إثيوبيا تخنق شريان حياة المصريين فكيف سترد القاهرة؟
متابعة:(صحوة نيوز)
بعد التعثر الذي طغا على الجولة الأخيرة من المفاوضات التي جمعت كلاً من مصر والسودان وإثيوبيا في 23 و24 سبتمبر الحالي، حول ملف سد النهضة الشائك، بدأت الأسئلة تتقاطر حول الخطة التي ستنتهجها القاهرة.
فبانتظار الاجتماع المقبل المرتقب في أكتوبر، تستمر أديس أبابا في ملء السد وتشغيله دون تنسيق مع القاهرة والخرطوم.
فكيف ستتحرك مصر وما حلولها الأخيرة، خاصة أن الأضرار الكارثية للملء الرابع للسد بدأت تظهر جليا، وأدت إلى جفاف في النيل الأزرق، ونقص حصة مصر السنوية بمقدار بلغ 12 مليار متر مكعب من المياه.
” للإجابة على هذا السؤال، تواصلت “العربية.نت” مع خبراء مصريين لمعرفة الحلول التي يمكن أن تلجأ إليها القاهرة لوقف التعنت الإثيوبي.
وأوضح الدكتور محمد نصر علام وزير الري المصري الأسبق أن مصر تدرك تماما ومنذ سنوات أن هناك دراسات منذ الستينات في القرن الماضي لإقامة نحو 30 منشأة وسدا على النيل الأزرق، بهدف القضاء على مشروع السد العالي، وليكون محبس المياه في إثيوبيا وهذا المخطط تسير عليه أديس أبابا وتقوم بتعديله وتطويره دوريا لتحقيق الهدف.
كما كشف أن إثيوبيا طالبت القاهرة والخرطوم عام 2005 بالموافقة على دراسة منفردة لجدوى سد الحدود- وهو النهضة حاليا –وكانت السعة المقترحة وقتها 14,5مليار متر مكعب.
إلا أن أحداث “الربيع العربي” كما وصفت وانهيار الأوضاع الأمنية، شكل فرصة مناسبة للبدء في تنفيذ السد الإثيوبي، وفق الوزير السابق.
لكن الوزير أوضح أنه بدلا من تنفيذ سد بسعة 14,5 مليار متر مكعب كما جاء في التصميم ودراسات الجدوى، تم تنفيذه بسعة 74 مليار متر مكعب، مؤكدا أن مصر تعاني من ندرة مائية كبيرة، وأزمة ضخمة في محدودية النشاط الزراعي والعجز في إنتاج الغذاء، لذا فأي تعد على حصتها المائية يعتبر إعلان حرب عليها وحياة شعبها.
كما أكد أنه من حق دول المنبع التخطيط لمشروعات تنموية لاستغلال مواردها لكن دون أضرار جسيمة على دولتي المصب حسب ما ينص القانون الدولي، موضحا أن أي اتفاقيات تاريخية، يتم الاعتراض عليها فعلى الطرف المتضرر منها اللجوء إلى المحاكم الدولية والتحكيم الدولي.
أما عن الحلول أو الخطط التي يمكن أن تلجأ إليها السلطات المصرية، فقال إن إقامة مشروعات سدود -خاصة السدود ذات السعة التخزينية الضخمة على نهر النيل -وبدون إخطار دولتي المصب، يعتبر عملا عدائيا خطرا على أمن وسلامة واستقرار هاتين الدولتين، مؤكدا أنه بعد اللجوء للاتحاد الأفريقي ووساطة أميركا والبنك الدولي، والتفاوض لمدة تزيد عن 10 سنوات دون جدوى واللجوء لمجلس الأمن، لم يتبق لمصر إلا الدفاع عن وجودها وشعبها بكل الوسائل المتاحة والممكنة.
من جانبه، شدد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام، والخبير في منازعات الأنهار الدولية، على ضرورة اللجوء مرة أخرى إلى التفاوض بروح بناءة واحترام الاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي عليه أن يدرك أن النيل هو مصدر حيوي للعديد من الدول وشريان الحياة للمصريين، ويجب أخذ جميع الإجراءات الضرورية للحفاظ على هذا المورد الثمين.
كما دعا إلى الوصول لحل سلمي للنزاع حول سد النهضة، والتعاون والتفاهم المشترك بين الدول المعنية وتنفيذ اتفاقية المبادئ لعام 2015 والبيان الرئاسي لمجلس الأمن، واتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية
وطالب بزيادة الضغط على إثيوبيا لإلزامها بالتفاوض، واتخاذ إجراءات جادة لحل هذا النزاع الحساس حتى إذا وصل الأمر لفرض عقوبات سياسية أو اقتصادية عليها.
كما شدد على أن هذا النزاع لا يمكن تجاهله، حيث يمكن أن يؤثر سلبًا على ملايين الأشخاص ويشكل جريمة ضد الإنسانية.
وطالب الخبير القانوني المصري بعرض التعنت الإثيوبي على كافة المحافل الدولية لوقف انتهاكها للاتفاقيات وإجبارها على احترام القوانين الدولية، وحملها على تطبيق مبادئ القانون الدولي للمياه والحفاظ على الحقوق المكتسبة لدولتي المصب مصر والسودان.
إلى ذلك، أوضح أنه يجوز أن تعرض مصر النزاع على المنظمات والهيئات الدولية المؤثرة مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، معتبرا أن هذه المنظمات تلعب دوراً جوهرياً في تسوية النزاعات الدولية.
ورأى أن هذا النزاع يمس الأمن والسلم الدوليين بالمنطقه، وقد يؤثر على العالم أجمع كما حدث في الحرب الروسية الأوكرانية
وختم مؤكدا ضرورة تجنب التصعيد العسكري الذي يمكن أن يكون له تداعيات خطيرة على الجميع.
يذكر أن إثيوبيا كانت أعلنت في العاشر من الشهر الحالي (سبتمبر 2023) اكتمال ملء السد، ما أثار انتقادات عدة من الدول المعنية بتلك الأزمة.
ومنذ البدء بتشييده عام 2011، شكل هذا السد فتيل نزاع إقليمي حاد، لاسيما أن مصر تعتبره تهديداً وجودياً لها، لأنها تعتمد على نهر النيل في تأمين 97% من حاجتها المائية.
فيما تعلق أديس أبابا آمالاً كبيرة عليه، متوقعة أن ينتج هذا السد الكهرومائي الضخم الذي يبلغ طوله 1,8 كيلومتر وارتفاعه 145 مترا، أكثر من 5 آلاف ميغاوات، ما سيؤمن الكهرباء في كافة البلاد.
Comments are closed.