الأمم المتحدة: شعب السودان عالق في جحيم من العنف

28

رصد:(صحوة نيوز)

قالت الأمم المتحدة إن الشعب السوداني “عالق في جحيم” من أعمال العنف يضاف إليه خطر مجاعة متفاقم بسبب موسم الأمطار وعقبات تحول دون وصول المساعدات.

وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمانتين نكويتا سلامي، أمس الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي “بعد استمرار الحرب لأكثر من عام، أصبح شعب السودان محاصراً في جحيم من العنف الوحشي، المجاعة تقترب، والمرض يقترب، والقتال يقترب، ولا يوجد أي مخرج في الأفق”.

وأضافت سلامي “أمامنا ستة أسابيع فقط قبل موسم الجفاف عندما يصبح الغذاء أقل توفراً وأكثر تكلفة”، مشيرة إلى أن أكثر من 4 ملايين شخص على حافة المجاعة.

وشددت على أن “هذا يتزامن مع موعدين آخرين هما بداية موسم الأمطار حين يصبح الوصول إلى السكان المحتاجين أكثر صعوبة، ونهاية موسم الزراعة الذي قد يفشل في حال لم نتمكن من توفير بذور للمزارعين”.

وقالت “باختصار، شعب السودان يتجه نحو عاصفة كاملة تزداد فتكاً كل يوم”، ونددت في هذا السياق بـ”العقبات غير المقبولة التي تواجهها المنظمات الإنسانية”.

وتحدثت كمثال عن قافلة مكونة من 12 شاحنة تابعة للأمم المتحدة محملة بمعدات طبية ومساعدات غذائية. وأكدت أن القافلة غادرت بورتسودان في الثالث من أبريل (نيسان)، ولم تصل بعد إلى وجهتها في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، بسبب “انعدام الأمن وتأخير في الحصول على تصاريح المرور عبر نقاط التفتيش”.

وأكدت سلامي أن “المدينة برمتها في خطر”، معربة عن قلقها في شأن مصير 800 ألف مدني.

وعرقلت الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023، عمليات إيصال الأمم المتحدة مخزون مساعدات إلى دارفور قبل موسم الأمطار.

وأشارت نكويتا سلامي إلى أن “الاحتياطات نهبت ولم نتمكن قط من تجديد المخزون بالمستوى نفسه” منذ بداية الحرب.

وفرضت الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، عقوبات على اثنين من قادة قوات “الدعم السريع” السودانية وتعهدت بالضغط لمنعها من شن هجوم على مدينة الفاشر في شمال إقليم دارفور.

وقالت وزارة الخزانة، إنها ستجمد أي أصول في الولايات المتحدة وتجرم المعاملات مع قائد قوات “الدعم السريع” بوسط دارفور علي يعقوب جبريل، واللواء في قوات “الدعم السريع” المشارك في التخطيط للعمليات عثمان محمد حامد محمد.

من جهته قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان، إن “العملية العسكرية التي تقوم بها قوات الدعم السريع لتطويق ومحاصرة الفاشر بشمال دارفور عرضت حياة مئات الآلاف من المدنيين للخطر”.

وأضاف ميلر “نحن على استعداد لاتخاذ إجراءات إضافية ضد الأفراد والمؤسسات التي تعمل على تصعيد الحرب بما في ذلك أي أعمال هجومية على الفاشر”.

يأتي ذلك بعد أن أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الإثنين الماضي، عن قلقه إزاء التقارير التي تفيد بوقوع قتال عنيف في مناطق ذات كثافة سكانية عالية فيما تسعى قوات “الدعم السريع” للسيطرة على الفاشر، آخر مدينة كبيرة في دارفور لا تخضع لسيطرتها.

وكانت مدينة الفاشر تعتبر مركزاً رئيساً للمساعدات في الإقليم الواقع في غرب السودان، وكانت قد بقيت نسبياً في منأى من المعارك، لكنها تشهد منذ أيام اشتباكات بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو.

ولقي عشرات الآلاف من السودانيين حتفهم ونزح الملايين منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”.

وقادت الولايات المتحدة الجهود الدبلوماسية لوقف القتال، لكنها لم تحقق سوى نجاح محدود، كما تفتقر لأدوات ضغط فعالة إذ من غير المرجح أن يحتفظ قادة قوات “الدعم السريع” بأصول كبيرة في الغرب.

