الزين صالح يكتب : الزيلعي و قراءة في كشف المستور 1 – 2

47

بقلم : زين العابدين صالح عبد الرحمن
في البدء أشكر الأستاذ المفكر ” اليساري الحر” صديق الزيلعي للتكرم بالإجابة على السؤال كنت قد أرسلته إليه في الواتساب، و جميل أن يقدم إجابة على السؤال، و ينشرها في عدد من الصحف، بهدف أن يفتح حوار فكريا، و السؤال يتمحور حول ( أن عضو الحزب الشيوعي تجده في العمل النقابي و في منظمات المجتمع المدني أكثر مرونة و استيعابا لدور المنظمة و النقابة التي هو عضو فيها، و قادر على الانفتاح على الآخرين، و الإجابة على الأسئلة التي تطرح، لكن هذا الدور تجده يتراجع و يكاد يكون غائب تماما في الحزب، هل يعود ذلك بسبب “المركزية الديمقراطية” أم لسبب أخر؟) يقول الزيلعي قد وردت إليه العديد من الأسئلة اتي تحمل ذات المضمون من قبل العديد من الناس، و أشار أنها تتمحور حول ” المركزية الديمقراطية.
لا أعتقد أي عضو في الحزب يستطيع أن يجرؤ على فتح الموضوع و النقاش حوله على صفحات الصحف، باعتبار أن قضية “المركزية الديمقراطية” كان قد أثارها المرحوم الخاتم عدلان في مبحثه ” آن أوان التغيير” و بالتالي فتح القضية مرة أخرى من قبل أي عضو ” و وفقا لثقافة الزملاء” معرض للإتهام بأنه من أعوان “التحريفيين” باعتبار أن المؤتمر الخامس للحزب قد أغلق هذا الموضوع، و لا يجب إثارته إلا من خلال المؤتمر. و معروف أن اعضاء المؤتمر تختارهم ذات ” المركزية” حيث لا توجد انتخابات حرة لأختيار أعضاء المؤتمر. و تصبح كل العضوية رهينة لهذه المركزية التي حدت من فاعلية العضوية، و تقلصت مساحات الحرية و ترجع الإنتاج المعرفي و الثقافي للحزب. و رغم أن الفكر الماركسي قد واجه نقدا كبيرا من المؤمنين بالماركسية، بهدف تطويرها و جعلها تتماشى مع التطور التكنولوجي و الصناعي الذي يشهد العالم في العديد من دول العالم، نجد أن الحزب الشيوعي السوداني دوره ضيف في الإنتاج الفكري، الأمر الذي جعل العديد من المبدعين و الذين يشتغلون بالفكر قد غادروا أسوارالحزب. هذه الظاهرة تحتاج لدراسة و بحث. لأنها تطرح أسئلة عديدة. هل ذلك يعود فقط للمركزية التي تمنع الحوارات الفكرية المفتوحة داخل الحزب؟ أو ذلك يعود لقيادات تاريخية تريد فقط أن تحافظ على مواقعها و بالتالي تناضل بشيى الطرق أن تبقي على ” المركزية الديمقراطية” لكي تختار القيادات التي تريدها وفقا لمعايير المحافظة التقليدية.

