دائرة الضوء عن أعفاء محافظ بنك السودان
بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
جاء في خبر إعفاء رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان لمحافظ بنك السودان الأستاذ برعي الصديق و 11 من مدراء الإدارات و الفروع دون الخوض في الأسباب بشكل تفصيلي. إلا أن بعض الأراء تعتقد أن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، حيث بلغ 1550ج و في توقع أن تصل قيمته إلي 1700 ج. كان لابد أن نبحث عن رآي من داخل البنك لكي يعلق عن أسباب الإعفاء و أيضا مجهودات قيادات البنك من أجل أن لا تنهار العملة المحلية في ظل الحرب الدائرة.. رأي جدير بالتعرف عليه.. و شكرا على قبول اعطاء الإفادة ” ألأخ العزيز ص” يقول في إفادته:-
وهل إقالة المحافظ او إقالة كل قيادي بنك السودان ستلجم ارتفاع الدولار في ظل واقع دولة هي في ظروف حرب فرضت عليها، وامتدّت لعام ومازالت مستمرة، ؟ وظل بنك السودان ودون كلل يتحمل عبئها المادي لوحده؟إذ يكفي ان نذكر انه ظل يتحمل شهريا مرتبات كل القوات النظامية ( جيش وشرطة و أمن واستخبارات وبما يفوق المائة مليار ج اي ( مائة ترليون ج بالقديم ) وهو عبء اساساً ليس منوط بأن يقوم به بنك السودان بإعتبار انه إلتزام يفترض انه مهمة وزارة المالية ،وهي معلوم أنها لا قبل لها به لتوقف جل الأنشطة الاقتصادية علي نطاق البلاد جراء ألحرب وبالتالي انحسرت تبعا لذلك ايرادات الضرائب والجمارك وغيرها من الإيرادات ؟ ، والمعلوم انه بنك السودان في الظروف الطبيعية ما كان سيقبل تحمل ذلك العبء لانه معلوم انه بالقانون إنه ليس مهمته،، وثانيا لأن التأثيرات السالبة لمثل ذلك الضخ السيولي المهوول علي معدل التضخم وسعر العملة معلوم وحتمي ، ولكن، و استشعارا من بنك السودان بأن السودان يخوض معركة كرامة ووجود فكان لا يمكن ان يخذل الدولة و القوات النظامية و كل الفصائل المحاربة في مقابلة مرتباتها مهما كانت التبعات ، وايضاً في تحمل كل اكلاف احتياجات الحرب التي لم يشعر الجيش فيها وطوال فترة العام بحوجةاو بإنقطاع ذخيرة او إمداد او اي احتياجات ، وبالإضافة لذلك ظل ايضا البنك يتحمل كل الاكلاف المادية بالنقد الأجنبي للحراك الدبلوماسي عموما وعلي كل المستويات .
