د.عبدالسلام محمد خير يكتب: كردفان التعليم والإعلام.. والسلام

75

جدل حول صياغة الخبر أضاع فرصة للفرح بشيء تهيأت له أنفس جريحة.. (فأل الله ولا فألهم) لسان حال.. أمر السلام غلاب بإذن الله.. تحكمه الأصول.. السودان بإرثه ليس منتظرا منه أن يتقبل ما ليس متوافقا مع أصوله وأمجاده ومزاجه العام (شعب وجيش) عين على مصلحة البلاد العليا.. تضحيات المواطن سيدة الموقف.. الوفاء لأرواح الشهداء دليل السلام متى جاء، بإذن الله وله الحمد وعلى رسوله المصطفى السلام.

(أعقلها وتوكل).. الأفعال لا الأقوال، الكل يحدث بها نفسه، وتحدثه.. من حيث ندرى ولا ندري تطل بشريات عبر أخبار تتلاحق على نهج (أن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام).. ما يجدي من الأفعال متاح، تجليات (الجيش الأبيض)، إعادة التعمير، إنتعاش الأسواق، تفقد المتضررين – والي الخرطوم مثالا، مبادرات رجال الأعمال – محجوب إخوان مثالا، ثم (الدوحة) في بورتسودان.. القائمة تتمدد بتجلياتها لتتسع على الراصد.. بينما الأنظار متجهة شرقا لاحت غربا دلائل لسلام قادم بإذن الله، ومن أكرم الأبواب (التعليم).

بوادر السلام تشرق من جهة أخرى ظلت موعودة بخير.. كشفت الكاميرات عن إحتشاد مهيب.. معلمون ومعلمات، طلاب وطالبات، في مشهد صباحي مهيب يتصدره الوالي وأركان الولاية وطاقم التربية.. تلاحقت الدموع ملهمة.. رسائل تعليمية وطنية مؤثرة انطلقت كالحمائم في فضاء كردفاني صحو لتجسد معاني بداية أول عام دراسي بعد الحرب عبر نداءات أفئدة بريئة تهفو للسماء- اللهم تقبل الشهداء، إشف الجرحى، أجمع شمل المفقودين، وأنصر وطنا شهرة شعبه أنه أبي.

الخبر مصور (شمال كردفان تفتح المدارس بكل شوق وعزيمة) – الأحد 12 يوليو 2024 ، مدرسة النهضة الثانوية بنات، الأبيض.. مديرة المدرسة، الأستاذة سارة أحمد صالح أعربت عن سعادتها بإستئناف الدراسة للصف الثالث 2023 وأكدت إستعدادهم التام لإستئناف العام الدراسي ومواصلة العملية التعليمية.. المشهد يحتشد بأجواء كردفانية ألفناها قبل الحرب ملهمة بالوسطية والتعايش.. تجلت على الشاشة حالة طارئة (السودان يتعافى من الحرب)..الناجون يتعانقون ويدندنون بشجن ودود.. يوثقون بدموع طروبة (ما طالما في الروح نفس.. عزة وطن محال تموت).

مدير مدرسة إسماعيل الولي بنين من جانبه أكد العمل مع حكومة الولاية لإستمرار العملية التعليمية.. الوزير المكلف، الأستاذ وليد محمد الحسن أعلن أن الوزارة حريصة على إستمرار الدراسة ومستقبل الطلاب رغم ظروف الحرب.. الوالي الأستاذ عبدالخالق عبداللطيف شكل حضورا بهيا بليغا، حوله أعضاء حكومته ولجنة أمن الولاية وأقطاب التربية.. خاطب الوالي الحشد بشوشا مطمئنا داعيا الطلاب للإنتظام والمثابرة.. عثرت على ملامح لخطابه على المنصات (نبض السودان).. اللهجة قومية والرؤية إستراتيجية.. تصورت أنها حكومة ناطقة بإسم السودان كله في هذه الآونة.. ملمح للخطاب العام بعد الحرب.. (كردفان) ظلت مؤهلة لمقام قومي جامع لأهل السودان.. المشهد يحفز التواضع حول ما يجمع الولايات في حمى سلام مرتقب مدخله (التعليم) وخطاب ولائي طابعه قومي يتدثر بروح القرارات والأفعال، وهذه بعض ملامحه:

أولا: دعم الولاية لجهود إستئناف الدراسة.. ثانيا: تأكيد إهتمام الدولة وحكومة الولاية بالعملية التعليمية.. ثالثا: تسخير الإمكانات للتعليم والدفع بمسيرة الطلاب..رابعا: ضرورة محاربة إفرازات الحرب بالعلم والمعرفة.. خامسا: التحية للمعلمين والمعلمات على إمتداد البلاد تقديرا لمجهوداتهم الكبيرة.. سادسا: طمأنة المواطنين بأن الولاية حريصة على أمن وسلامة الطلاب.

