حكاية من حلتنا يكتبها: آدم تبن

43

وأهل الزراعة التقليدية فى بلادى يرهقهم العمل فى فصل الخريف حيث يمضون أغلب ساعات يومهم فى زراعتهم يتابعون نظافتها ونمؤها ومراقبة الآفات والحشرات التى لا تتوقف إلا لبعض الوقت ثم تهاجم المحاصيل الزراعية ليلا ونهارا ، وتعمل على إتلافها جزئيا أو كليا ويحتاج المزارع لفترة جديدة لزراعة محصولات أخرى فى مكانها ، ويتطلب ذلك صبرا طويلا من المزارع يظل يمده حتى تنمو محصولاته ويتابعها بتأن يحسد عليه حتى تؤتى أكلها فى حين بإذن ربها ،ويفرح إنتاج المحاصيل أهل الزراعة ويتمنون أن تكون كل أراضيهم زرعت بمختلف المحاصيل وعندها تظهر قدرات وإمكانيات المزارع الخبير وصاحب التجربة المستمرة ، ففى كل عام يكتسب المزارع خبرة جديدة تمكنه من تحقيق مزيدا من الإنتاج الزراعى من مختلف المحاصيل ، فتجده متمكنا من زراعة الذرة والسمسم والكركدي والفول واللوبيا والويكة ، يمتلك المهارة والخبرة اللازمة التى تساعده فى زراعتها ونظافتها وحصادها وتخزينها وتسويقها ، والاستفادة منها فى الغذاء اليومى لأسرته.

وعامنا الزراعى الجديد فى مناطق الزراعة التقليدية فى كردفان لم يكن كما يتمناه أهل الزراعة ، فكان ضعف الأمطار أبرز مافيه ، وكثرت كذلك الآفات والحشرات المضرة بالزراعة مثل الجراد الذى أعاق إنبات المحاصيل فى أيامها الأولى ، وساهم فى تأخير الإنبات الذى تتبعه تأخير عمليات النظافة والحصاد ويكون أثرها واضح فى ضعف إنتاج المحاصيل بل إنعدام بعضها كليا ، ورغما عن ذلك يواصل أهل الزراعة سعيهم ونشاطهم اليومى فى مزارعهم لا يتكاسلون عنها إلا فى حالة الظروف الإجتماعية القاهرة مثل الوفيات أو المرض ، فتجد طرقاتتهم ممتلئة بالحركة الدائبة مابين ذاهب إليها وعائد منها ، كل يمنى نفسه بأن يحقق مايصبو إليه من آمال وطموحات وإن بدت بعيدة ، فإنتاج المحاصيل الزراعية ذات العائد المادى مثل السمسم والكركدى والفول يساعدهم فى تحقيق ما يتمنون أن يحصلوا عليه من شراء إحتياجاته الأسرية وزيادة مايمتلكه من قطيع من الثروة الحيوانية ، بشراء ضأن أو ماعز أو أبقار أو جمال بأعمار صغيرة وأسعار معقولة ويعمل على تربيتها وتغذيتها حتى تصبح قادرة على الإنتاج وزيادة (المراح) بضم الميم ويقصد به قطيع الحيوانات التى تربى فى المنازل لكنها تخرج صباحا لرعى الحشائش ثم تعود فى المساء الى بيت صاحبها.

وكثيرا من الشباب تتعلق أحلامهم وطموحاتهم فى أن يكون الموسم الزراعى يحمل الخير الوفير لأهلهم وأسرهم ليعملوا على مساعدتهم ماديا فى إكمال مراسم زواجهم ، فموسم الدرت والحصاد ينتظرونه منذ أمد بعيد ، فتجد منهم من تقدم لخطبة أحد الفتيات لفترة طويلة ، لكنه يضع نجاح الموسم الزراعى صمام أمانه لإكمال أفراحه التى ينتظرها أهله ومعارفه ليفرحوا معه ويدعون له بدعوات تحمل الخير والبشر والتفاؤل بغد أفضل فلكل واحد منهم دعوة يدعو بها قائلا: (مبارك الزواج) و(بيت مال وعيال) و(تغلبها بالمال وتغلبك بالعيال) ، وتزداد وتيرة الأفراح والمناسبات السعيدة إحتفالا بزفاف الأبناء والبنات الى عش الزوجية السعيد وتكوين أسر جديدة تواصل مسيرة الأسر الممتدة ، فتجد الجدود والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات يشكلون حضورا متميزا ومفرحا وسعيدا فى فرح أبناء أسرهم ، ويالها من لمة حبان لاتقدر بثمن ، وثمة عادات وتقاليد إجتماعية ترسخت بين المجتمع منها مساهمة العريس ماليا لتمكينه من الإنفاق وتوفير متطلبات الزواج التى بالطبع تختلف من مكان إلى مكان الى مكان ، لكننا لاننسى أن نذكر الناس بحديث النبى الصادق المصدوق(أقلهن مهرا أكثرهن بركة) .

Comments are closed.