حكاية من حلتنا يكتبها: آدم تبن

38

ويامزارع ليك ألف تحية وهى تحايا تأتى تقديرا لأهل الزرع الذين يسكبون العرق ويبذلون الجهد طوال مواسم الزراعة صيفية أو شتوية ، يعملون بإخلاص لإنجاح ما زرعوه من محصول إن كانت نقدية أو غذائية ، يخرجون من مساكنهم صباحا (من دغش بدرى) تصحبهم الدعوات بالتوفيق وموسم زراعى ناجح ويحملون معهم من مأثروات الأقوال ما يفجر فيهم الطاقات ويبعث فى أرواحهم الأمل بأن يكون موسهم مبشرا بالخيرات والنعم التى تعينهم فى معاشهم اليومى ، خاصة فى مثل هذه الأوضاع الإقتصادية التى تعيشها بلادنا حيث تعطلت الكثير من مواقع الإنتاج إن كانت صناعية أو زراعية ، وتبعاتها من الأنشطة الأخرى ، ويعود المزارع من مزرعته وتبدوء على ملامحه مظاهر الإرهاق والتعب حيث يكد خلال يومه ولا يتوقف عن عمله إلا قليلا ليلتقط أنفاسه ليرتشف جرعات من الماء يتقوى بها على مواصلة كده وجهده فإن للزراعة مواقيت لاتتحمل التأخير ولو يسيرا .

وهذا الماء الذى يشربه المزارع فى أثناء عمله تتعدد مصادرة تارة يحمله معه فى (إناء) من بيته ، وإناء حمل الماء إما يكون جركانة بلاستيكية تتم تغطيتها من الخارج بقطعة من جوال الخيش ترش من الخارج بالماء لتبرد المياه بداخلها بعد تعرضها للهواء البارد ، وفى وقت سابق كان (السعن) بكسر السين وهو إناء من جلد الأغنام يتم دبغه بالقرض والملح ، يملأ بالماء ويعلق على أحد الأشجار بداخل المزرعة وبعد تعرضه للهواء تصبح مياهه باردة ويسمونه (ثلاجة المسكين) ، ويالها من ثلاجة لاتحتاج الى طاقة كهربائية للتشغيل يعنى تشغيل مجانى طول اليوم ، ومنهم من يشرب من مورد الماء الذى يكون قريبا منه، والمزارعون يفتخرون بزراعتهم ويحمدون الله عليها أن جعلها مهنتهم التى عشقوها وأحبوا أن ينتسبوا إليها فهى مهنة أجدادهم وآبائهم الذين قدموا لهم خبراتهم التى تعلموها فى سنين عمرهم الطويل ولسان حالهم يردد يامزارعين هيا نزرع أرض الجدود ، وأرض بلادنا الخضراء تتميز بمحاصيل زراعية مختلفة قل أن توجد فى بلاد غير بلادنا وهى نعم تستحق أن نشكر الله الذى أنعم بها علي أهل الزرع وغيرهم من المستهكلين فى داخل وخارج البلاد .

ولايزال الخير فى أرضنا وفى زرعنا وفى ضرعنا فى شرقها وغربها وشمالها وجنوبها كل أرض تبت من خيرها الذى حباها به الله ، فماء السماء الذى يسقى الزرع والضرع وتحيى به الأرض فى موسم الخريف تكتسى به الأرض حلة خضراء زاهية ، بعد موتها فى موسم الصيف والجفاف بعد أن كانت يبابا بلقعا ، وتتعلق قلوب أهل الزرع بمنزل الغيث رب السموات والأرض يذكرونه فى كل حين ولحظة وألسنتهم تلهج بالدعاء لله تعالى بأن ينزل عليهم الغيث العميم ليفرحوا ويستبشروا بنزوله خيرا ، وهم يعرفون أن الغيث ينفعهم ويجلب من الخيرات والنعم الكثيرة التى لا تستثنى منهم أحدا ، إلا ذلك المتردد الخائف الكسول الذى يقول غد سأزرع من هنا الى هناك وبعد غد كذلك إلا ينتهى موسم الخريف وهو لايحرك ساكنا فيكون خريفه قد غادر محطة العمل والنشاط وتوقف فى محطة الإنتاج الوفير الذى يفاخر به كل مزارع بما أنتج من المحصولات الزراعية التى تصبح مصدر فخر وإعزاز له ولأسرته بدخولهم مع أصحاب الإنتاج الزراعى الذين أمتلأت المخازن التى شيدوها والمطامير التى حفروها فى باطن الأرض بالخيرات المختلفة وتمتلأت بها الأسواق وكذلك تمتلأ معها خزنهم ومحافظهم وجيوبهم بالأموال التى تعينهم فى حياتهم ومعاشهم اليومي .

Comments are closed.