حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: بلادى أنا

92

فى بلادنا السودان تتعدد الأعراف والتقاليد من منطقة لمنطقة ومن قبيلة لأخرى فى المناسبات الإجتماعية مفرحها ومحزنها ويعنى أن المجتمع يتعامل ويتعاون على مساعدة أعضائه بقدر المستطاع فمن يستطيع فبماله وذلك أنفعهم للناس، ومن لم يستطيع فبجهده البدنى مساهما فى إعداد المكان وتجهيز الطعام والشراب وخدمة الضيوف القريب منهم والبعيد، وإستقبال ووداع القادمين من المهام الجسمية التى لايجدها إلا القليل من الناس الذين حباهم الله بصفات مختلفة عن الآخرين، فهو يحتاج الى شخصيات ذات ثقل إجتماعى وعلاقات واسعة وتعامل راقى مع الجميع يستقبلون هذا بحرارة قلب ويودعون ذاك بطيبة قلب، يتساوى الجميع عندهم كبيرهم وصغيرهم وغنيهم وفقيرهم ، صحيح قد إختلت الموازين بعض الشئ لكنها لم تهدم جميل تلك العادات والتقاليد الراسخة رسوخ جبال الشرق والغرب والوسط والجنوب والشمال ، ورغما عن ظروف الحرب التى تعيشها بلادنا لأكثر من عام ظل الناس يحافظون على جميلها فى المناطق التى سلمت من الحرب وويلاتها التى أظهرت خوف الناس وجزعهم من مآلاتها التى أبانت قبح أفعال بعض الناس .

وأكثر العادات والتقاليد فى بلادى لم تغيرها الحرب كلية فى الأفراح والأحزان تجد الناس يلتفون حول صاحب الفرح أو الحزن يشدون من أزره يفرحون لفرحه ويحزنون لحزنه ، بالطبع هناك ظروف ضغطت على الجميع جعلتهم يتخلون عن بعض ما رسخ عندهم من العادات والتقاليد إلا أنهم لم يتخلوا عن ما يجمعهم ويقوى ترابطهم الإجتماعى، ففى السابق كانت المناسبات تمتد لأيام طويلة يلتف فيها الناس مع بعضهم البعض لاتشغلهم شواغل الدنيا ومغرياتها بالجرى خلف أعمالهم ورجوعا الى منازلهم التى يجدوا فيها راحتهم البدنية والنفسية، وكذلك لا يتعللون بظروف إقتصادية تمنعهم من المساهمة مالية كانت أو عينية، فتجد المنافسة تشتد بينهم فى قضاء الواجبات وتوفير كبيرها وصغيرها دون كلل ولاملل يتصبب العرق فوق وجوههم المبتسمة فى كل وقت، همهم أن تمضى المناسبة وليس هناك من يشكو أويتبرم من تجاهله أو نسيانه، وإن كان من يقدمون له الخدمة من عامة الناس وغمارهم، فالجميع عندهم سواسيه، وهم بارعون فى تعاملهم وتلك نعمة أنعمها الله عليهم، يجيدون فنون التعامل مع الناس دون أن يتلقون عليه دورات تدريبية لمزيدا من التجويد والتطوير .

وعادة هناك بعض المناسبات الإجتماعية محضورة بمعنى يشارك فيها عدد كبير يحتاج الى من يقدمون له الخدمة وهنا يتوزع الأقارب والأصدقاء لخدمة الحضور فمنهم من يستقبل الحضور ويشرف على تجليسهم أو إنزالهم فى أماكن أعدت مسبقا لضيافتهم ، توفر فيها الخدمات جميعها وهناك من يشرف على إعداد الأطعمة والمشروبات الساخنة والباردة ومياه الشرب وأخرون يراقبون ماينقص من طعام وشراب ويعملون على توفيره بنشاط كبير ، وهناك من يشارك فى إكساب المناسبة جوءا من السعادة والحبور بين الحضور إن كانت المناسبة الإجتماعية فرحا، يتفاعلون مع مايطلقه من دعابه تزيح عنهم الكثير من الهموم ، وعادة مايبحث الناس عنه فهو (فاكهة مجالس)، وفى تلك الأجواء المفرحة تجد نقاشات كرة القدم والسياسة تتصدر الجلسات وغالبا ما ينقسم الحضور الى قسمين كل قسم يشجع ما يرى أنه يمثله، لكن كرة القدم تنتهى مبارياتها بصافرة الحكم النهائية معلنة نتيجتها، لكن هذه النقاشات تنتهى وليس لها نتيجة نهائيه أى ليس فيا غالب أو مغلوب أو حتى تعادل، فهى تتجدد كما سنحت فرصة الإلتقاء قصرت المدة أم طالت، وأما أهل السياسة فالمتغيرات التى تحدث فى الساحة السياسية تجعل الجميع فى حالة مزاجية متقلبة، اليوم معك وغدا ضدك مثلها مثل حال السياسة التى تخضع للمتغيرات داخلية كانت أم خارجية .

Comments are closed.