المبعوث الأمريكي و التلويح بالعصى
بقلم : زين العابدين صالح عبد الرحمن
بعد ما قام المبعوث الأمريكي توم بيرييلو بجولة في عدد من دول جوار السودان و ختمها بالسعودية، و التقى بعدد من السودانيين في تلك البلاد، قرر أن يبدأ مشروع وساطته في الحرب الدائرة في السودان برفع العصى القليظة، اعتقادا منه أنها الوسيلة التي سوف تجعل الكل يرضخ.. أن العقل الأمريكي حتى الآن لم يستوعب دروس أمريكا في فيتنام و في افغنستان و الفلبين و عدد من دول أمريكا الاتينية، يجب أن يستوعب بيرييلو أن إرادة الشعوب لا تقهر و لا تنكسر و تضعف لمثل هذا التهديد.. بل التهديد سوف يعقد المشكلة أكثر، و بدلا من التفاهمات حول القضية المطروحة تتحول الجلسة لتحديات، يريد بيرييلو أن يسير في ذات المسار الذي بدأه السفير الأمريكي السابق جون غودفري و الذي بعناده قاد البلاد إلي الحرب.. و أيضا يريد بيرييلو أن تستمر الحرب، على أن يكون تهديدها باق باستمرار في يمنعها من الاستقرار و التنمية.
يأمل المبعوث الأمريكي للسودان، استئناف التفاوض بين الجيش وقوات الدعم السريع في الثلث الأول من أبريل المقبل. و قال (أن أولويات الإدارة الأميركية في السودان تتمثل في التوصل لاتفاق يُنهي العنف بشكل فوري وضمان وصول المساعدات الإنسانية وإعادة الانتقال المدني وبناء جيش محترف( لا اعتقد هناك من يرفض ذلك؛ و لكن بناء جيش محترف مسألة تخص الشعب السوداني و لا تقبل أي تدخل من دولة خارجية، و السودانيون قادرين على بناء مؤسساتهم الوطنية بالصورة التي تضمن لها الاحترافية و اداء مهامها بالصورة المطلوبة.
ذكرت صحيفة سودان تربيون أن توم بيرييلو طلب في مؤتمر صحفي (بأن تشمل جولة التفاوض المقبلة جميع الأطراف في المنطقة والاتحاد الأفريقي والسعودية والإمارات.ورفض المبعوث مشاركة النظام السابق في التفاوض بقوله: “يجب عدم السماح للمتطرفين والمتشددين للعودة للحكم عبر اتفاقيات تقاسم السلطة) هذه المقولة “رؤية أماراتية” و أن النفوذ الأماراتي بدأ يظهر بشكل واضح عند المبعوث الأمريكي الذي سوف يؤثر سلبا على أي محادثات يريد أن يقيمها، أن حضور دولة الأمارات التي تعتبر أكبر داعم عسكري للميليشيا في المحادثات سوف تكون سببا في إنهائها قبل أن تبدأ. كما أن دعوة عدد من الرؤساء الأفارقة و خاصة في منظمة الإيقاد هي الرغبة الأماراتية التي جعلتها تشتري العديد منهم بالمال… أن حديث المبعوث الأمريكي في مؤتمره الصحفي يبين الهدف من جولته التي قام بها في عدد من الدول، و هي جولة ليست لاستماع الأراء حول القضية بل هي جولة كانت من أجل الحشد و التعبيئة التي ترغب فيها دولة الأمارات. و عدم عودة المتطرفين و المتشددين للسلطة مسألة يقرر فيها الشعب السوداني و لا تفرض عليه من الخارج… السؤال إلي بيرييلو لماذا الولايات المتحدة بعد غزوها لافغانستان و المجيء بمجموعة مستجلبة من دول أوروبا و أمريكا قررت الانسحاب و عودة طالبان للحكم و عجزت أمريكا حتى أن تحمل معها اتباعها و جعلتهم معلقين على اجنحة طائراتها و يسقطوا جثث هامدة؟ كان الاعتقاد أن المبعوث الذي تم أختياره أن يذاكر في كتب التاريخ عن السودان و يقرأ عن الشخصية السودانية الأصلية و ليست المعدلة، و كان عليه أن يتفادى طريق غودفيري…
ثم لوح المبعوث الأمريكي بالعصى عندما تطرق بالحديث عن الحرب، مستهدفا الجيش بالقول ( أن هناك إتهامات تلاحق الجيش بتعمد شن غارات جوية على أهداف مدنية الحقت أضرارًا واسعة بالمدنيين، فيما تُتهم قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية والعنف الجنسي المتصل بالنزاع واحتلال منازل المواطنين وقتلهم وتعذيبهم( مقولة بيرييلو هي نفسها المقولات التي تقول بها قيادات “قحت المركزي و تقدم” الأمر الذي يؤكد أن المبعوث الأمريكي يحاول أن ينجز فكرة السفير الأمريكي جون غوديفري التي فشلت، و هي التي تسببت في الحرب الدائرة، و التي يريد إطفائها، أن التهديد الذي بدأ به المبعوث الأمريكي جولته قبل أن يلتقي بقيادة الجيش و القوى السياسية داخل السودان سوف يعقد مهمته، كان عليه أن يسمع من الكل و يتعامل مع الكل بدرجة واحدة، و مادام فضل الانحياز عليه ان يستعد أن يجرجر وراءه اثواب الفشل. نسأل الله حسن الخاتمة..
Comments are closed.