د.عبدالسلام محمد خير يكتب: عطر جوالك بها.. وإحتفل

171

بشركم الله، ربيعان لا واحد.. كل عام وأنتم بخير.. كثيرون يستبشرون فيتجاوزون أطوار الزمان والمكان لتتجلى الذكرى سلوكا مقيما.. نعم، بإستصحاب روح السيرة المطهرة في كامل الحياة.. ماذا يمنع؟!..ظهر من يقول لك واثقا إن الأمر متاح، بل بين جنبيك.. في جوالك هذا الذى بين يديك!.. فقط عليك به..عطره بالصلاة والسلام على رسول الله بنية الإنتساب لفيض(المعية) والعمل بسيرته، وتحري مناقبه، صلى الله عليه وسلم..

لقد خطر لي هذا مما أفاضت به (الأسافير) هذه الأيام على شرف الذكرى فكأنها البديل لخيام (المولد) التي ألفناها وقد (أعلنَّ الهيام) – كما يشدو (كابلي) متضامنا مع (المجذوب) لنفهم السر(رب أرسلت يتيما.. قام بالحق رحيما..قد ذكرناه، فهل نذكر من أمسي عديما؟)!.. كم من تجليات وروايات عن(سيرته) عليه أفضل الصلاة والسلام.
الآن جوالك (سرادقك).. وهذا ما حدث!..

بينما الجميع يتابعون حديث المنبر إذا بنغمة مدهشة تنطلق تعم الأجواء..نغمة لا ككل النغمات..كان قد فات على صاحب الجوال أن يجعله في الصامت وهو يدخل المسجد، فإنطلت النغمة كالبشرى (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع.. وجب الشكرعلينا ما دعا لله داع).. يا للبهاء!.. تهللت وجوه الحضور مستبشرين بهذا التوافق العجيب بين نغمة مفرحة على الجوال وكلام مكتوب على المنبر..براعة الخطاب ماثلة في تلاقي الصوت والصورة.. غشت الناس موجة من الإستبشار أوحى بها جوال.. مدينة المصطفى تراود أشواق من هم (على الهبشة)..اللهم أوعدنا، رددوها في دواخلهم، وصلوا عليه وسلموا.. فريضة داخل فريضة.. بشرى لهم، ولنا بإذن الله وقد كنا حضورا – عابري سبيل.

مشهد لا ينسى .. تذكرته الآن والجوال يتصدر، وقد (أطفئت) السرادقات هذه السنة وسابقتها، لا قدر الله لثالثة .. نغمة (طلع البدر علينا) قريبا من المنبر كانت براءة للجوال من مآخذ ليس طرفا فيها.. خرج الناس يتساءلون – العلة فينا أم في جوال نقتنيه وصفحاته ناصعة؟!. الجدل يشتعل..إضافات الجوال تتجلى (أيام المولد) في عام موحش بلا سرادقات حفية عهدناها تمجد سيرة المصطفى بشتى (الطرق)..

داعية شهير، الدكتور عمر عبد الكافي، إنبرى بقوة يكشف كوارث الجوال (مس أخلاق الرجال، خدش حياء القوارير، أشاع أخبارا وأفكارا مشبوهة، أباح محرمات، روج لسوء الظن، دمر أنفس نقية).. عالم جليل يطمئننا بأن هناك مناصحون قلوبهم على الأجيال (أنت تكتب والملائكة يكتبون)..(تواصل بصدق، إستخدم الجوال لا تجعله يستخدمك، إجعله حجة لك لا عليك، كن كالنحلة لا تقف إلا على الطيب، لتعطي طيبا)..هكذا أفاض حادبون نهجهم (الدين النصيحة)..المعاملة (بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)..

فى الأمر نداء – إغتنموا فرص الإحتفال بالمولد لتنجوا من عواقب سوء الظن ورعونة المعاملة.. جددوا نفوسكم بالسيرة المطهرة (التراحم) ، (الصدق)، (الأمانة) – وصلوا عليه الصادق الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، تدرككم عناية الله، ينجلي الغم..كلام مجربين.
الإحتفال بميلاده صلي الله عليه وسلم سنويا، في الميادين والمساجد و(البيوت) ظل مألوفا.. المرتجي أن يكون سلوكا، الكل يتمني ذلك.. وبالإمكان أن يكون..إعمارا للنفوس بسيرته، صلي الله عليه وسلم.. وبالأذكار والتناصح..

