إدانة مجلس الشيوخ الأمريكي لمليشيا الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية في دارفور.

50

متابعة:(صحوة نيوز)

قام أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، الديمقراطيون والجمهوريون، بتعميم مشروع قرار والمُوافقة عليه، يتّهم قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية، مستشهدين بالعديد من التقارير، ومن المحتمل أن يصبح هذا قانوناً. وقرر مجلس الشيوخ دعم المحاكم الجنائية الدولية، وإجراء تحقيقات لمحاسبة قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها للمساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، مثل زثنية المساليت في ولاية غرب دارفور.
(السوداني) استفسرت، مختصين عن التداعيات والمترتبات القانونية لمشروع القرار على قوات الدعم السريع وقادته، خاصةً وأنّ ذات القرار اتخذه الكونغرس في يوليو ٢٠٠٤ وتأكيده على ما حدث في دارفور أنّه “إبادة جماعية”.

الباحث في الشؤون السياسية د. الحاج حمد يوضح في حديثه لـ(السودانى) أن المشرعين الثلاثة “اثنان من الديمقراطيين وواحد جمهوري”، هم أنفسهم من المجموعات التي تحاول عمل موقف سياسي لحسابات أخرى، ويلفت إلى أن الإمارات مدعومة من اللوبي الصهيوني وهو أكبر كتلة مؤثرة جداً في الكونغرس لأسباب تتعلق بالشركات والأموال وقدرته على تمويل الانتخابات، ويضيف أن قرار التقصي في الجرائم التي ارتكبت في دارفور اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بمجلس حقوق الإنسان وتشكلت لجنة لتقصي الحقائق، لكن حتى الآن لم تمنح الحكومة أعضاء الفريق (تأشيرات) الدخول إلى السودان، وفي رأيي حتى لو منح الفريق تأشيرات الدخول، فهناك أيضاً عقبة وهي سيطرت قوات الدعم السريع على أجزاء كبيرة من دارفور عدا شماله.

ويمضي الحاج حمد إلى أن جميع مؤسسات الأمم المتحدة الحقوقية، دانت انتهاكات الدعم السريع سواء في الخرطوم أو دارفور، وموضوع دارفور أصبح الآن شائكاً بسبب تحالفات ليست “قبلية” ولكن ممن “تذوقوا حلو الأرض”، وبدا هذا في تغيّر طبيعة الوضع، بتحويل أراضٍ كانت مراعي إلى أراضٍ للتعدين العشوائي كمصدر تمويل للدعم السريع ومن يقف معه، لتصبح الدعم واحداً من أكبر المليشيات الحامية لإنتاج التعدين العشوائي، بالتالي كلما شعر بتناقص الإنتاج في المنطقة ينتقل إلى أخرى، وهذا ذات ما حدث في بعض الدول الأفريقية مثل الكونغو وأفريقيا الوسطى وتشاد نفسها في غربها ودلتا النيجر.

ويواصل د. الحاج إلى أن واحدة من أسباب ما آلت إليه الأوضاع في دارفور هو ضعف سيطرت الحكومة على الأرض، والتعامل بصورة متخلفة تاريخياً معها، حيث عمدت إلى منحها إلى القبائل كـ(حواكير)، ولم تنتقل من الإقطاع القبلي إلى الامتلاك “البرجوازي للأرض” بأن تكون ملكية عامة وعندما يأتي التقديم، تكون الأراضي تابعة للقطاع العام، وتمنح في شكل عطاءات للشركات الخاصة وهي من تقوم بعملية التنظيم للمجتمع للإنتاج.

ووفقاً للمشروع، قرر مجلس الشيوخ دعم المحاكم الجنائية الدولية، وإجراء تحقيقات لمحاسبة قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها للمساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. وأضاف أن قوات الدعم السريع قامت: “باعتقالات خارج نطاق القضاء، والتعذيب والضرب، والابتزاز، والعنف الجنسي والجنساني، والاغتصاب الجماعي، والاستعباد الجنسي، والتهجير القسري”.

الخبير القانوني عبد العظيم حسن استبعد لـ(السوداني) وجود أي مترتبات قانونية على الدعم السريع من مشروع القانون، وأضاف: بنظري هذا الأمر سيزيد من الضغوط على الدعم السريع في المفاوضات القادمة في جدة ولأول مرة سيعلنه الدعم السريع عن قبوله الانسحاب من الخرطوم ومدني، “وأعتقد سيكون هناك خلاف حول إلى أين سيذهب الدعم السريع بعد أن تمّ تدمير معسكراته”.

واعتبر مشروع القرار، الاعتراف بما تقوم به قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها في إقليم دارفور بالسودان ضد المجتمعات العرقية غير العربية باعتبارها أعمال (إبادة جماعية)، ووفقاً للمادة الثانية من اتفاقية منع وعقوبة جريمة الإبادة الجماعية (في هذه الديباجة المشار إليها باسم “اتفاقية الإبادة الجماعية”)، المعتمدة في باريس في 9 ديسمبر 1948، تعرّف الإبادة الجماعية بأنها “أي من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكامل أو جزئياً، جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، على هذا النحو:
(أ) قتل أفراد الجماعة.
(ب) التسبب في الأذى الجسدي أو العقلي الخطير لأعضاء المجموعة.
(هـ) الإضرار عمداً بظروف حياة الجماعة، لتحقيق تدميرها المادي بالكامل أو جزئياً.
(د) فرض التدابير الرامية إلى المنع الولادات داخل المجموعة؛ (هـ) نقل أطفال الجماعة قسراً إلى جماعة أخرى”.

