احتدام المعارك والقصف بالخرطوم وتضاعف النزوح من الفاشر والجنينة

59

متابعة:(صحوة نيوز)

عاشت العاصمة السودانية يوماً دامياً نتيجة تجدد المعارك والاشتباكات والقصف المتبادل بين الجيش  والدعم السريع  وقتل أكثر من 20 مدنياً نتيجة القصف العشوائي وسقوط قذائف مدفعية على سوق زقلونا في منطقة الثورة شمال مدينة ام درمان

ودارت معارك واشتباكات شرسة وعلى نطاق واسع بولاية الخرطوم، تبادل خلالها الطرفان القصف المدفعي المكثف في محيط سلاحي المدرعات والذخيرة بمنطقة الشجرة العسكرية والقيادة العامة للجيش وبري شرق مطار الخرطوم الدولي. وشنت قوات “الدعم السريع” هجوماً وصف بأنه الأعنف على سلاح المدرعات، ودوت أصوات الانفجارات الناجمة عن القصف العنيف المتبادل في محيط المنطقة جنوب الخرطوم.

وأكد بيان للجيش دحره محاولة هجوم فاشلة لـ”الدعم السريع” على سلاح المدرعات وتدمير أربع عربات قتالية ومدرعتين، والاستيلاء على أربع مركبات قتالية بكامل عتادها، وتكبيد “الدعم السريع” خسائر كبيرة في الأرواح. وأعلن العميد نبيل عبدالله المتحدث باسم القوات المسلحة تصميم الجيش على استرداد الأمن والمحافظة على استقرار البلاد “قد نفقد معركة أو موقعاً هنا أو هناك لكننا لن نخسر هذه الحرب المشروعة دفاعاً عن كرامة البلاد ومواطنيها”.

وأوضح عبدالله أن الجيش تعامل أيضاً مع عدد من الأهداف المعادية في مناطق متفرقة داخل وخارج العاصمة. وأفادت مصادر عسكرية أن سلاح الطيران قصف أرتالاً متحركة لقوات “الدعم السريع” في مناطق عدة بغرب كردفان.

وفي حادثة مفجعة جديدة، حصد القصف العشوائي أرواح أكثر من 20 مواطناً وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، نتيجة سقوط قذائف مدفعية على سوق زقلونا بحي الثورة، الحارة 15، شمال أم درمان. وحمل بيان لهيئة “محامي الطوارئ” طرفي النزاع مسؤولية مقتل هذا العدد الكبير من المدنيين الأبرياء بإصرارهما على الاستمرار في المعارك وسط الأعيان المدنية في انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني.

وأفاد سكان من منطقة الثورات شمال أم درمان بأن قاعدة وادي سيدنا العسكرية استهدفت في قصف متقطع تجمعات لقوات “الدعم السريع” في مناطق عدة وسط أم درمان وشمال بحري، كما شهدت مناطق الجيلي ومحيط مصفاة تكرير البترول قصفاً جوياً ومدفعياً عنيفاً، وسقوط عدد من القذائف الصاروخية على بعض أحياء الكدرو والحلفايا وشمبات بمحاذاة شريط النيل من دون خسائر بشرية.

ونبهت غرفة طوارئ الخرطوم بحري من أن آلاف المدنيين المحاصرين بين خطوط القتال داخل الأحياء السكنية لم يعد بإمكانهم الحصول على مياه الشرب والأدوية والغذاء، في موازاة عجز المنظمات الدولية عن الدخول إلى الأحياء السكنية لغياب ممرات إنسانية آمنة.

استعجلت الغرفة إغاثة المدنيين العالقين وسط المعارك منذ أكثر من ستة أشهر مضت، في ظل توقف محطة مياه مدينة بحري عن العمل بعد تعرضها للقصف، ولم يتم إصلاحها على رغم زيارة بعثة دولية من الصليب الأحمر لها.  

وفي دارفور، حذر رئيس جيش حركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور أهل دارفور من سيطرة قوات “الدعم السريع” على الإقليم، معتبراً أنه من “سابع المستحيلات” أن تتعايش “الدعم السريع” مع الأعراق الأخرى في دارفور في حال السيطرة عليها.

وكشفت منظمة شباب من أجل دارفور “مشاد” عن أن عمليات النزوح واللجوء إلى دول الجوار من سكان دارفور جراء الحرب تجاوزت نسبة 73 في المئة من السكان، بحسب إحصاءات فرق المنظمة المنتشرة داخل الإقليم. وأوضحت المنظمة أن حالات النزوح واللجوء الجماعي بعد الاحتدام

سياسياً، تدخل المفاوضات بين الجيش وقوات “الدعم السريع” يومها الـ11 وسط تكتم إعلامي وتكهنات بتفاهمات مبدئية لم تستكمل في شأن الملف الإنساني. وأشارت مصادر دبلوماسية قريبة من المفاوضات إلى أنه على رغم الخطوات المتقدمة التي تمت في الملف الإنساني، فإن بعض الجمود ما زال يعتري مواقف الطرفين في شأن تنفيذ التزامات إعلان جدة في 11 مايو (أيار) الماضي. ولفتت المصادر إلى بروز بعض التحفظات المرتبطة بتوصيف الأعيان المدنية المعنية بالانسحاب مما قد يؤجل حسم الملف بشكل نهائي لبعض الوقت إلى حين تجاوز الجمود الراهن.

