وهج العيون.. دعوة للإستبصار والأجواء قاتمة
بقلم: د.عبدالسلام محمد خير
صادفت مقالا بليغا جاء في وقته لينوه لعمل يجبر الخاطر ويريح نفوسا قلقة لتنطلق هي الأخرى تعزز معركة دونها عدة أسلحة متاحة (فعلا)..حين يكثر الكلام يتذكر الناس الحكم الموروثة (ليقل خيرا أو ليصمت)..تحري الخير سلاح الأسلحة..هناك من يذكر بأن في الأمر أسلحة عديدة تعين على النصر المنتظر بإذن الله.. العمل (غير العادي) سلاح.. كذلك الإعلام عنه ..قالوا وقالوا وما فعلوا وما تكاشفوا، تلك هي الطامة.
تكشف الآن أن هناك مناصحات إنطلقت قبل الكارثة، فما إستبان القوم النصح إلا ضحى الغد.. تذكرت أنه ذات يوم إنتظمت ندوة جامعة للأطراف بقاعدة الشارقة عن (الهوية) فتعالت صرخة (فلننظر بأربعة أعين) للنجاة مما قد تتعرض له البلاد!.. وكان ما كان!.. هل ينجو من لا ينظر أمامه؟!..من لا يكاشف غيره؟!..من تنقصه (رؤية) إستراتيجية؟!.
أهاج المقال الشجون.. جعل الشفافية مدخلا لإنجازات عظيمة قوامها الإهتمام بالرؤية الثاقبة وبالإستراتيجيات الحاسمة في أي مجال حيوي مصيري..كمثال، وتحدثا بنعمة الله أفاض الكاتب في التعريف بما تحقق من تطور في مجال طب العيون بالبلاد.. الأمر أصلا بالإهتمام جدير..هناك من يتبارون همة وإنجازا وتقنية حديثة..عاملون وفرق عمل وكوادر طبية وإختصاصيون أشداء بعلمهم، لم يكتفوا بما أنجزوا، بل إتخذوا هذا دافعا للمزيد من النجاح ، بفضل الله، في مجال عنوانه (رد البصر).. سر العيون كمنحة من الخالق لخلقه قوامها إلهامات التوفيق في عباده المباركين – بورك فيهم أينما كانوا، مهنيين، أطباء ومعاونين، وكل من هم في قلب المعركة الآن مرابطين بأعين متوثبة، سلاحا على سلاح.
إنه مقام الكلمة الحكمة المحفزة للعمل الصالح (في البدء كانت الكلمة).. من منصة الحكمة إنطلق عمود (وهج الكلم) للدكتور حسن التجاني.. جاء بعنوان (للعاص بصر وبصيرة).. أبهرني منهج الطرح والمحتوى فكأنها أطروحة في (ما قل ودل) ونفع..أشاع السرور في أجواء قاتمة تتحرى ما ينقذ الحال.. مقال مضىء أبصرته مصادفة فى موقع حادب على البلد(سودان اليوم) – الجمعة غرة ذي الحجة، مطلع العشرة الأوائل المبشرة بعاقبة العمل الصالح.. فكأنما في الأمر إحتفال بمقامات العمل الذي يشرح الصدور والحرب دائرة، حسمها إحدى غايات هذه الأيام المباركات.. هنالك ما هو حاسم أيضا في مواجهة الحرب، ما يذهب لإسعاف جرحي، ولإعادة بصر لحالمين بالمشاركة فيما يسعف حال البلاد ، تواقين ليشهدوا يوما نصرها على أعدائهم.
عن مفاجآت الإنجاز يحدثونك.. إستوقفتني روايات طازجة عن منجزات حيوية شهدها الواقع، والحرب دائرة..هناك من يفاجئوا الناس عمليا بمبشرات من قبيل النصر قادم وإن (الدنيا بخير)..إلهامات جلية بين السطور تطمئن المهموم ببلد حاجته ماسة لعمل متقن في وقته المحدد..هكذا تدار الحروب.. أن يمضي الكل فيما هو أمامه من عمل غايته حاسمة..إن مصدر الحسم هنا يتجلى كامنا في تكوين توجه عام فاعل يوجه كل الجهود لصالح البلد.. ما من فكرة وإمكانات وتصميم (وفطرة) إلا وتنداح لهدف وطني مشترك..هذا مثال في مجال إنساني حيوي يتعلق بصحة البشر، تحيط به مباعث الرحمة والفهم العميق لمجريات الحياة.
