(حكاية من حلتنا) يكتبها آدم تبن: بأية حال عدت ياعيد

68

وصباح يوم العيد السعيد يختلف عن صباحات تلك الأيام فالفرحة والتهانى والسلام والمحبة والدعوات الصاحات عنوان يشرح الصدور ويعطى إنطباعا جميلا للأطفال والزوار بأن اليوم يوما سعيدا ، فالفرحة تعم المكان الذى كان بالأمس يشكى غياب الزوار وعبارات التهانى بالعيد السعيد تنطلق من أفواه القادمين فتسمع العيد مبارك عليكم وكل عام وأنتم بخير ، ويعود عليكم بالصحة والعافية، والعام القادم فى عرفات، وإن شاء الله تامين ولامين، والعفو والعافية وبالمقابل علينا وعليكم يتبارك ، وإن شاء الله ربنا يحقق الأمانى ، وعافين منكم ، وللشباب المقبلين على الزواج دعوات خاصة تبدأ سرا للشابات وسرعان ماتسمعها للشباب ربنا يديك بت حلال هدية ورضية ، وهكذا يوم لايكاد يخلو بيت من دعوة صالحة تزيد من متانة العلاقات الإجتماعية بين أفراد المجتمع ، وصباح العيد يتجمل بشاى الصباح بالزلابية أو اللقيمات كما تحلو تسميتها عند أهل الريف وقدامة الحلوى والكيك والبلح تجد لها موقعا وسط الجميع وتكون صيدا سهلا لأيادى الأطفال وجيوبهم وشنطهم التى يحملونها فى صباح العيد ، بجانب ألعابهم التى لايملون اللعب بها طوال النهار.

وحرب الخامس عشر من أبريل من العام الماضى تدخل عامها الثانى ، وتعود عيد الأضحى المبارك مرة ثانية ولايزال الناس يتمسكون فى مهاجرهم المختلفة داخل البلاد وخارجها بالصبر والأناة وطولة البال آملين فى العودة للديار التى غابوا عنها طويلا ، إلا أنهم بالتأكيد يثقون فى قدرة الله تعالى فى أن العودة لديارهم ستكون فى القريب العاجل ، فهى تحمل تفاصيل مختلفة ليوم العيد السعيد ، والعيد بالطبع يختلف عندما يكون الإنسان بعيدا من دياره أو وطنه الكبير أو الصغير، ولاشك أن البعض منا قد مر عليه العيد السعيد وهو بعيدا عن أهله ودياره ، فعندها تختفى أجمل اللحظات السعيدة من يوم العيد ، فتهانى الأهل وفرحتهم بالعيد لها طعم ومذاق آخر ونكهة ذات أبعاد لا يعرفها إلا من عاش لحظاتها ، فمن يقابلك مبتسما ويعانقك بالأحضان ويتمنى لك الخير فى دعواته ليس مثل الذى يمد يده من بعيد ملوحا بها وبصوت فاتر السلام عليكم كل عام وأنت بخير ، والعيد يأتى إلينا وتسبقه دعوات أهل البلاد بأن تنجلى الحرب ويتحقق السلام والأمان والإستقرار ويتسابق الناس للعودة الى ديارهم شاكرين وحامدين ربهم على ما أنعم وتفضل .

وبالتأكيد أن العيد يعود علينا وأغلب الناس ليس فى مقدورهم التواصل مع أهلهم إلا عن طريق وسائل الإتصال المختلفة التى قربت المسافات البعيدة، وهناك من لايستطيع حتى التواصل هاتفيا لإنقطاع الشبكات عن بعض المناطق لفترات طويلة ، وهم يحدوهم الأمل أن تحل مشاكل الإنقطاع كليا ، فهل تجتهد شركات الإتصال فى المعالجة وإيجاد الحلول العاجلة لترن أجراس الهواتف فى مناطقهم ويسمع أهلهم (ألو معاى منو) بأصواتهم المحبب؟ ، والعيد تختلف فرحته من شخص لآخر فهذا أمنيته أن يرى والديه الذى غاب عنهم لفترة طويلة وآخر يمنى نفسه بتقبيل مولوده الأول الذى ولد وهو بعيدا عنه، وآخر ينتظره أهله وأقرباؤه بفارق الصبر ليكمل مراسم زواجه الذى تأخر كثيرا ، وبين هذا وذاك يختلف طعم عيد الأضحى المبارك بين منطقة وأخرى فبعض المناطق تعيش فى سلام وأمان لايعكر صفوها شيئا، وأخرى تعيش فى حرب لاتغيب عنها أصوات السلاح إلا قليلا ثم لاتلبث أن تعود مجددا، تدخل الخوف والرعب فى القلوب ، إلا أن أغلبها تنقصها أكثر تفاصيل العيد فرحا وسرورا ولسان حال أهلها يردد مع المتنبي قوله (عيد بأية حال عدت ياعيد/ بما مضى أم بأمر فيك تجديد)، وكل عام والناس فى بلادى بخير وعلى خير وعيد سعيد وعمر مديد .

Comments are closed.