ميليشيا الدعم نحرت أم انتحرت

34

بقلم : زين العابدين صالح عبد الرحمن

استلف هذا العنوان من الكاتب فؤاد مطر في كتابه ” الحزب الشيوعي نحر أم انتحر” و ميليشيا الدعم استطاعت في وقت و جيز جدا أن تبني قوى عسكرية كبيرة بعد الثورة، و أسست العديد من شركات الاستثمار و الشركات التجارية، و شراء العقارات و المزارع في مناطق مختلفة في السودان،حيث فاقت مدخراتها و الأصول أكثر من خمسينمليار دولار، و إذا كانت فكرت تفكيرا عقلانيا كان يكون لها دور كبير في العمل السياسي الديمقراطي، إذا لجأت لتأسيس حزب سياسي، أو دخلت في حزب الأمة، و من خلال التمويل و أغلبية عناصر الميليشيا يتواجدون في مناطق نفوذ حزب الأمة، كانت بعد فترة قصيرة سوف تسيطر على هذا الحزب التقليدي، خاصة بعد التغييرات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي، و الحرب في العراق و سوريا، و ثورات الرايات الملونة في أوروبا الشرقية،فقدت العديد من الأحزاب الدول الصديقة، و الذين كانوا ممولين لتلك الأحزاب، إذا كان بالدعم المادي،أو من خلال تقديم المئات من المنح للدراسات في الجامعات، و تدريب المهنيين، و كلها كانت ادوات تستخدم في عملية الاستقطاب السياسي..

أن أبعاد يوسف عزت الماهري من وظيفة مستشار قائد الميليشيا، ليس هو إبعاد يتم مثله مثل ما يحدث في الخدمة المدنية، بل هو أبعاد تتحكم فيه العوامل السياسية من جانب، و أيضا العوامل العسكرية من جانب أخر، لكن ابعاد يوسف عزتجاء بعد تغريدته عن استبعاد الإسلاميين من مؤتمر القوى السياسية السودانية الذي كان قد عقد في القاهرة، و قال أنه إبعاد غير مبرر، إذا كان المؤتمر بالفعل يؤسس لبناء دولة و حقوق مواطنة.. و بعدها بأيام أصدر قائد الميليشيا بيانا عزل فيه يوسف عزت من منصب مستشار قائد الميليشيا، و طالب الجهات ذات الاختصاص بتنفيذ القرار.. إذا كانت تغريدة يوسف عزت الدعوة لعدم استبعاد الإسلاميين مرتبطة بالحل السياسي، أيضا كان الدكتور أنور قرقاش نائب وزير الخارجية الأماراتي الدولة الداعمة للميليشيا قد تحدث عن أنهم يسعون من أجل السلام في السودان و تسليم السلطة للمدنيين.. فالقضية غير مرتبطة بالتغريدة، و لكن بالتحولات التي تواجهها الميليشيا على الساحتين السياسية و العسكرية، خاصة إنها فقدت أغلبية القيادات التي كانت لها الكلمة المسموعة وسط عناصرها المقاتلة من جانب، و أيضا فقدت حالة التجيش الكبيرة التي كانت تتم من مناطق الحواضن من جانب أخر..