و ايضا لماذا لا يرتفع الدولار و مع كل ذلك العبء المهوول للمرتبات وهي ~ وكما ذكرنا ليست مهمته _ وبنك السودان ايضا كان يواجه بإلتزام تخصيص الموارد بالنقد الأجنبي لكل الاحتياجات الأساسية والاستراتيجية للدولة من رصيد احتياطياته التي كانت قد بنيت بالسياسات الرشيدة في الظروف الطبيعية قبل الحرب ،والتي كان قد أسهم فيها المحافظ الحالي ونائبه وكل قيادي بنك السودان قبل ألحرب ،وذلك عندما نزل البنك بسعر الدولار مما كان قد قارب الألف جنيه الي حوالي ٥٥٠ جنيه وأصبح الناس يتدافعون لبيع الدولار للبنوك والصرافات و للدرجة التي كان قد فتح فيها بنك السودان ذاته نوافذ إضافية لشراء الدولار في بعض فروعه. كما كان بنك السودان يعلن يوميا بأنه علي استعداد لمقابلة اي طلبات للدولار للاستيراد وغيره ، وحينها انزوي كل تجار العملة والمضاربين،كما كان بنك السودان قد نزل بمعدل التضخم من الرقم الذي كان قد قارب لنسبة ال٤٠٠ في المائة الي ٨٣ في المائة خلال عامين فقط ، ولولا قيام الحرب لكان البنك قد حقق الرقم المستهدف في النزول وهو ٢٥ في المائة ، و لمن لا يعلم فان البنك كان قد حقق كل ذلك من دون اي مساعدات مالية خارجية من صندوق نقد دولي او بنك دولي او من صناديق إقليمية او من دول صديقة اوغيره، و لدرجة انه منسوبي تلك المؤسسات كانوا مستغربين في كيف تم ذلك النجاح في السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف و من دون توفر احتياطي كافي بالعملة الأجنبية ومن غير مساعدات مادية خارجية، ونذكر انه حتي محافظ البنك المركزي المصري كان مستغربا من ذلك الذي حدث وكان في استفسر المحافظ السابق عن ذلك ،والان ايضا نقول مجددا، ما الذي يجعل الدولار لا ينفلت وليس هنالك نشاط انتاج او صادر مقدر علي نطاق البلاد بسبب الحرب وعوائقها العديدة، كما انه ليست هنالك ولا دولة واحدة أسعفت او اازرت السودان بدعم مادي؟إذن ما الذي يجعل الدولار لا يتأبي علي الاحتواء؟أليس الأمر هو نتائج تفاعلات العرض والطلب في ابسط مفهومه الاقتصادي و البلدي ؟ اي نحن حاليا نعيش واقع طلب مهوول ومتواصل للدولار جراء الحرب وتبعاتها ومحدودية وانحسار في العرض ؟فكيف يحتوي الدولار إذن في ظل هكذا واقع -و ازالته بالطبع ليست بيد بنك السودان ؟وبالطبع هنا ايضا لا يسقط دور المضاربة جراء الأموال المنهوبة جراء الفوضي وواقع الحرب الذي طال البلاد، و بالطبع ايضا لا يسأل عنه وليس سببه بنك السودان ،وإنما بنك السودان الآن هو اكثر الجهات المتضررة منه و المرزوءة بتحمل نتائجه المادية الهوولة .
هذه الإفادات فقط راينا ان نجليها للاستدلال علي ان أمر إختلال وارتفاع سعر الدولار لم يكن نتاج قصور رؤية او خطل سياسات او ،عدم كفاءة في ادارةً الشأن ، بقدر ما انه السودان وبنك السودان وطوال عام كامل ظل يعمل في واقع اقتصاد حرب وليس واقع طبيعي وليس هنالك وكما ذكرنا اي مؤسسة او دولة، شقيقة او صديقة مزعومة قد مدت له يد العون بإسناد مالي ، بل بالعكس فيهم من يحاربه بخنق اقتصاده والتضييق عليه ؟
المحصلة النهائية مما ذكر :ان تغيير المحافظ او حتي تغيير كل قيادي بنكً السودان لن يكون هو عصا موسي التي من شأنها ان تحقق الأشواق بإحتواء الدولار والنزول بسعره في ظل ذلك الواقع الاستثنائي للحرب الذي كلف بنك السودان ما تنوء من حمله الجبال،وبالطبع ذلك لا يعني ان نقول( لا للحرب) التي فرضت علينا وإنما نقول مرحبا بها والسودان وبنك السودان لها. ولن يتواني في الصبر علي تحمل أعباءها مهما عظمت حتي تتطهر البلاد وللابد من دنس ورجس اولئك المعتدين الظلمة وبعدها فليكن الحساب ( ولد ) في تقييم اداء وعطاء وكفاءة قيادي بنك السودان عندما يؤدون في ظروف طبيعية.
حفظ الله البلاد والعباد … نسأل الله حسن البصيرة…
Comments are closed.