أن الزيلعي يؤكد على إجابته على السؤال الذي كنت قد طرحته عليه؛ أنه قادر أن يتحدى هذه الغوغائية التي جعلت الأغلبية متكلسة بفرض رؤية كان لينين قد طرح قبل مائة عام، و أيضا أكد الزيلعي أنه لا يرهن نفسه لخطوط حمراء تؤثر سلبا على مشروعه الفكري و التثقيفي. يقول الزيلعي عن المركزية الديمقراطية و أثرها في إجابته (السبب الجوهري بين مزاولة الزملاء لدورهم في النقابات والمجتمع المدني، وفي داخل الحزب من خلال المركزية الديمقراطية، هو الإطار المؤسسي المتباين لهاتين الممارستين. فقد تطور أسلوب إدارة النقابات ومنظمات المجتمع عبر العصور، وتجدد مع تراكم الخبرات. من الجانب الآخر فقد تم الإصرار على المحافظة على المركزية الديمقراطية بكل تفاصيلها، كما تمت صياغتها قبل أكثر من مئة عام.) إذاً ذهاب الأغلبية من الزملاء للعمل في النقابات و منظمات المجتمع المدني و تقديم كل خبراتهم و إبداعاتهم هناك لآن مساحة الحرية تسمح لهم بذلك، في الوقت الذي يتمسك حزب بقرار اتخذ قبل مئة عام عاجز أن يبحث عن مدى صلاحية هذا القرار، وفقا لكل المتغيرات التي حدثت في العالم، حتى في البلد التي كان قد صدر فيها القرار. و أيضا هناك انتقادات للماركسية من داخل المدرسة الفكرية نفسها لا تجد لها أي أثر في ثقافة الحزب الشيوعي السوداني، مثل إنتاج معهد فرانكفورت و فلاسفته أمثال ” أودورنو – تيودور و هوركهايمر و ماركوزا و هابرماس و غيرهم” هؤلاء الذين يطلق عليهم رواد ” مدرسة ما بعد الحداثة” أن مئة عام من العزلة كما قال ماركيز هي تنطبق على القيادات التاريخية الاستالينية للحزب الشيوعي” و هي التي جعلت العديد من عضوية الحزب تجد نفسها في الواجهات المدنية، حيث تتيح لها التفاعل مع الأخرين بقدر ما تكون هناك مساحة الحرية و مساحة المناورة في التعاطي مع الأفكار الأخرى و محاورتها.

يقول الزيلعي في مقاله ( أن اهم سمات الديمقراطية النقابية، باختصار شديد، هي: 1 -الجمعية العمومية هي السلطة العليا، وتمارس رقابة لصيقة، وتملك الحق في تغيير لجنة النقابة في أي وقت، بسحب الثقة عنها- 2. للنقابات دورات ثابتة ومثبتة في الدساتير تنهي بمؤتمر نهاية الدورة، لا يحق للقيادة تغييرها، كما للعضوية الحق في طلب عقد مؤتمرات طارئة) و اعتقد أن الحزب له مؤسسات لتغيير القيادات لكن ” المركزية” تحرم العضوية التعامل مع هذا الحق بسبب المركزية، و هي التي تعيق تطور الحزب، و تضعف الدور الفكري داخل الحزب. و أيضا الحزب له مؤتمرا عاما يستطيع أن يتخذ داخل المؤتمر قرارات تحدث تغييرا في كل اللوائح التي تحد من الحرية، و هذه تحتاج إلي ” إلغاء المركزية” و يصبح التصوت الحر هو أداة اختيار الأعضاء لممثليهم لحضور المؤتمر، و ليس شلة ضيقة تبحث عن مواقعها و مصالحها الضيقة هي التي تحدد من يذهب للمؤتمر. كنت قد أثرت هذه القضية في حوارات عديدة مع زملاء، و لكنهم لا يقدمون ردا مقنعا، و في حوار كان عبر ” ZOOM” في امريكا سألت طارق عبد المجيد القيادي في الحزب عن ” متى يتخلص الحزب من المركزية الديمقراطية؟” قال سوف تطرح في المؤتمر. لا اعتقد أن وجود القيادة الاستالينية سوف يسمح بفتح أي حوار هادف في الحزب الشيوعي يجعل عضوية المؤتمر تتم بالتصويت الحر المباشر لكي تستطيع أن تبت في قضية المركزية الديمقراطية.

يقول عبد الخالق محجوب في كتاب ” إصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير” ( البرجوازية الصغيرة و خاصة في المدن تسلك سبيل الدراسة المعزولة، و تجنح إلي الفصل بين النظرية و العمل، و مرجعها النصوص دائما لا للحياة و متطلباتها، و تحاول بهذا أن تخضع الحياة للنصوص لقد عانينا من هذا الاتجاه كثيرا و اتخذ شكلا حادا ) حقيقة أن التطور الذي حدث في الحياة مثلا “ربورتات” التي أصبحت بديلا للعمالة بالضرورة أثرت على الإنتاج و رأس المال و الصراع الطبقي، لكن لا نجد أي دراسات فكرية تبين ذلك، مايزال تاج السر عثمان بابو يتحفنا بقراءة ما تحمله الكتب الصفراء للإرثوذكسية الماركسية التي صدرت بعد البيان الشيوعي عام 1848م، هناك وقف الحزب الشيوعي تمام لذلك لم يستطيع أن يكون مؤثرا بحكمة في قيادة البلاد مع الديمقراطيين إلي عملية التحول الديمقراطي. نسأل الله حسن البصيرة نواصل.

Comments are closed.