البرهان و طرح ثلاث سيناريوهات للحل

49

 

بقلم : زين العابدين صالح عبد الرحمن

السيناريو الأول.. و يتمحور في ... عندما زار وفد الاتحاد الأفريقي و الايقاد القاهرة للالتقاء بقيادات سياسية سودانية تمثل الحرية ” الديمقراطي” و غيرها من القوى الأخرى كان بناء على تصور لتوسيع قاعدة المشاركة، و تبدأ العملية السياسية موازية للمفاوضات العسكرية. باعتبار أن توافق القوى السياسية على مشروع سياسي واحد سوف يعجل بالحل و وقف الحرب؛ و كان ذات الوفد قد طالب الحرية المركزي بأن تعجل عملية توسيع قاعدتها المدنية التي تبشر بها.. فكان تجمع أديس أبابا الذي كانت نتيجته بروز ” تقدم” و لكي يقبل الجيش أن يكون هناك عملا سياسيا موازيا، كان لابد من عمل قوي من قبل الميليشيا، إذا كان ذلك في الخرطوم أو دارفور، هو السبب الذي أدي أن يتحرك عبد الرحيم دقلو من الأمارات إلي تشاد ثم درافور، و عمل على حشد و تعبئة اعداد كبيرة من عرب الشتات في كل من النيجر و تشاد و أفريقيا الأوسطى و ليبيا ثم بدأ الهجوم على نيالا و الجنينة و زالنجي و العديد من الحاميات. لكن هذا الهجوم جاء بنتائج عكسية بسبب ممارسة الميليشيا في السلب و النهب و السرقة و الإبادة الجماعية التي تم توثيقها من عدد من المنظمات، مما جعل الكونجرس الأمريكي يطالب الرئيس بايدن أن يتخذ إجراء تجاه الممارسات التي تمارسها الميليشيا ضد المواطنين في دارفور. فشل الميليشيا في تنفيذ الأجندة بالصورة المطلوبة من جانب، و انتصارات الجيش في الخرطوم و محاصرة الميليشيا من جانب أدى لفشل السيناريو الأول.

السيناريو الثاني… كان موازيا للسيناريو الأول، و منافسا له من حيث تمثيل القاعدة السياسية، كانت هناك مجموعات مختلفة متنافسة من أجل استلام السلطة، كل واحدة منها ساعية بدعم من روافع خارجية أن تكون هي المقبولة لاستلام السلطة بعد وقف الحرب، و رغم أن دول جوار السودان قد أكدت في الاجتماع الذي كانت قد عقدته في القاهرة أنها تقف مع وحدة السودان، و عدم التدخل في شئونه الداخلية لكن للأسف أن خمسة دول منها كانت وراء دعم الميليشيا بتجنيد مواطنيها للمشاركة مع الميليشيا في الحرب، و استخدام أراضيها لمرور الدعم اللوجستي للميليشيا، بهدف إجبار الجيش للرضوخ و قبول كل الشروط المطلوبة التي تقدم من قبل الاتحاد الأفريقي و الإيقاد، على أن يكون هناك مسارين في التفاوض ” عسكري.. و أخر سياسي” و بسبب صمود الجيش و تأييد قطاع واسع من الجماهير له، و هم يخرجون لاستقبال طلائعه و متحركاته في كل مكان، كان سببا أن يضعف السيناريو، و يجعله يتحرك بصورة ضعيفة، تخوفا من ردات فعل مضادة من قبل الجماهير. بعد ما عقد قحت ” المركزي” اجتماعها الموسع في أديس أبابا و كونت مؤسستها ” تقدم” بقيادة حمدوك، و أصدرت بيانها الذي رفضت فيه مشاركة المؤتمر الوطني و الحركة الإسلامية بكل فروعها و مسمياتها، شعرت “قحت المركزي” أنها فقدت دورها القيادي و أن إضافة الحركة الإسلامية و كل فروعها للبيناء و التي كان وراءها الجمهوريين الناشطين و السابقين، أن هذا الشطط و الغلو سوف يفقدهاسطوتها، خاصة أنها كانت قد أعطت وعدا للاتحاد الأفريقي و الإيقاد أنها تقبل توسيع قاعدة المشاركة ما عدا المؤتمر الوطني، و أيضا ما جاء في بيان القاهرة، و البيان يعد نكوصا عن وعدها. هذا الأمر قد خلق خلافا داخل حزب الأمة الذي كانت بعض قيادته تصرح أنهم ضد وضع أي شروط تعطل عملية إنهاء الحرب. و الدعوة للاجتماع في القاهرة سوف تحدث شرخا في ” تقدم” حيث ترفض بعض القوى الاجتماع في القاهرة و خاصة الجمهوريين.كما قحت ” المركزي” قد تأكد لها إذذا خسرت القاهرة سوف يضعف قوتها و فاعليتها، باعتبار أن القاهرة لها دورا مؤثرا في عملية الحل السياسي.

