الخرطوم مقبرة كبيرة بيوتها وشوارعها مدافن
رصد:(صحوة نيوز )
يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي السودانيون، بشكل واسع، صورة لمواطنين في حي المسالمة العريق في أم درمان، وهم يدفنون جثمان أحد قتلى الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في الشارع أمام منزله، والجثمان المكفن بالأبيض مسجى إلى جوار رجل يحفر القبر، في صورة تلخص مأساة الخرطوم، التي بدت واضحة في ملامح الرجال المحيطين بالقبر المنزلي.
وقد بدأ دفن الجثامين خارج المقابر منذ الأيام الأولى للحرب، بطالب دراسات عليا في جامعة الخرطوم، قُتل أثناء القتال داخل مكتبة الجامعة، بينما حوصر زملاؤه داخل المباني الجامعية، وظلوا لأيام والجثمان إلى جوارهم، ولا مجال لدفنه خارج المكان. فالرصاص والقتال حول مقر القيادة العامة كان مستمراً؛ ما دفع أسرة القتيل إلى السماح لزملائه بدفنه في أحد ميادين الجامعة، ليكون أول قبر داخل الجامعة العريقة.
وفي حي العمارات في الخرطوم، الذي شهد معارك عنيفة بين الجيش و«الدعم السريع» منذ الساعات الأولى للحرب، تم دفن شقيقتين في حديقة منزلهما. ورغم صعوبة الأمر، لكن كان هذا الخيار الوحيد المتاح في ذلك الوقت.
وقال مواطنون في أم درمان إن معارك الأيام الماضية أدت إلى سقوط قتلى، بعضهم تم دفنه في المقابر العامة، وآخرون دفنوا في الشوارع. وأضافوا: «إكرام الميت دفنه، وكثير من المواطنين أصبحوا يجهّزون أكفاناً ويعطونها إلى أهل المتوفي بلا مقابل مادي».
إزاء انتشار الجثث والجثامين، والمخاوف من انتشار الأوبئة، قال الصليب الأحمر: إنه جمع أكثر من ألف جثة من الشوارع ودفنها، لكن لم يتمكن من إكمال مهمته؛ لعدم وجود ممرات آمنة، وإن كوادره وآلياته تتعرض لمخاطر جمة وهي تقوم بمهامها، وقد سجلت سرقة لإحدى سيارات الإسعاف الخاصة به.
ولا تزال بعض الجثث في الشوارع، في الولايات التي شملتها الحرب، بعضها نهشته الكلاب الضالة والقطط، وتشكل تهديداً للأحياء الذين يخشون انتشار الأوبئة والأمراض بسبب تحلل تلك الجثث.
ويثير دفن القتلى في الشوارع وقرب المنازل أو داخلها، هلع الأطفال، فترك بعضهم اللعب في تلك الشوارع. وقال طفل بكل براءة: إنه يخشى إن لعب في الشارع أن تطأ أقدامه قبر أحد الموتى، في حين وضع مواطنون علامات تشير إلى قبور في بعض شوارع الخرطوم.
وعادة، يتم إرجاء دفن جثامين القتلى لساعات أثناء المعارك؛ ليتمكن ذووهم من دفنهم في المقابر. ويشترط المقاتلون من الطرفين أن يرافق الجثمان إلى المقابر عدد قليل من ذوي المتوفى؛ لأن الطرفين يمنعان التجمعات الكبيرة.
Comments are closed.