ويواصل الباحث فى الشؤون السياسية قائلاً: إن مشروع القرار ما هو إلا تحصيل حاصل، لأنه يوجد قرار أممي “أكبر” لكن تعنت طرفي الحرب للوصول إلى صيغة تحترم حقوق الإنسان هو واحد من أكبر التحديات، لذلك الفظائع مستمرة سواء في الخرطوم أو دارفور أو الجزيرة، من قتل عشوائي والتصفيات على أساس عرقي ــ وللأسف الوضع مُـزرٍ.

يذكر أَنّ مشروع القرار قدمه عضو المجلس (ريش)، نيابة عنه وعن العضو (كاردين). وافق عليه مجلس الشيوخ. واستدعى القرار جرائم الإبادة الجماعية التي بدأت في عام 2003 بدارفور، ارتكبتها حكومة السودان وقتذاك ومليشيا الجنجويد الوكيلة لها، والتي استهدفت صراحة المجتمعات العرقية “الفور والزغاوة والمساليت” من خلال القتل الجماعي والتهجير القسري وتدمير القرى والأراضي، والاغتصاب على نطاق واسع، وأدى القصف الجوي للمدنيين، ومنع المساعدات الإنسانية، إلى مقتل نحو 200 ألف مدني وتشريد مليوني شخص.

ويقول حمد بأنه لا تزال هناك فجوة في مواقف الحكومة الأميركية بين مؤسسة (الرئاسة) والكونغرس، ويلاحظ أن الرئاسة اتخذت عقوبات على أربع شركات مناصفة بين طرفي الحرب، استهدفت شركات إنتاج الذهب لدى الدعم السريع وشركات إنتاج الأسلحة لدى الجيش باعتبارها من تنتج الأسلحة التي يستخدمها سلاح الطيران، وأعتقد أن قرار استخدام الطيران كان مستجعلاً فيه بالنظر إلى وجود أساليب كثيرة كان للحكومة أن تستخدمها مثل “العزل السياسي والاقتصادي والحصار، خاصّةً وأنّ معظم سكان دارفور ممن دخلت قوات الدعم السريع مناطقهم فروا منها، وهذا ما يسعى له وهو التهجير القسري للمواطنين والاستيلاء على أراضيهم من أجل تعدين الذهب”.

ويمضي حمد إلى أنّ مهمة من يقف خلف مشروع قرار الكونغرس ليست سهلة ــ وباعتبار أنه صدر من الكتلة الديمقراطية التي تمثل الكونغرس، قد يحدث انقسام وقد لا يمرر لأن الكتلة الجمهورية قد تتحجج إلى أن إدارة الرئيس بايدن قد اتخذت اصلاً قرارات استهدفت قوات الدعم السريع.

في المقابل، رحّب تجمع روابط دارفور في المملكة المتحدة، بالمشروع الذي قدمه أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري الى الكونغرس الأميركي، والذي يصف انتهاكات قوات الدعم السريع في دارفور بأنها “إبادة جماعية”، واعتبره خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة ووقف الانتهاكات الوحشية في السودان ودارفور.

وقال رئيس التجمع عبد الله أبو قردة، إنه على الرغم من إعلان الكونغرس الأميركي في يوليو ٢٠٠٤ وتأكيده على إبادة جماعية في دارفور، إلا أننا نرى أنّ الإجراءات الفعلية والخطوات العملية لم تُتخذ بشكل كافٍ لوقف هذه الجرائم الوحشية ومحاسبة المتورطين فيها، وأضاف أن عدم اتخاذ إجراءات قوية للتصدي لهذه الأعمال البشعة يعطي إشارة خطيرة عن عدم الجدية والإهمال الصارخ في تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان.

ودعا أبو قردة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة وعملية لوقف الإبادة الجماعية ودعم المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الجنجويد والدول العربية والأوروبية المتورطة مع الدعم السريع لإبادة القبائل الأفريقية من دارفور.

وحثّت روابط دارفور، الكونغرس الأميركي والمجتمع الدولي بشكل عام على الدعم بجدية هذه المرة المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها وجميع المتورطين في جرائم الإبادة ضد المواطن في دارفور، مؤكدةً استعدادها للتعاون مع كافة الأطراف المعنية لتحقيق الهدف المشترك لوقف الانتهاكات وتحقيق السلام والعدالة ومحاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان

وثمن ابو قردة، جهود كل من السيناتور جايمس ريش، والسيناتور بن كاردين، والسيناتور كوري بوكر في دعم هذا القرار، ونشكرهم على تفانيهم في العمل من أجل العدالة وحقوق الإنسان في دارفور.

Comments are closed.