مئات من اليمين الإسرائيلي بينهم نواب ووزراء يهاجمون قواعد عسكرية

30

رصد:(صحوة نيوز)

لم تكد إسرائيل تفيق من صدمتها من الهجوم الشرس الذي شهدته ثلاث قواعد عسكرية للجيش وللشرطة العسكرية، حتى قامت مجموعة كبيرة من نشطاء اليمين تقدر بالمئات، ومعهم نواب ووزراء من حزبي الائتلاف الحاكم، «الليكود» بقيادة بنيامين نتنياهو، و«الصهيونية الدينية» بقيادة بتسلئيل سموترتش وايتمار بن غفير، طيلة الليلة الفائتة، بالاحتجاج على التحقيق مع جنود مشتبه بهم بممارسة التعذيب الوحشي مع أسرى فلسطينيين، وطالبوا بإقالة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، وسط تشجيع من مختلف القوى السياسية والشعبية.

وقال الجيش الإسرائيلي، في إحاطة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، إنه اضطُرَّ إلى «تعليق مناقشات حول العمليات التي يعدها في الجبهة الشمالية ضد «حزب الله»، للرد على قصف بلدة مجدل شمس، وإن رئيس الأركان، هليفي، هُرع إلى مواقع الهجوم، وقرر تحويل «قوات كانت تنفذ مهام دفاعية عملياتية في الضفة الغربية لتعزيز القوات في قاعدة بيت ليد بدءاً من الثلاثاء». وقال هليفي نفسه إن «وصول مثيري الشغب ومحاولات اقتحام القواعد هو سلوك خطير يصل إلى حد الفوضى، ويضر بالجيش وأمن الدولة والمجهود الحربي»

من يسميهم هليفي بمثيري الشغب هم نحو 2000 شخص من النشطاء السياسيين والمحترفين الحزبيين الذين فجَّروا العداء والكراهية ضد الجيش باعتداءات جسدية على الجنود، وتنفيذ أعمال تخريب في المباني. ومع أن القضية التي رفعوا لواءها هي ما سموه «الغضب على الشرطة العسكرية التي تدافع عن حماس»، فإن المسألة الحقيقية تكمن في حملة التحريض الأرعن لليمين على قادة الجيش وغيره من الأجهزة الأمنية. فعلى الرغم من كل ما تقوم به هذه الأجهزة من عمليات حربية عدوانية جنونية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والحرب في لبنان، فإن اليمين يتهمها بأنها «جبانة… تخلت عن عقيدة القتال والاشتباك والإقدام». وهناك من يتهم هذه القيادات بأنها علمت مسبقاً بهجوم «حماس»، لكنها لم تفعل شيئاً لمنعه، على أمل أن يؤدي ذلك إلى سقوط حكومة نتنياهو. وقد كان الإسرائيليون يستخفون بهذه الرؤيا، ويعدونها «هوس عقلية المؤامرة»، إلا أن الوزير بن غفير عاد ليتحدث عن هذه المؤامرة في رسالة وجهها، الثلاثاء، إلى نتنياهو يطلب منه فيها أن يفحص إذا كان غالانت، وزير الدفاع، وقادة الأجهزة الأمنية قد علموا بهجوم «حماس» مسبقاً، ولماذا لم يمنعوه.

كانت القضية التي فجرت كل هذه الضجة تتعلق بالأنباء التي انتشرت في أوروبا حول تعذيب الأسرى الفلسطينيين في سجن «سدي تيمان» القائم في قاعدة عسكرية إسرائيلية في النقب. فقد وصلت معلومات عن تعذيب رهيب ومنهجي ضد معتقلي «حماس»، أدى في بعض الأحيان إلى موت الأسير أو تحطيمه نفسياً وجسدياً من جراء اعتداءات جنسية وجسدية مختلفة. وقامت مؤسسات حقوقية في بريطانيا بإرسال وفود وإعداد تقارير عن هذه الجرائم، ما اضطر الشرطة إلى فتح تحقيق. وقالت الشرطة إنها تفعل ذلك لغرض حماية ضباط الجيش من محكمة الجنايات الدولية التي يمكن أن تصدر أوامر اعتقال ضدهم. لكنها تمتنع عن ذلك في حال القناعة بأن إسرائيل تقوم بإجراءات قضائية.

