نجلاء صالح تكتب: اضطهاد البشرة السمراء في السينما العربية

347

الفن رسالة انسانية سامية راقيهً دائما وروح إبداعية لا متناهية ترتقى بالمجتمع وتنهض به وترقى بأخلاقياته وسلوكياته.

ومن خلال ما يقدم للمجتمع من أعمال ملتزمة تعالج قضايانا ومشكلاتنا فهي تعكس واقع المجتمع.

ودائما الفن لا يكون مصدراً لتدمير قيم المجتمع وأخلاقياته ولكنه يكون مصدرا لتوعية العقول فهو يوقظ العقول الغافلة عن قضايا الناس ويحارب الانحلال والانحرافات.

الفن له اشكال عديدة متنوعة ولكني هنا اتحدث عن السينما والاعمال التلفزيونية.

كان الممثلون من ذي الأصول الأفريقية ينالون أدوارا أقل عدداً وحجماً وأهمية من تلك التي تسند إلى الممثلين ذوي البشرة البيضاء.

لكن، مع الوقت زادت المساحة التي تمنح للنجوم أصحاب الأصل الأفريقي، وأصبحوا يتمتعون بأدوار قيادية يمكن تصنيفها كأحد أهم الأدوار بتاريخ السينما الغربية والتي يجب ألا تذهب سدى دون تقدير.

النجم دينزل واشنطن هو الأكثر حصولا على الجوائز بين الممثلين أصحاب البشرة السمراء، إذ تضم خزانته 83 جائزة من بينها جائزتا أوسكار وثلاث جوائز غولدن غلوب بالإضافة إلى 170 ترشحا.

مورغان فريمان اسم غني عن التعريف بعالم السينما وصاحب صوت مميز يؤهله للعب دور الراوي دائما، فهو ممثل أسطوري.

ديفيس الممثلة والمنتجة الأميركية التي حازت على لقب أول ممثلة سمراء تحصل على التاج الثلاثي، إثر فوزها بالأوسكار وغولدن غلوب والبافتا البريطانية عن دورها بفيلم “أسوار”. وصوفيا فيرغارا جينيفر لوبيز هالي بيري والعديد من الاسماء التي اثبتت وجودها بجدارة.

ولكن للاسف في السينما العربية مازالت العنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء جريمة بشعه  بكل المقاييس.

فهي تتعرض بالسخرية لأناس بسبب لون بشرتهم وكم هو أمر مثير للدهشة والرثاء معاً أن توجه سهام العنصرية في مجتمع يتميز أغلب مواطنيه بسمار البشرة ضد من هم أكثر سُمرة.

والمؤسف في الأمر أن تلك الأفلام، بما تحمله من إشارات عنصرية مباشرة وصريحة، يتم عرضها يوميا صباحا او مساءا على القنوات العربية ويشاهدها أطفالنا ومواطنونا.

بل تُعامل في كثير من الأحيان على أنها مجرد نكتة وكأن العنصرية والسخرية من الآخرين بسبب لونهم أو دينهم هي مجرد نوع من المزاح.

تعرض الفنان احمد ذكي في بداياته لعنصرية عندما التقى بالمنتج رمسيس نجيب الذي قال: “الواد الأسود ده الناس هتصدق إزاي إنه حبيب سعاد حسني”.

ويقال ان أحمد زكي كان أمامه كوب ماء فكسره وثار ثورة عارمة في الاستوديو، حتى هدأه المخرج علي بدرخان وقال له: “هتنجح يا أحمد”.

وهناك نماذج من هذا النوع كثيرة للاسف وهناك ما يسمي بالتمثيل العنصري حيث يتم تلوين  وجه الممثل باللون الاسمر لتجسيد عرق آخر.

فيقوم الممثل بابراز صور نمطية خاطئة عن الثقافة التي يحاول تمثيلها فنجده يتكلم بلغه غير مفهومه ويتصنع الغباء بدون اي فهم وكانه يسخر من صاحب هذا اللون.

مسلسل “بلوك غشمرة” دليل علي العنصريه والجهل في الدراما العربية عموماً والمصرية والخليجية خصوصاً الذي عرض في إحدى حلقاته أشخاصاً سودانيين لا يجيدون الكلام ويميلون للنوم والكسل طوال الوقت، وهذا يعتبر سخف وجهل بالثقافه السودانيه ذات الطابع الاصيل المميز.

وقد تكررت هذه الصورة في الأعمال العربية مرات كثيرة، فقديماً استخدمت الأفلام العربية الممثلين السمر فقط لتأدية أدوار الطباخين أو البوابين أو السفرجية.

والآن لا يستخدم الممثل الأسمر إلا في المشاهد العابرة وعلى سبيل النكتة ومازال محصوراً في ادوار هامشية جدا، هذا يدل على جهل وعدم معرفه وعدم احترام ثقافات الشعوب الاخري.

يجب الاجتهاد على رفع الوعي الحقوقي للجميع والعمل على مواجهة “كافة أشكال التمييز والسعي إلى تأسيس ثقافة الاعتزاز بالاختلاف”.

فعلي القائمين علي اعمال السينما والدراما والافلام والمسلسلات التلفزيونه  من مخرجين وكتاب سيناريو وممثلين ان يكون لديهم الوعي الكافي بالثقافات الاخري واحترام الممثل والنظر الي امكانياته وابداعاته وتقديم يد العون ووضع امكانية الممثل في المكان الصحيح واحترامه.

علي الجيل الصاعد ان يؤمن بامكانياته وان يرفض اي دور يقلل من مكانته او يسخر من لونه  وعليه الاجتهاد والصبر والاصرار على قبول ادوار تناسب خبراته، لأن الفن رسالة راقية وليس لون بشرة.

Comments are closed.