التعجيل بترشيح رئيس للوزراء ماذا تعني؟

184

بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن الصراع السياسي حول سلطة الفترة الانتقالية بدأ يأخذ مسارات شتى بعد حديث الفريق أول ياسر العطا القائد العام للجيش في عدد من المنابر، في حديثه الأول طالب قيادات المقاومة الشعبية من الشباب أن يتصلوا بالقائد العام و يقدموا مرشحهم لحكومة الفترة الانتقالية، و في تصريحاته لقناة ” الحدث” قال أن القيادة في بورتسودان تعكف على تعديل ” الوثيقة الدستورية لكي يتثنى لها تشكيل مجلس السيادة و مجلس الوزراء، و الحديث هنا أنتقل إلي مرحلة جديدة هي تعديل “الوثيقة الدستورية” و بعدها يتم تشكيل السلطة التنفيذية، مما يؤكد أن قيادة الجيش لا تريد انتظار حسم تواجد الميليشيا في البلاد، و تعجل بتشكيل السلطة التنفيذية للفترة الانتقالية، حتى تصبح سلطة مجلس الوزراء هي المسؤولة على مسألة إعادة التعمير و الإحصاء السكاني و توزيع الدوائر الانتخابية، و الدعوة العامة للقوى السياسية للحوار من أجل صناعة الدستور..

هذا التصريح الأخير؛ جعل البعض يتعجل لترشيح شخصيات لرئاسة الوزراء، اعتمادا على المناطقية و الانتماء السياسي، الأمر الذي يزيد الخلاف في الساحة السياسية.. أن محاولة تسويق شخصيات بعينها و معروف أنتمائها السياسي، يعد قصور نظر لبعض النخب السياسية التي لا تنظر للعملية السياسية ابعد من أخمص القدمين، كأن هناك قيادات سياسية و إعلامية لا تريد أن تتعلم من كل الدمار الذي حدث في السودان.. أن رئيس الوزراء يجب أن يكون شخصية مستقلة ليس لها انتماء سياسيا، و مشهود لها بالكفاءة و الخبرة و الإدارةو العلاقات الدولية و الوعي السياسي الذي يمكنه من نجاح المشروع، و أيضا تتم عملية أختيار الوزراء بذات الكيفية.. و لكن محاولة ترشيح عناصر معروفة الانتماء الحزبي، يدخل البلاد في دوامة من الصراع سوف يعطل عمل السلطة التنفيذية..

أن محاولة ترشيح رئيس للوزراء مبكرا من قبل البعض ذوي الانتماء السياسي المعروف، الهدف منه فتح أجندة جديدة في الجدل السياسي الدائر الآن في الساحة السياسية، و سوف يكون هذا الجدل سببا في تعطيل عملية تشكيل الحكومة. أن الذين لا يستطيعوا التفكير خارج صندوق الانتماء للوصول لتوافق، هؤلاء يحاولون تعقيد المشكلة.. أنالترويج إلي شخصية بعينها، و هي معروفة الانتماء السياسي هل هي محاولة لجس النبض أم فرض شروط على العملية السياسية؟ و بالضرورة سوف تفتح أبواب الصراع بين المكونات المختلفة، تكون أشد من التي قادت للحرب.. أن النخب السياسية التي لا تستطيع أن تتجاوز ثقافة الضد و الإنتماء المغلق، و سوف تصبح هي نفسها عقبة كأوود أمام الحل، و هؤلاء لا يستطيعوا التفكير خارج المصالح الخاصة و الحزبية الضيقة، و هي عقليات عجزت أن تطور ذاتها و تخرج من جلباب الإرث القديم الذي قاد للفشل و كان سببا في الحرب الدائرة في البلاد..

معروف أن هناك نخب سياسية دوغمائية عجزت أن تخرج من الإرث السياسي القديم، و هناك أيضا مجموعة هدفها أن تصرع خصومها الآخرين، و كل هذه السياسات لا تخرج من دائرة الإقصاء، و تسميم الأجواء السياسية، التي تعيق الفرد من عملية التفكير السليم، لكي تخلق مسارات سياسية جديدة تنتقل من الصراع الصفري إلي حوار سياسي بين جميع القوى السياسية في البلاد، و يمد الجسور بين الكل، و أيضا هذا التفكير الأحادي أي تفكير ” الإنسان ذو البعد الواحد” كما سماه هربرت ماركوزا، هو تفكير يخلق تحديات سالبة في المجتمع لأنه لا يهمه إلا المصالح الضيقة.  و الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” فالتغيير ينبع من الذان الإنسانية و ليس من شعارات لا تحمل أي مضامين، و لا تستطيع النخب إنزالها على الأرض.. كان المتوقع أن تحدث الحرب تغييرا في طريقة التفكير التي قادت للحرب، و يجب أن تبتعد النخب السياسية و الإعلامية من عملية تسويق اشخاص بعينهم وفقا للإنتماء السياسي، و فتح جدلا عقيما لا يقود إلي التوافق الوطني. و نسأل الله حسن البصيرة..

Comments are closed.