.

وحاولت الشرطة العسكرية اعتقال 9 جنود مشتبه بهم ممن يخدمون في معتقل «سديه تيمان»، مساء الاثنين. وحضرت قوة من الملثمين، فتصدى لهم الجنود. وبدا أن جهة ما في الشرطة سربت أمر الاعتقال قبل وقوعه، فحضر مئات النشطاء في اليمين للاحتجاج، دفاعاً عن الجنود المتهمين، مطلقين عليهم لقب «أبطال». وخلال ذلك اعتدوا على جنود آخرين حاولوا منع الفوضى. ثم قام نحو 1200 شخص آخر من قوى اليمين بمهاجمة مقر المحكمة العسكرية الواقع هو أيضاً في قاعدة بيت ليد العسكرية في أواسط البلاد. وقد بدا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية فقدت السيطرة على الموقف، خصوصاً بعدما انضم إليهم وزراء ونواب. وكشف أحد قادة الشرطة أن القيادة العليا تلقت أوامر بتجاهل الموضوع وتركه لمعالجة ضباط صغار دون تجربة.

بدا أن الأمر الجوهري الكامن في حقيقة وجود تعذيب رهيب وجريمة اغتصاب صعق منها الأطباء اليهود الذين عالجوا الأسير الفلسطيني، تحولت إلى قضية ثانوية. الأمر الذي جعل صحيفة «هآرتس» تتساءل: «هل تعلمون أنكم تدافعون عن مرتكبي جريمة اغتصاب؟ وأن من يغتصب فلسطيني اليوم سيغتصب يهودياً غداً؟ وأن من يعتدي على فلسطيني سيعتدي على إسرائيلي؟». وقالت: «لقد تبين أن سديه تيمان منشأة تعذيب بشكل واضح، تحدث فيها أمور فظيعة جداً. الشهادات التي بدأت تصل من أشخاص يخدمون في هذه المنشأة أو من الذين تحرروا منها كانت شهادات فظيعة. ظروف اعتقال غير إنسانية، تنكيل حقيقي بما في ذلك التحرش الجنسي، والاعتداء الجنسي القاسي، ومنع النوم، وإسماع موسيقى بصوت عالٍ فترة طويلة، وعنف جسدي قاسٍ. ليس عبثاً أن سديه تيمان حصلت على لقب «غوانتنامو إسرائيلي». 4 آلاف معتقل تم إحضارهم إلى إسرائيل منذ الغزو البري في غزة، وأكثر من 40 في المائة منهم تم إطلاق سراحهم وعادوا إلى القطاع. المعنى هو أنهم لم يكونوا من مقاتلي «حماس». وبناءً على ذلك فإن وجودهم في المنشأة والتعذيب الذي تعرضوا له كان دون أي مبرر «أمني». في الأصل لا يوجد ولن يوجد مبرر أمني للتنكيل السادي الذي يتهم فيه الجنود الذين تم اعتقالهم الآن من أجل التحقيق معهم.

واختتمت تقول: «إسرائيل تعيش لحظة حاسمة، يجب عليها فيها التقرير هل هي دولة ما زال يوجد فيها سلطة قانون أو أنها دولة تحكمها كتائب مسلحة من اليمين الاستيطاني، تهب للدفاع عن الجنود حتى عندما يتم الاشتباه فيهم بارتكاب جرائم صادمة وليس لها أي مبرر أمني، وإلا فإن الرسالة التي سنرسلها للعالم هي رسالة واحدة، وهي أن إسرائيل لا تريد وهي غير قادرة على التحقيق مع نفسها. من هنا فإن المسافة إلى إصدار أوامر اعتقال وفرض عقوبات وعزلة دولية ستكون قصيرة جداً».

Comments are closed.