كان حميدتي كقائد للميليشيا يفصل بين العمل السياسي و العمل العسكري حتى لا تحدث المشاحنات بين قيادتيهما، رغم محاولات الخلط من قبل عبد الرحيم دقلو التدخل في العمل السياسي،و دائما كان يخطىء بسبب جلافة التعبير، و رغم غياب قائد الميليشيا من الساحتين إلا الكل كان لا يريد إثارة خلافات حتى لا يصبح السؤال أين القائد الذي يمثل القوة المعنوية للمقاتلين، كان المقاتلون كلما رفعوا فيديو بأنتصارهم في معركة يرسلونها هدية للقائد حميدتي و ليس لعبد الرحيم، هذه كانت تؤثر على عبد الرحيم الذي كان أكثر تواجدا في مناطق العمليات من القائد الغائب، و بعد أن طال غياب القائد بدأت التساؤلات وسط المقاتلين و قروبات الحواضن عن غياب القائد، كان لابد من إحداث تعديل يقدم عبد الرحيم لكي يصبح هو القائد الفعلي للميليشيا، الثاني بدأ ظهور سياسيين في الواجهة مثل حسبو عبد الرحمن، و هؤلاء لن يصبحوا في العمل السياسي تحت مستشار قائد الميليشيا الغائب، و هناك خلافات سياسية بين حسبو و عزت، و خاصة عزت يعتقد هو مهندس العملية السياسية التي قاربت بين حميدتي و مجموعة “قحت المركزي” و تحول حميدتي من مقعد العسكريين إلي مقعد مؤيدا ل” الإتفاق الإطاري” الذي يدعمه الاتحادي الأوروبي، و الذي له علاقة بحميدتي من خلال منع الهجرة الغير شرعية إلي أوروبا، و الثاني تأييد الأمارات التي تقف مع ” قحت المركزي” من خلال “الرباعية” و أيضا لها علاقة مع حميدتي بالاستثمارات في الذهب و غيرها، و سعى عزت أن يكون هناك علاقة وطيدة بين حميدتي و قيادات قحت.. كل تلك الإجراءات التي قام بها عزت اعتقد هو الذي يجب أن يحرك العملية السياسية للميليشيا..

أن مؤتمر القاهرة الذي غابت عنه الميليشيا من خلال عناصرها المباشرة، و كذلك الجيش يكون الدور السياسي للميليشيا غير مرحب به من خلال الدول الخارجية الداعمة للعملية السياسية، هو الذي جعل عزت يغرد تغريدته و هي رسالة  مقصدها يقول( بأن الميليشيا كان من الممكن أن تأخذ خطوة أكبر من ” تقدم” التي اعتبرت هي الجهة الوحيدة التي تمثل هذا الجانب الذي له علاقة بالميليشيا” و معلوم أن تقدم ليست هي ولادة طبيعية للتطورات السياسية و الاجتماعية، انما هي صناعة أماراتية بموافقة الدول الأخرى ” أمريكا و السعودية و الاتحاد الأوروبي و الاتحاد الأفريقي و الإيغاد” الذين شعروا أن قيادات ” قحت المركزي” فشلوا في إيجاد قوى شعبية تؤازرهم. و بالتالي جاءوا بحمدوك بحكم التأييد الذي كان قد وجده عندما أصبح رئيسا للوزراء، و لكن الحرب و الظروف الجديدة خلقتها جعلت شعبية حمدوك تكاد تكون معدومة وسط الشارع الذي ذهب تأييدا للجيش، هذا هو الأمر الذي جعل الأمارات تضغط على ” تقدم” الذهاب لمؤتمر القاهرة و تقبل الجلوس مع عناصر كانت ترفضهم من قبل، و هو الذي جعل الاتحاد الإفريقي لا يعطي أي اعتبار لشروط ” تقدم” بالحوار الذي عقد في أديس أبابا، مما يدل أن هناك العديد من المتغيرات في الساحة، و أن وضع الشروط للحوار السوداني سوداني أصبح غير مقبول مطلقا..

أن إقالة عزت كمستشارية لقائد الميليشيا هي بداية لصراع داخلي للميليشيا رغم أن عزت قال أنه طلب من القائد إعفائه نتيجة للترتيبات الداخلية الجديدة، و لا يريد أن يكون خاضعا لأوامر عسكرية،أو يصبح جزء من هياكل قوات ميليشيا الدعم السريع لأسباب يعتقد لم يحن ذكرها، أن ظهور قيادات جديدة تعني أن عبد الرحيم راغب أن يمكن العناصر التي يعتقد لا تجعل نفسها في مواجهة معه سياسيا أو عسكريا، لكنها نهاية التدهور للميليشيا باعتبار أن عبد الرحيم ليس بالقائد المرغوب فيه، في فترة بدأت تشهد تدهورا عسكريا و سياسيا للميليشيا، و قيادة عبد الرحيم المتسرع دون حكمة سوف ينحر الميليشيا أو يدفعها على الانتحار بسرعة.. نسأل الله حسن البصيرة..

 

Comments are closed.