وكانت أنباء قد أشارت على نطاق واسع في الأوساط الإعلامية والسياسية السودانية إلى قرب صدور بيان مشترك من الوساطة، يشرح التقدم المحرز في الملف الإنساني والتزامات الطرفين بخصوصه.

وأعلن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أن لجنة عليا شكلها رئيس الحزب قطعت مراحل متقدمة في بحث مبادرات لإعادة الإعمار، في انتظار الوصول إلى اتفاق عسكري في جدة، للبدء بترتيب إقامة مؤتمر المانحين في سودان ما بعد الحرب. وأكد الحزب في تعميم صحافي، مواصلة جهوده للم الشمل الوطني والحزبي لبدء صفحة جديدة لا تكون فيها الخلافات الحزبية على حساب الوطن والمواطنين، أو تتسبب في إراقة الدماء. وكشف نائب رئيس الحزب رئيس الكتلة الديمقراطية جعفر الميرغني، عن تفاهمات تمت مع القائد عبدالواحد محمد نور (حركة تحرير السودان) داعمة لإنهاء الحرب وتحقيق السلام.

في السياق، أوضح أستاذ العلوم السياسية محيي الدين يوسف أن “الدعم السريع” هدفت إلى التأثير في سير المفاوضات الجارية في مدينة جدة السعودية، باجتياحها حاميات الجيش في نيالا وزالنجي والجنينة بإقليم دارفور، بغرض إضعاف الموقف التفاوضي للطرف الآخر ووضعه في موقف لا يحسد عليه. وأضاف يوسف “على رغم أنباء المفاوضات المبشرة في الأيام التي سبقت التصعيد العسكري للدعم السريع في دارفور، وحرص الوساطة المشتركة على إنجاز تقدم على صعيد القضايا الإنسانية ووقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة للمساعدات، لكن يبدو أن كلا الوفدين يرغب في الاستفادة من إبطاء وتيرة التفاوض بطرق مختلفة، فبينما يأمل وفد الجيش استعادة بعض أراضيه التي خسرها خلال الأسبوعين الماضيين، يسعى الطرف الآخر إلى مزيد من المكاسب العسكرية على الأرض في دارفور، على رغم أن كل المؤشرات تقول بصعوبة تحقق أمل الجيش في وقت قريب”.

ورداً على قرار رئيس المجلس السيادة السوداني الفريق الأول عبدالفتاح البرهان، بإعفائه من منصبه، أصدر عضو مجلس السيادة الانتقالي المقال رئيس حركة تحرير السودان (المجلس الانتقالي) الهادي إدريس بياناً شكك في حق البرهان الدستوري في إصدار مثل هذه القرارات. وأكد إدريس، الموقع على اتفاق جوبا للسلام، مواصلة جهوده لوقف الحرب مع القوى التي تؤمن بالديمقراطية وبوحدة واستقرار السودان.

أضاف البيان “القرار يخالف لائحة تنظيم أعمال مجلس السيادة الانتقالي، التي تنص على أن النصاب القانوني لاجتماعات المجلس هو ثلثا أعضاء المجلس الحضور، من ثم فإن اجتماع ثلاثة من العسكريين وأحد أطراف السلام لا يعتبر قانونياً”. ووجه العضو المقال رسالة لقائد الجيش قال فيها “لقد منحك التاريخ والشعب السوداني ثقة كبيرة وعظيمة، وكانت أمامك فرصة تاريخية لتحول البلاد إلى دولة مستقرة مزدهرة، محررة من الفلول، لكنك اخترت الطريق المناهض للثورة، وتحالفت مع من قسموا البلاد وارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية، وأدخلت بلادنا في محنة وحرب عبثية، يدفع الشعب كله ثمنها القاسي معاناة وتشرداً وتمزقاً”.

دولياً، أعرب مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن بالغ قلقه إزاء التقارير عن هجمات واسعة النطاق تشنها قوات “الدعم السريع” في ولايتي شمال وغرب دارفور غرب السودان. وكتب بوريل على منصة “إكس”: “مسؤولية حماية المدنيين في دارفور، وفي السودان كله، تقع على عاتق الطرفين المتحاربين”.

إلى ذلك، كشف منبر المنظمات السودانية عن حصيلة مروعة لحالات القتل والجراح والنزوح واللجوء للحرب المندلعة منذ أكثر من ستة أشهر مضت. وقدر المنبر، في بيان صحافي، عدد قتلى الحرب حتى الآن بنحو 8 آلاف مواطن، منهم 17 من زملائهم في الحقل الإنساني كانوا يقدمون المساعدات في كل من دارفور والخرطوم، فضلاً عن جرح نحو 10 آلاف شخص، وبات ما يقارب 4.2 مليون مواطن عرضة للعنف، بينما يتعرض نحو 3.5 مليون طفل للموت بسبب سوء التغذية، ونزوح نحو 5.6 مليون مواطن داخل وخارج السودان، بينهم نحو ثلاثة ملايين طفل، فيما تضرر 70 في المئة من المدارس ونحو 80 في المئة من المرافق الصحية بين التدمير والضرر.

وأكد منبر المنظمات السودانية توثيقه بيانات 130 منظمة وطنية تعرضت للنهب بخسائر تقدر بنحو 500 مليون دولار، وجدد دعمه منبر جدة وضرورة مشاركة الأطراف لإنهاء الحرب وضرورة الالتزام الصارم بالقانون الدولي والإنساني.

Comments are closed.