بقلم د. وليد الجاك : أبوعركي البخيت محطة مهمة في تاريخ الموسيقى السودانية

570

نتفق جميعاً أن الموسيقي علم لا حدود له وما زالت المجهودات الإنسانية فيه تتمرد على ما هو معمول به من قواعد وتاليف في كل تقافات العالم الموسيقية وذلك لأن علم الموسيقى ما زال وسوف يتقبل الإضافة بدون إلغاء ولا حزف لما هو موجود اصلاً وذلك لأنه يتعلق بالامزجة والقبول من جهة والرفض من جهة أخرى وهي عملية نسبية غير خاضعة لمعايير القياس كسائر العلوم الأخرى لذلك نجده دائماً متجدد ومتمرد كما أشرنا سابقاً لا تحده وتوقفه نظريات بعينها بل يتشكل حسب البيئة التي أوجد فيها والزمان الذي أحدث فيه بالتوافق مع التكنولوجيا التي تحدث فيها طفرة في صنع الآلات الموسيقية. الأدلة والبراهين واضحة مثلاً الهارموني حالياً ليس هو الكلاسيكي الذي هو امتداد للبلوفونية ومن قبلها المونوفونية وظهور ما يعرف باللامقامية A_Tonality ومن ثم ال ال contemporary music وما إلى ذلك من الأنماط الموسيقية، هذا بالإضافة الى الأنماط المتعددة من موسيقات الجاز، الروك اند رول والهيب هوب والخ..

الأستاذ ابو عركي البخيت يظل محطة مهمة في تاريخ الموسيقى السودانية واحد أبرز العلامات المميزة في التسلسل التاريخي لتلك الموسيقى. والمعروف انه ظل يجعل لنفسه مساراً أو يشق له طريق مبتعداً عن تكرار التجارب اللحنية الأدائية في الغناء السوداني دون الانسلاخ عن الذوق والطعم العام للموسيقى السودانية كمغني وملحن ومؤلف موسيقى ، وبتمرده هذا صار مسار لغط وجدال في الوسط الموسيقي بالذات بين مؤيد ورافض لما احتوته مؤلفاته في الأغنيات الحديثة، فمنهم من رفضها بحجة التعقيد وهذا يتنافى مع ما ذكر سابقاً لان اي مؤلف موسيقي يمكن تنفيذه اذا توفرت تقنيات الأداء على الآلات الموسيقية من قبل الموسيقيين واذا قبلته نسبة من المتذوقين والمستمعين وبذلك يكون العمل الموسيقي قد اكتملت فيه المواصفات المطلوبة من مؤلف إلى منفذ ومن ثم مستمع، اذن لا مجال للجدل في هذا الخصوص مع الإيقان بأن الموسيقى السودانية ظلت في حالة تغير وتطور مستمر مرتبطة بالظروف الحياتية والتقنيات الحديثة لصناعة الآلات الموسيقية حسب ما هو متوفر ومما تمكن الموسيقيون من استجلابه وادخاله ضمن الشكل المعروف للاوركسترا السودانية.
وما يزيدنا افتخاراً به اهتمامه بالجانب العلمي من تأليف وتدوين لأعماله الغنائية في بلد انشئت فيها مؤسسة للموسيقى منذ ستينيات القرن الماضي ولا تزال نسبة عظيمة من الممتهنين للموسيقى فيها يجهلون اقل أدوات الاحتراف، إذ ان الموهبة تتطلب دعماً كبيراً من العلم حتى يصل فيها الموسيقي إلى الغايات المطلوبة .

Comments are closed.