الأمارات تبحث عن خيارات التسوية
بقلم :زين العابدين صالح عبد الرحمن
كتبت جريدت الوول استريت جرنال الأمريكية المقربة من صناع القرار في الإدارة الأمريكية (أن دولة الأمارات طلبت من الإدارة الأمريكية أن لا تستخدم قاعدة “الظفرة الجوية“ التي تقع على بعد 32 كيلومتر جنوب أبوظبي في أي استخدامات عسكرية في المنطقة. و جاء قرار القيادة الأماراتية عقب الضربة الجوية الإيرانية لإسرائيل.. و تضيف الجريدة أن الولايات المتحدة نقلت طاقم المسيرات و بعض القذفات الجوية إلي قاعدة “العديد“ الجوية في قطر) أن القرار الأماراتي له تفسيران.. الأول أن الأمارات تخوفت من تصريحات القيادة الإيرانية إذا شن عليها هجوما من قبل الولايات المتحدة أو اسرائيل سوف لن تتردد في قصف كل الدول التي أعطت تسهيلات بمرور الطيران في أجوائها أو استخدام أراضيها لعمليات عسكرية.. أن قصف أبوظبي أو دبي من قبل إيران سوف تخسر مكانتها التجارية العالمية.. الثاني هي محاولة للضغط على الولايات المتحدة مثل التي كانت قد طبقتها مع بريطانيا في تعطيل شكوى السودان ضدها في مجلس الأمن. و خاصة أن المندوب الأمريكي للسودان توم بيرييلو في استجوابه في الكونجرس قد أقر أن الأمارات تدعم ميليشيا الدعم السريع، و هذا التأكيد في الكونجرس لا تستطيع أن تنفيه الإدارة من خلال مندوبتها في مجلس الأمن..
قال محمد صالح النظيف وزير الخارجية التشادي في اللقاء الذي كانت قد أجرته معه ” قناة الجزيرةمباشر مؤخرا” ( أن إتهام السودان بتورط تشاد في الحرب بفتح أراضيها و مطاراتها لتمويل الميليشيا لا يستطيعون إثباته و ليس هناك أي دليل لإتهامنا) أن ظهور وزير الخارجية التشادي في لقاء مع قناة ” الجزيرة مباشر” لكي ينفي صلة بلاده بالتمويل الاماراتي للميليشيا تعني أن الأمارات تبحث عن مخرج من الشكوى، و محاولة نفي وزير الخارجية عدم استغلال أراضي تشاد لتمويل الميليشيا من قبل الأمارت هي محاولة إعلامية الغرض منها التشكيك للمعلومات التي تصل للرآي العام العالمي و الذي وصل للقناعة من خلال عدد من التقارير التي أثبتت ذلك..
كما أن هناك بعض المعلقين بالشؤون الدولية يقولون أن تدخل بريطانيا في شكوى السودان ضد الأمارات و جعل جلسة مجلس الأمن مغلقة على أعضاء المجلس حتى لا يحضرها مندوب السودان،و التي كان وراءها ضغطا أماراتيا على بريطانيا بإستخدام التهديد المبطن بهدف تعليق العلاقات الاقتصادية و التجارية مع بريطانيا، الأمر الذي جعل بريطانيا تنصاع مؤقتا حتى تجد فسحة زمنية لتسويق تسوية بين الأمارات و السودان.. و هي ذات الفكرة التي بموجبها كانت محادثات المنامة… لكن محادثات المنامة قد تجاوزتها الأحداث و كانت قبل تقديم السودان شكواه. الآن بدأ الواقع يفرض شروطا جديدة.. أولها تقدم السودان بشكواه و أصبحت حركة الأمارات تحت المجهر.. الثاني التمدد الروسي في منطقة الساحل و خاصة القيادة العسكرية في النيجر صرحت قبل يومين أن العلاقات الروسية و النيجر ذهبت مراحل متقدمة.. إلي جانب أن روسيا أرسلت للمنطقة العديد من المشرفين العسكريين..
أن اعتراف المبعوث الأمريكي توم بيرييلو بدعم الأمارات للميليشيا و تبرئة الجيش السوداني من الاتهامات التي تطلقها الميليشيا و حواضنها السياسية، إلي جانب دعوة من النواب أن يجدوا زعيم الميليشيا طبق عليه قانون ماجنيتسكي الدولي، هذا إلي جانب الخطاب الذي كان قد بعثه 12 نائبا في الكونجرس من قبل إلي الأمارات لكي توقف دعمها للميليشيا.. كلها تؤكد أن أمريكا تبحث عن تسوية سياسية توقف الحرب و تجعل الأمارات و المجتمع الدولي الذي كان يعلم بالمؤامرة على السودان أن يدفع كل تكاليف التعمير..
أن دولة الأمارات تعتبر واحدة من الحلفاء المهمين بالنسبة إلي الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط ، و أيضا أن الأمارات لها تأثير مالي كبير على الدول المحيطة بالسودان، و بعض من هؤلاء قاموا بتنفيذ كل ما طلبته منهم الأمارات لدعم الميليشيا ما عدا مصر و أريتريا، و بالتالي تفضل كل من أمريكا و الدول الأوروبية أن تحل مشكلتها مع السودان داخل الغرف المغلقة بعيدا عن وسائل الإعلام و الرأي العام العالمي حفاظا على مكانتها الاقتصادية. على أن ترفع الأمارات يدها عن الشأنالسياسي و العسكري السوداني بكلياته، و توقف أي دعم للاعبين السودانيين أن كان سياسيا أو عسكريا.. حتى تتم عملية التعمير دون أي تشويش، و هي التي كان قد أطلق عليها الفريق أول ياسر العطا مرحلة البناء التي يجب أن لا تشارك فيها أية قوى سياسية فقط تكنوقراط بإشراف الجيش.. على أن يتم بعدها الانتقال لسلطة شرعية منتخبة تشارك فيها كل القوى السياسية و يختار الشعب من يحكمه..
أن الولايات المتحدة سوف تضغط في اتجاه أن يكون أي لقاء في منبر جدة حاسما لعملية وقف النار في السودان، لكن هذه لن تتم إلا بالتفاهم الكامل مع القيادة العسكرية في الجيش، حتى يصبح وقف إطلاق النار نهاية للحرب، و عدم وجود ميليشيا في الملعبين العسكري و السياسي، و الآن بدأ تفاهما مع بعض القوى السياسية التي لها قواعد و هي تقف في الجانب الأخر للمشهد أن تنسحب و تغيير موقفها لكي تصبح ضامنا مهما في ل العملية السياسية التي يتم الترتيب لها لكي يشهد السودان الأمن و الاستقرار السياسي و الاجتماعي… نسأل الله حسن البصيرة..
Comments are closed.