«أخو البنات» في المجتمع السوداني

228

حكايه من حلتنا.. يكتبها: آدم تبن

فى عادات وتقاليد المجتمع السودانى ما يؤكد على أصالة وطيب معدن هذا الشعب الكريم فمهما ضاقت به الأحوال والظروف الاقتصادية إلا أنه يظل ممسكا بهذه العادات والتقاليد التى توارثتها الأجيال جيلا بعد جيل.

فالشجاعة مورثة فى المجتمع والجبان عند الناس منبوذ وليس له مكان وسط أقرانه فإما أن يكون مقداما شجاعا أخو بنات كما يقولون وإما أن يفسح المجال لآخر يستطيع أن يملأ المكان.

صحيح أنه خلال السنوات الاخيرة ظهرت بعض مظاهر الجبن والخور فى بعض الشباب خاصة داخل المدن.

وهى حقيقة ملاحظة عندما يحتاج شخص للمساعدة بالأخص النساء فى حال تعرضهن لاعتداء غادر من أحد الجناة بسرقة هاتف أو خطف حقيبة وهذه مظاهر تكررت كثيراً أمام الناس.

فلا تجد من يتصدى بشجاعة للمجرم وإيقافه عند حده لأسباب يتعلل بها الناس خوفاً من مصير مجهول ينتظرهم فى حال تصديهم لمثل هذه الحوادث.

على العموم نحكى مثل هذه الحكاية لنذكر الجميع أن الإقدام والشجاعة ثمنها غالٍ إلا أنها تعيد لصاحب الحق حقه وتردع المعتدى وتذكره بأن هناك من لا يخشى فى الحق لومة لائم.

ولايزال أخو البنات مقنع الكشافات الذى غنت له البنات فى السابق موجودا فى المجتمع وكل من يعتدى على حرماته سيجد من يتصدى له بقوة وبدون خوف ووجل.

والحق وراءه رجال أشداء أقوياء يقدمون أنفسهم وأرواحهم فداءاً له، وأذكر قبل عامين فى منطقة خلوية تصيد الجناة للورى قادم من أحد الأسواق لنهبه.

وهم يعرفون أن عليه بعض التجار وهم عزل ليس معهم سلاح ولايتوقعون أن يكون الطريق غير آمن.
فعندما ظهر الجناة وهموا بإيقاف اللورى لنهبه تصدى لهم أحد الركاب وقاومهم بشدة وشجاعة نادرة لم يستطيعوا أن يواجهوا قوته وشدة بأسه.

فما كان منهم إلا الفرار من أمامه وعندها فطن بقية الركاب إلى أن الجناة جبناء وقوتهم فى سلاحهم وعنصر المباغتة الذى يهجمون به على الركاب لسلبهم ونهبهم.

تحرك البعض منهم ففر الجناة خوفاً من مصير ينتظرهم إذا قبض عليهم إما يتعرضوا للضرب المبرح وتكتشف هويتهم ويسلموا إلى السلطات المختصة التى بدورها تقدمهم للعدالة.

لذا تجد الجانى يفكر أولا فى كيف يخارج نفسه إذا شعر بالخطر أو من بين الناس من له إستعداد للتصدى له ومنازلته ورد عدوانه.

فالجانى جبان لا يستطيع المواجهة حتى وإن كان مسلحا أو يمتلك وسيلة تساعده على الهروب.

وفى أوقات سابقة كان الجناة يعتدون على السعية مثل الإبل والأبقار والأغنام وينهبونها عندما يغفل رعاتها أو أصحابها منها وهى فى المراعى بعيدة عن القرى أو المدن.

وعندما ينتشر خبر السرقة فى منطقة ما يتنادى الناس إلى الفزع “بفتح الحروف الثلاثة” وهو إجتماع مجموعة من الفرسان يمتطون ظهور الإبل والخيل.

ويتسلحون بالاسلحة النارية والبيضاء ويتزودون ببعض الزاد والماء، ثم يخرجون فى إقتفاء أثر الجناة ومعهم أفراد لهم خبرات ومعارف فى قص الأثر.

سواءا كان الجانى على ظهر دابة أو يمشى برجليه يتتبعون حركته وهم فى خفة وسرعة تمرسوا عليها ينظرون إلى الأرض وفجأة يرفعون رؤوسهم ينظرون إلى الأمام بعيداً ليروا أثر لغبار يدلهم على صحة سيرهم وفزعهم.

ومن الغرائب أن الفزع يخرج وليس بينهم علاقة تواصل أو إتصال لكنهم يحددون بعض المناطق يلتقوا فيها فى حال تعذر لحاقهم بالجناة.

ثم يتفرقون فى شكل دائرة تغلق فى منطقة معينة يتوقع أن لا يتجاوزها الجناة لأسباب يعرفونها.

حيث تقل حركة السعية المنهوبة وتتباطأ فى سيرها ويسيطر على الجناة التفكير فى كيفية الاستفادة منها قبل أن يلحق بهم الفزع.

فهم أمام عدة خيارات، إما بيعها أو ذبحها أو تكمينها فى مكان آمن يصعب الوصول إليه، ليبدأوا مرحلة جديدة يسمونها بالمساومة أو السالف أو العون الذاتى.

يحددوا شخصا من منطقة قريبة من موضع الكمين ليكون حلقة وصل بين الجناة والفزع يساومهم على مبلغ معين يدفعه الفزع وبعدها يحدد مكان تكمين المسروقات، فى حال أراد الفزع الحل السلمى.

إما إذا أراد المواجهة الجناة فالمسرح سيكون مختلفا قد يفقدوا فيه أرواح بعضهم ولايجدوا مسرقاتهم التى من أجلها خرجوا.

ومابين المساومة والمواجهة يقرر أهل الفزع القرار الذى يرونه مناسبا لحالهم، إلا أنه فى الغالب الأعم يحتكم أهل الفزع إلى دفع المال عوضا عن القتال.

ليعودوا بمسروقاتهم تامة ليس جبنا منهم لكنهم يفضلون الحل السلمى كخيار حتى لايفقدوا الأرواح والأموال معا.
ودمتم

Comments are closed.