إن خلاصة الرسالة من وحي التواصل هي إن(المولد) ضالة الأمر الواقع والنجاة من تبعاته.. يراد له أن يكون إحتفالا يغشى بروحه كل الأمكنة والأزمنة، يلامس الأنفس التي عكر صفوها تلاحق الأزمات.. لا فكاك إلا بالإقتداء بالسيرة المحتفى بها.. سيرة من بعثه الله (لأتمم مكارم الأخلاق).. جعل الصلاة عليه رحمة ومحبة: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ) – آل عمران..

عبادة بدأها جل وعلا بنفسه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) – الأحزاب .. فضلها عظيم، كما ورد.. تزيل الهموم، تعين علي غفران الذنوب – (الحديث).. أهل العلم ينصحوننا في(القروبات) ترغيبا لمن فاته العلم بها في المدارس والمدرجات: صلوا عليه وأسالوا الله من فضله، ثم صلوا عليه، فالمولي عز وجل يقبل الصلاة علي رسوله، و(ما بينهما) مقبول بإذنه تعالي.

ذكرى خيرها عميم، وقريب ..إفرد جوالك حيث كنت وإحتفل بما إدخرته فيه من طيب القول بدء بالصلاة على رسول الله، توسلا به لله تعالي المتكفل بإستجابة الدعاء (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).. وطمأنكم وله الحمد (فَإِنِّي قَرِيبٌ) – البقرة.. ماذا ننتظر؟.. داعية (جوال) بين يديك، طوع أناملك، يتعهد بأن يذكرك، مادمت تعهدته بخير الكلام.. وما دمت عطرته بذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله ..

هذا إستبشار تلقاء إقبال الناس هذه الأيام في(قروباتهم)على المبشرات والنفحات وما حفلت السيرة النبوية المشرفة من مواقف تعزز الأنفس وتزكي الثمرات.. إن علم العلماء أصبح قريبا من الناس عبر تقنيات العصر..هي سانحة لرد الإعتبار لجوال تحتضنه أيد تتوضأ صباح مساء.

إستوقفني ما طالعتنا به (القروبات) من (سيرته) صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).. خلق يهدي إلي طاعة عن معرفة.. تعجبت لظهور دعاة جدد يتصدرون الأسافير بطرح معرفي جديد قوامه تجليات السيرة وأسرارها..

وتعجب أكثر لشباب من الجنسين يذكرونك بتفاصيل (خطة الهجرة) – التوقيت والصحبة.. مشهد (أُمُ مَعبَد) وهي تتجلى في وصف نبي الهجرة يوم غشاها في طريقه إلى يثرب التي أصبحت (المدينة المنورة) – على جامع كلمة أهلها على تقوى من الله ورضوان الصلاة والسلام..أخلاق النبوة ظلت قوام دستور الدولة المنجي، معززة لصف الأمة الصامدة، في عصر(الأسافير) هذا وإلى يوم الدين.

أهل العلم يقولون – التأدب بأخلاقه طاعة مفرحة، ونجاة أبدية (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) – الأحزاب.. أساس ذلك حسن (الإقتداء).. وسبيله حسن الإتباع لمن مدحه ربه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) – القلم.. العلم بذلك واسع، سعة فضاء مفتوح على المعرفة بالدين كوسيلة لإصلاح الحياة.. وجب الإختصار.. فأن (نحتفل) معناها أن نحيط بسنته ونطبقها في سلوكنا (صَلُّوا كما رَأَيْتُموني أُصلِّي).. ( خذوا عنِّي مناسِكَكم).. أن نتعرف علي صفاته ونتحلي بخلقه (القرآن)..

يحدثونك عن حاجة الحياة للسيرة، الصدق، الحلم، الأمانة، الشجاعة، الكرم، النزاهة.. ويزيدون :(ومما زادني شرفا وتيها.. وكدت بأخمصي أطأ الثريا.. دخولي تحت قولك يا عبادي.. وأن صيرت أحمد لي نبيا).
صلى الله عليه وسلم..

كل ثانية وأنتم بخير.. تنعمون بحسن الإتباع لخير الأنام، المبعوث رحمة للعالمين.. حفظ الله البلاد وجيشها وأعز أهلها وتقبل الشهداء وشفى الجرحى ورد المفقودين وأعاد من نزحوا إلى ديارهم آمنين مطمئنين حامدين.. وصل اللهم وسلم على صاحب الذكرى عليه أتم الصلاة والسلام.. ثم الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم.

Comments are closed.