السيناريو الثالث.. حيث كشف الرئيس الاريتري أسياس افورقي لصحيفة الشرق الأوسط، عن طرحه مبادرة و قال( ليست للإعلام أو النشر، ويمكن طرحها لدول الجوار، لأن السودان مهم للجميع ليس فقط دول الجوار، وفي النهاية للسودانيين الحق في اتخاذ قراراتهم للوصول إلى برّ الأمان.) و أضاف قائلا ( أن المبادرة تختلف عن أطروحات بعض السياسيين التي ترتبط ببعض الأجندة الخارجية، المقدمة في عدة عواصم أفريقية) أن أريتريا كانت قد دعت إلي اجتماع للقوى السياسية في اسمرا إلا أن القوى التي حضرت الاجتماع لم تصل لرؤية واضحة، خاصة؛ كان هناك اجتماعا في أركويت و اجتماع آخر للحركات في جوبا، الأمر الذي لم يؤدي إلي نجاح اجتماع اسمرا بالصورة المطلوبة… لذلك قرر الرئيس أسياس أن يتحرك بنفسه لطرح مبادرته على عدد من دول الجوار حيث قال (ساعرض المبادرة على دول الجوار، و لكن لن أفصح عنها للإعلام غير أنني من دون أي مجاملة أومن بأن الشعب السوداني يتمتع بثقافة و وعي لا يتوفران لدى كثير من الشعوب الأخرى، بسبب التجارب الثرية التي اسهموا فيها منذ الاستقلال عام 1956م فهم مؤهلون لحل مشاكلهم.. و لديهم خيارات يمكنهم مشاركتها مع دول الجوار إذا أرادو، مع أهمية التشخيص السليم للأزمةدون تحيز أو ارتباط بأي أجندة خارجية) رغم أن أسياس رفض الإفصاح عن مبادرته إلا أنه من خلال استخدامه للمجاز و التورية بين أن الإزمة تكمن في القوى السياسية نفسها التي تعددت اجندتها و أهملت قراءة تجاربها التاريخية و تعلقت بأهداف الخارج لمساندتها كرافعة لها للسلطة. أن جلوس القوى السياسية السودانية مجتمعة داخل السودان سوف يغير الكثير من العوامل السالبة التي تعثر عملية التحول الديمقراطي.

أن السيناريو الثالث.. من خلال التسريبات للقاءات التي جرت في الغرف المغلقة و الرسائل السرية؛ يهدف إلي الاعتراف بالسلطة التي يمثلها البرهان،هي سلطة الأمر الواقع و بالتالي يجب التعامل معها وفقا للسيادة السودانية، و هذا يعد تحولاكبيرا لمجريات الأحداث، مقارنة بالاجتماع الذي كان قد عقدته الإيقاد في أديس أبابا، و صرح فيه الرئيسان الكيني و الأثيوبي ليس هناك سلطة في الخرطوم يمكن التعامل معها، و أقرا بدخول القوات العسكرية لدول شرق أفريقيا، و جعل محيط 50 كيلو متر في كل اتجاهات منطقة منزوعة السلاح. الأن تغير الموقف تماما حيث أصبح البرهان يمثل سلطة معترف بها.. هناك رؤية بأن لا تكون هناك فترة إنتقالية بالمعنى الذي قد درجت عليه الأحزاب في المرحلة السابقة، و أن تكون هناك حكومة لها مهام محددة في التعمير، و تحسين الخدمات و معاش الناس، و تهيئة البيئة للانتخابات العامة. و أيضا أن يكون العمل السياسي محدود بشرط المؤتمر الدستوري الذي تحسم فيه القوى السياسية خلافاتها و تصنع دستورا دائما للبلاد، و تستعد للانتخابات العامة. هذا السيناريو توافق عليه أغلبية دول الجوار و سوف تتبناه الإيقاد و يطرح أيضا على البعثة الأممية و الاتحاد الأفريقي و الاوروبي و أمريكا. كما أن العاصمتين نيروبي و أديس أبابا أقرتا أن أي اجتماع للإيقاد يجب أن يحضره السودان، ممثلا في رئيس مجلس السيادة أو من ينوب عنه. الأمارات لا ترفض ذلك لكنها تريد ضمانات لاستثماراتها في السودان، الجيش لا يقبل إعطاء أي ضمانات حتى يحصر ما دمرته الحرب، و يطالب الدول التي ساعدت الميليشيا أن تدفع تكلفة التعمير و البناء في السودان و تعويض المواطنين. أن أنتصار الجيش في العاصمة الآن و تشتت الميليشيا غير المنضبط ، حيث لا تملك قيادتها السيطرة عليها قد غير موازين اللعبة السياسية تماما.. نسأل الله حسن البصيرة.

 

Comments are closed.