مؤسسة إقليمية نهضت في مواجهة حرب.. قائدها وطني خلوق عرفه الناس في موقع عمله مهنيا وإنسانيا فتعرفوا عليه الآن أكثر وهو في مواقع العمليات الحربية ومعسكرات اللجوء..المقال يطرح تجربة مثيرة لصرح صحي عملاق..إنه يؤكد على أهمية التعرف على أصحاب العقول المستنيرة، والإيمان بمبدأ الممكن قرين ما هو متاح لأن يصبح واقعا والظن أنه مستحيل.. لا شىء يقف دون التفكير والإنجاز ما دامت المصلحة عامة، والناس أحوج ما يكونون..هذا ما ينجلي أمام من يملكون الفهم والدراية في منأى عن الذاتية وحبها – يقول الكاتب، منوها أنها سمات تجربة الدكتور العاص أحمد العاص المدير الإقليمي لمؤسسة البصر الخيرية.. كيف إنبرى لتأسيس مؤسسة إقليمية خيرية، غير ربحية، مقرها الخرطوم؟.
إنها منصة إنطلاق من الخرطوم لأكثر من 26 دولة أفريقية.. السؤال عن التمويل وارد إنبهارا بالتجربة..يتبسم دكتور العاص كعهده وينوه لمبادرات (مركز الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية للإغاثة والأعمال الإنسانية)..ثم هناك (يد مبروكة) لطبيب نظرته بعيدة، قريبة من الناس.. يتحرك بينهم، لا هم له غيرهم..(يمتلك تبارك الرحمن عقلية مشبعة بحب الوطن والوطنية، ينحت الصخر لتضخ الرؤية وينجلي البصر ويصح النظر)- يقول الكاتب، ويضيف: مستشفيات ومخيمات بالولايات، تنادى لها إختصاصيون من إنحاء السودان وخارجه، مهمومون بفكرة جودة التطبيب والعلاج مجانا وفق مشروعات مخطط لها وفق إستراتيجية طموحة هي ما أجدت والحرب تشتعل.. مثالا في الصمود.
كم من مستشفيات بالمحليات تعرضت للنهب، لكنها قاومت..حافظت على أرواح المرضى، وجنبت معداتها الدمار بحسن التصرف.. التجربة بكاملها لدى الدكتور عمار العاص، كما ورد في المقال (مستشفيات تعرضت للمهاجمة والعمليات تجرى)..ظل تفكيرهم حاضرا (النجاة بالمرضى وتأمين الأجهزة، مجازفا بحياته ومن معه..عدة مناطق بالبلاد تشهد الآن تواصل العمل وإجراء العمليات في بضع دقائق، بجودة وكفاءة).
الكاتب يذكر بأهمية المؤهلين للعمل في الظروف الصعبة (عقول لا يقهرها المستحيل)..ويشير لتجارب بعينها فيذكرنا بأن السودان بخير..يضرب مثلا بالمدير الإقليمي لمؤسسة البصر الخيرية، وينوه لما إمتلك من عقلية مشبعة بحب الوطن (ينحت الصخر لتضخ الرؤية وينجلي البصر ويصح النظر)..الإنجازات بأنحاء البلاد وخارجها تتعدد..وهي بلغة الأرقام تتحدث، على الطبيعة ماثلة (فكرة، جودة، تطبيب، علاج).
مؤسسة خيرية بقيت بخير بفضل (بعد نظرها)..فبرغم ما حدث لم تتوقف، بل انشأت مستشفيات أخرى بولايات آمنة.. منظمة الصحة العالمية شهدت لها، وكرمتها البلاد بنوط الواجب الإنساني من الدرجة الأولي..التحية لها ولربانها الماهر، ولكل العاملين.. لقد أسدت معروفا للبلاد إنتظم سنين عددا، وحتى في حالة الحرب..بذلك رسخت مفاهيم في الإدارة تتجلى كسلاح (التصميم ،التخطيط، بعد النظر، تجلي البصيرة)..هي الآن تتجه لطلاب المدارس(عين) البلاد على مستقبل قوامه السلام والإستبصار، باذن الله.
إن المتغيرات تستدعي عقولا مستبصر تتمتع بإرادة (حسم المعضلات) عبر جهد غير عادي يباركه دعاء بأن ينصر الله الشعب وجيشه، يتقبل الشهداء ويعز وطنا حليفه النصر دائما، بإذن الله.. للنصر أكثر من سلاح..(عمل غير عادي في ظروف غير عادية) سلاح.. الأطباء ضربوا مثلا (فعلا) وغيرهم من مختلف الفئات.. مما يبشر(فعلا) بالقادم، بإذن الله.
Comments are closed.