الزين صالح يكتب: الهمس بين مريم المهدي وأمال جبرالله
بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن المراجعات في العمل السياسي؛ تعتبر من أهم المؤشرات التي تحدث تحسينا في المسير السياسي، أن كان للحزب و يشمل كل اقسامه، أو للفرد القائد في المنظومة الحزبية، والمراجعة لا تقوم بها إلا القيادات الواثقة من قدراتها المعرفية و الفكرية في الإصلاح و تطوير الأداة. و المراجعة من خلال المنهج النقدي تعتبر من أعلى مراتب مواجهة الذات، و الأحزاب التي تقوم بمراجعات دورية لأدائها من خلال منهجا نقديا دائما تصبح هي المصباح الذي يضيء للأخرين و يبين أين مكامن الخلل و توضح العوامل التي تشكل تحديا في المستقبل.
الغريب في الأمر؛ أن الحرب الدائرة في السودان و التي أكملت 15 شهرا، تجد أن القوى السياسية السودانية عاجزة أن تطرح حلا عبر تحالفاتها أو منفردا يؤكدوا فيه وجهة نظرهام للحل و يقدموه للشعب السوداني.. أغلبية القوى السياسية معتمدة على الخارج هو الذي يقدم الحل و المبادرات و هي فقط تذهب لكي تبصم عليها، بدأت بفكرة ” الاتفاق الإطاري” التي فشلتها القوى السياسة بإصرارها على تضيق ماعون المشاركة في اعتقاد أن الخارج سوف يفرض حكومة على الآخرين، و بعد الحرب بدأت تقدم تنازلات و تصر على وضع الشروط، و هناك قوى أخرى تحلق في السماء لا تريد أن تنزل لكي تتحاور مع الآخرين وصولا لتوافق وطني يساعد على الحل. هنا رؤيتين للحل الأولى تقدمها الدكتورة مريم الصادق نائبة رئيس حزب الأمة في لقاء أجرته معها قناة ” MBC” في برنامج ” يحدث في مصر” و الثاني قدمته أمال جبرالله عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في ندوة لفرعية الحزب في السويد.
قالت الدكتور مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة لقناة ” MBC ” و هي تبين رؤيتها للحل في السودان و وقف الحرب ( يجب وحدة القوى المدنية و الاعتراف بالكتل السياسية، و الجلوس حول مائدة مستديرة، وضرورة التنسيق بين المبادرات المطروحة جميعها و قالت أن التدخلات الخارجية تعبر عن تخوف لانتشار الحرب) قدمت القناة الدكتورة بأنها رئيس حزب الأمة، و من المفترض أن تكون رؤيتها للحل هي رؤية حزب الأمة، و لكن للخلافات داخل حزب الأمة، و استمرار حزب الأمة في تحالف ” تقدم” تصبح القضية معقدة، هل اعتماد الرؤية التي تقدمها الدكتورة بأنها رؤية حزب الأمة؟ أنما قالته الدكتورة مريم يختلف جوهريا عن رؤية ” تقدم” المعتمدة اعتمادا كليا على الإفكار التي يضخها الخارج.
كما أن تقدم لها تحالفا كانت قد وقعته مع الميليشيا في اديس ابابا كيف يتم التخلص منه؟.. أن رؤية الدكتور مريم الذي قدمته متطورة عن “تقدم” و هي ترجع الحل للمائدة السودانية دون أي إقصاء، و لكن “تقدم” التي يرأسها عبد الله حمدوك الذي تهرب من أسئلة الإعلام التي سألته عن رؤيته بتدخل الأمارات و مساعدتها للميليشيا تؤكد أن القرار ليس عنده.. أنما الرجل ينفذ أجندة مرسومة إليه، ويجب أن يقوم بتنفيذها.. هذه العقدة بين الواقع الماثل أمام الكل و بين رؤية دكتورة مريم، و هي رؤية جديرة بالمناقشة لكنها تصبح رؤية مريم و ليست رؤية حزب الأمة.. و هذه القضية إما أن يكون لحزب الأمة رؤية خاصة و بالتالي عليه مغادرة مقاعد تحالف ” تقدم” أو تعديل رؤية تقدم و تصبح الأحزاب قائدة للتحالف.
في الجانب الأخر قالت أمال جبر ألله عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في ندوة نظمتها فرعية الحزب الشيوعي في السويد، قال (أن الحزب يرى أن المخرج من الأزمة هو بناء الجبهة الشعبية لوقف الحرب و استرداد الديمقراطية حتى يكون وقف الحرب مستدام و السلام مستدام و يغير واقع السودان.. وأكدت جبرالله أن المخرج ليس حمل السلاح و الخضوع للقوى الرأسمالية و الإقليمية و العالمية التي تدعم أطراف الحرب و ليس في التخلي عن الأجندة الوطنية و عن مصالح الشعب) وأضافت أمال جبر الله (أن المفاوضات الجارية لن توقف الحرب لآن هناك هدف هو تطويل أمدها، و أن نوع الأجندة التي يتم مناقشتها ليست لإقاف الحرب أنما لهدنة تتشكل بها حكومة تنفذ برنامج موجود وليس خفي) أن إشكالية الحزب الشيوعي عجز أن ينزل للأرض لكي يرى الواقع بصورة سليمة ويستطيع أن يتعامل مع تعقيداته.. أما إذا ظل يتحدث الجبهة الشعبية العريضة كما تمسك من قبل بالجذرية دون أن يجد حليفا له غير واجهاته، سيظل بعيدا عن الحل المقنع للأخرين.
أن القيادة الاستالينية في الحزب الشيوعي يجب أن تعلم أن القوى السياسية التي ترفض أن تتعامل معها اليوم، هي المتوفرة الآن في الساحة السياسية، و لا يمكن تجاوزها، و لابد من الجلوس معها، والاتفاق على الحل السياسي الذي يرضي الجميع.. وإذا كان الذي جاء على لسان أمل جبرالله هو أخر ما في جراب الحزب، أصبح عليه طريقا واحدا أن يبحث عن الديمقراطيون الثوريون ويتحالف معهم لإعادة 25 مايو.
أما محاولة تغبيش الوعي عند الجماهير، بإطلاق مصطلح الثورية، يجب أن تعلم الجماهير أن الثورية التي ينادي بها الحزب الشيوعي ليست هي ثورة ديسمبر، أنما هي قوى البوليتاريا التي يجب أن تقوم بالثورة ضد الرأسمالية لكي تنتزع منها وسائل الانتاج، وتقيم ديكتاتورية البوليتاريا، هي ثورية ليست لها أي علاقة بالديمقراطية، أنما ثورية لها علاقة بالمادية والصراع الطبقي لديكتاتورية جديدة مدنية.. يجب على الزملاء أن لا يكونوا حجر عثرة في طرق الحلول ووقف الحرب وإعادة بناء الوطن. ويجب الاتفاق مع الزملاء بمنع كل الدول التي تريد مد أرانب انوفها في الشأن السياسي السوداني الداخلي.. نسأل الله حسن البصيرة.
Comments are closed.