرطوم ومدينة أمدرمان، وقد باتت ذاكرة السودان مهددة بأن يمحوها هذا الصراع المتطاول