هكذا تحدث الوالي، كأنه يخاطب البلاد بأسرها في هذه الظروف.. إنساب خطابه قوميا جامعا مبشرا بالسلام من مدخل التعليم والوسطية والرؤى القومية لولاية عرفت بأنها وسطية الهوى والمزاج، تلقائية التعايش.. (كردفان).. دور رائد منتظر قرين السلام.

أخبار الولايات تترى عبر إعلام في (حالة سلام).. التلفزيون القومي، (الزرقاء)، وكم من فضائية ولائية وإذاعة ومنصة.. الأحداث تتوالى طازجة عبر مراسل فدائي، ضمن مكتب إعلام صامد والحرب دائرة، عينه على سلام تلوح ملامحه بعزة.. فيديوهات ترى العودة رأي العين (الخلى البيت يرجع بيته.. ويقول جيت بلدي الحبيتو).. تمضي القصيدة رائعة، لثنائي آخر رائع يؤجج (حب الوطن) والماضي المجيد وسلام مرتقب عن عزة.

.. (يا سلام)!.
الشاعر إسماعيل حسن إتخذها عنوانا يوم أتحف الكون برائعته (وا أسفاي لو ما جيت من زي ديل.. وأهل الحارة ما أهلي).. بقيت المفاخرة مستمرة (يا سلام)!..(يا سلام)!.. تجلت الآن فى طابور الصباح فداهمنا إحساس بأن السلام قادم بإذن الله (من زي ديل)- لا غير..إن المفاخر مستمرة، (ديل) وكردفان وتعليم وإعلام، والسلام.. هذه التداعيات أبقتنا في سيرة ولاية تتمدد وشائجها وسجايا سكانها.. للأمر إيحاءات بلا هوادة .

كردفان؟!.. مثال لما تميزت به الولايات أيام الحرب، بأفعالها.. ولكل ولاية أن تتلمس دواخلها وما خرجت به من الحرب للسلام وبه تميزت.. هناك من يراقبون حراك الولايات عبر الشاشات فتبهرهم (المواقف الوطنية) المنسجمة مع نداءات أمجاد البلد (جدودنا زمان وصونا على البلد).. شخصية حكيمة ما أفلحت الحرب في أن تحول بينه وما يحدث في وطنه حدثني فخورا بما يعتبر شهادة في حق ولايات أحسنت التعريف بمناقبها أيام الحرب من خلال مواقفها وما تجلى من أخبارها على الشاشة.. إن الإستئناس برأي الرموز الحكماء يظل ملحا، حربا وسلاما.. هذه سانحة لإشاعة (ثقافة الإحتفاء بالأمكنة والرموز).

إن تحسين (الأداء العام) يستدعي الرجوع للحكماء وتعميم ما تميزت به كل ولاية (درءا للحرب، تعزيزا للصف، وتوطيدا للسلام).. دول عديدة فعلت ذلك.. الصين بعد الحرب إستجارت بفكرة (الثورة الثقافية) كترياق لآثار الحرب، فإستنهضت همم أهل الحكمة والإبداع بشعار (دع ألف زهرة تتفتح).. وكم من أمثلة (عملية).. من بكين أخذونا لنتعرف على تجربة عنوانها (تعلموا في الزراعة من تاجاي).. و(تاجاي) هذه قرية ضربت مثلا في الإعمار ذاتيا بعد الحرب..أهل الصين وغيرهم يقدمون للعالم نماذجهم بكل فخر.. نحن لماذا لا؟!.

كردفان مؤهلة لتقديم ما هو سوداني جدير بالترويج.. تواترت خواطر لزيارات بين الأبيض وكادقلي، هيبان، الفولة، بارا، والنهود.. تطالعك وشائج قومية غلابة ، سودان يتراءى عبر نسيج إجتماعي متجانس بالفطرة.. كم من رموز وقادة إرتبطوا بتاريخ البلاد وحاضرها وعلو شأنها عبر البرلمان ومدارج الدولة.. (طقت) مثال لإنفتاح التعليم وقومية المزاج .. وإعلام إقليمي عزز القومية بنجوم حداة فى الإذاعة والتلفزيون، الثقافة والفنون والرياضة، وصحافة إقليمية بلا منازع.. أهل كردفان (ناس فاهمين) يمشون بين غيرهم بهداوة، يألفون ويؤلفون.. سيرة مقامها موسوعة.. و(يا سلام)!.

Comments are closed.