حكاية من حلتنا يكتبها: آدم تبن

200

مناظر ومشاهد لم يراها الناس قبل ذلك وهاهى الحرب فى عاصمة البلاد الخرطوم تريهم آثارها السيئة على مجمل الحياة الإقتصادية والسياسية والاجتماعية ، لم تخلو مؤسسة أو شركة أو سوق أو حى إلا بعضا من أثار دمار محزنة ومؤلمة ميزت مكانه عن غيره من الأمكنة والمواقع ، فتغيرت تلك الصورة الزاهية والمحتشدة بالحركة والألوان الى صورة قاتمة حزينة مليئة بالأسى والحسرة على ما فقد أو إتلف أو كسر أونهب أو حرق فى هذا المكان أو ذاك الموقع ، ويتسائل المارة منهم من يحدث نفسه ومنهم من يسأل الذى بجواره ، هل ستعود تلك الأماكن الى سابق عهدها ؟

ونراها تعج بالحركة والنشاط المتواصل بالليل والنهار الذى كانت تعيشه قبل إندلاع الحرب ، أم ستكون خاوية على عروشها تندب حظها الذى وضعها فى ذاك المكان الذى إشتهرت به ، وكان عنوانها البارز الذى لاتخطه العين ويعرفه القاصى والدانى ، ويأتى إليه الناس يبحثون فيه عن مايطلبونه من خدمة إو سلعة أو غيرها من المتطلبات الحياتية التى لا تتوقف إلا فى ظروف إستثنائية ومعلومة للناس ، وهذه الأمكنة والمواقع لبعض منها تأريخ يحفظه الناس ومنها ما أدخلته الحرب عنوة وإقتدارا وكما يقولون لا ناقة له ولابعير فى هذه الحرب.
وخلال ماتابعت فى فترة الحرب فقد كانت الأضرار النفسية كبيرة على الناس خاصة كما قلت سابقا أن هذه الحرب إستخدمت فيها أسلحة لأول مرة يسمع بعض الناس أصواتها بل هناك جيل كامل لم يعرف شيئا عن الحرب ، كما يقال ولد وفى فمه ملعقة ذهب ، لكنها لم تجد نفعا هذه المعلقة، فقد كانت كذلك الأضرار الإقتصادية هى الأشد ألما على كافة القطاعات لم يسلم منها قطاع إلا ولحقت به هذه الأضرار حتى الحكومة مسها ذلك الضرر البليغ ، ونعلم أن الإقتصاد هو من يضخ الموارد المالية فى جسد الحكومة المنهك ، وكذلك البنيات التحتية والمؤسسية نالت نصيبها من تلك الأضرار الجسمية، وهنا أقول أن ما دمرته الحرب خلال فترة نشوبها سيكون وقعه صعبا على جميع قطاعات المجتمع

ويحتاج الناس لفترة تطول أو تقصر للتعافى من آثار وأضرار الحرب التى أوقفت الحياة وأقلقلت مضاجع الناس خوفا من القادم ، وفارق النوم عيون الناس باحثين عن الطمأنينة والسلامة فى كل وقت ، ويالها من مهمة تصعب على من لم يتعود عليها أو يضعها فى حسبانه .

وهنا تعود بحكاية من حلتنا ذاكرة هذه الأيام الصعبة التى عاشها ويعيشها الناس هنا فى بعضا من مناطق العاصمة ومدن أخرى ، وكذلك فى خارج الحدود ، حيث تمر أو مرت بهم مثل هذه الظروف الصعبة بل أسوأ منها، مثل الكوارث الطبيعية الفيضانات والسيول والحرائق والزلازل والبراكين والأعاصير ، وأخطرها الحروب التى لاتبقى ولاتذر وخسائرها كما رأينا عيانا لا تقدر بثمن ، وهنا ليس أمام هؤلاء المتضررين سوى الهروب للمجهول بحثا عن مكان يأويهم ويأمنوا فيه على أسرهم وعائلاتهم وكما يقولون أهلنا (يخارجوا أنفسهم) ،

وعليهم بعدها تدبير معاش لأسرهم ، لأن الإطعام من جوع والأمن من الخوف لاينفصلان عن بعضهما البعض ، وتلك حكمة بأن جعلهما الله تعالى متلازمين لأهميتهما فى حياة الناس ، وللغرابة فإن الخائف لايستطيع أن يعيش حياته طبيعيا ، حتى الأكل يتخوف منه ويجد له أسباب للإمتناع عنه ، وكم هى حكايات الخوف التى عانى منها سكان العاصمة خلال هذه الأيام العصيبة ، فتجد أحدهم يقول لك لقد رأيت الموت بعينئ لكن الله لطف بى وسلمنى منه وكتب لى عمرا جديدا ، وكل لحظة أتذكر أننى نجوت من الموت تدخلني خوفة جديدة ، وهكذا حياتنا تمر بالعديد من المطبات منها الصعبة مثل راهننا الحالى الذى ملأ القلوب رعبا وخوفا ، ومنها ماهو سهل تمر لحظاته بكل سهولة، وفى كلا الحالتين يبحث الناس عن طوق نجاة آمن يصلوا به الى حيث السلامة والأمان .

Comments are closed.