ويرى مراقبون أن قوات “الدعم السريع” والقوات المسلحة السودانية يريدان تحقيق النصر في ساحة المعركة، وقد تلقى كل منهما دعماً من فاعلين خارجيين.

ويسافر المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو مرة أخرى إلى الشرق الأوسط وأفريقيا هذا الأسبوع على أمل إحراز تقدم.

اتهمت الولايات المتحدة كلا الجانبين بارتكاب جرائم حرب، واتهمت قوات “الدعم السريع” بتنفيذ تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية ضد قبائل غير عربية في دارفور.

ونفذت ميليشيات الجنجويد، سلف قوات “الدعم السريع”، حملة دامية في الإقليم الغربي القاحل وصفتها الولايات المتحدة في ذلك الوقت بأنها إبادة جماعية.

ودعت منظمات إنسانية غير حكومية، أمس الأربعاء، الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” إلى “إنهاء العقاب الجماعي” وإعادة الإنترنت والاتصالات في البلاد.

وجاء في بيان وقعته 94 منظمة، الأربعاء، أن “الهجمات العشوائية وتعطيل الأطراف المتحاربة شبكات الاتصالات أثر بشكل خطر على قدرة المدنيين على التعامل مع آثار الحرب، وكذلك على قدرة العاملين في المجال الإنساني على تقديم خدمات أساسية”.

وأكد البيان أن “الجانبين استهدفا بانتظام البنى التحتية للاتصالات أو فرضا قيوداً بيروقراطية”، مما أدى إلى حرمان ملايين السودانيين من الوصول إلى شبكات الدعم اللازمة للعيش في خضم ما وصفته الأمم المتحدة “بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث”.

ويحتاج غالبية سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية، تنظمها بشكل رئيسي مجموعات من المتطوعين تعتمد على اتصالات بواسطة الأقمار الاصطناعية وهي مكلفة ونادرة، ومنها من خلال نظام “ستارلينك” للاتصال بالإنترنت عبر الفضاء.

ويعد الاتصال بالإنترنت عبر “ستارلينك” الطريقة الوحيدة التي تتيح للسكان تلقي تحويلات من أقاربهم في الخارج، إذ حرم معظم السودانيين من رواتبهم منذ بداية الحرب.

وما زالت مناطق واسعة من إقليم دارفور في غرب البلاد الذي شهد بعضاً من أسوأ أعمال العنف خلال الحرب ويضم نحو ربع سكان السودان، محرومة من خدمات الاتصالات منذ أكثر من عام.

وقالت المنظمات، إن انقطاع الاتصالات في كل أنحاء البلاد في فبراير (شباط) “ترك نحو 30 مليون سوداني” من دون اتصالات “لأكثر من شهر”.

ودعوا طرفي النزاع إلى “ضمان توفير خدمات الاتصالات من دون انقطاع في السودان” و”تسهيل إعادة تأهيل الأنظمة المتضررة”.

في أجزاء كثيرة من السودان، لم تتمكن السلطات المحلية ومهندسون من إصلاح البنى التحتية المتضررة بسبب نقص الموارد أو استمرار القتال.

واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو.

وخلفت الحرب عشرات آلاف القتلى، وشردت نحو تسعة ملايين شخص، ودمرت البنى التحتية المتداعية أصلاً في البلاد

وعلى رغم نداء المنظمات، قالت شركة “ستارلينك” التابعة لإيلون ماسك، إنها ستوقف خدماتها في السودان من خلال تقييد التجوال ضمن المناطق التي لم تحصل على الترخيص فيها.

ويُذكر أنه في المناطق التي لا تعمل فيها الاتصالات الرسمية مثل منطقة دارفور وأجزاء من الخرطوم وولاية كردفان، يتصل المدنيون والمجموعات الإنسانية، بما في ذلك المستجيبون لحالات الطوارئ، من خلال مقاهي إنترنت “ستارلينك” غير الرسمية، وكذلك فإن المناطق نفسها هي الأكثر عرضة للصراع وأخطار المجاعة، مما يجعل تداعيات انقطاع شبكة الإنترنت أكثر وطأة.

Comments are closed.