(بعد ..و ..مسافة) مصطفى أبوالعزائم: واشنطن.. أقوال تناقض الأفعال!
الحديث العاطفي في عالم السياسة والذي لا يتبعه فعل لن يتجاوز مرحلة أنه (كلام) ، وهذا هو حال الإدارة الأمريكية منذ أن بدأت علاقتها بالسودان في أعقاب سلطة الإنقاذ عام 1989م ، وقد إنقلبت “واشنطن” نفسها على صداقتها مع نظام الرئيس الراحل جعفر محمد نميري – رحمه الله – بعد أن أعلن تطبيق الشريعة الإسلامية في سبتمبر عام 1983م ، وقد كانت العلاقة بين نظام الرئيس “نميري” والإدارة الأمريكية (سمناً على عسل) إلى ذلك التاريخ، بل وحدثت تحالفات في مواجهة بعض الأخطار (الإقليمية) التي كانت تهدد المصالح الأمريكية، التي هي مصالح “إسرائيل” بالدرجة الأولى، فكان هناك عداء بين وواضح بين “الخرطوم” و”أديس أبابا”، خلال حكم الدرك الذي يقوده “منقستو هايلي ماريام”، وبين “الخرطوم” و”طرابلس” إبان حكم العقيد “معمر القذافي” إلى الدرجة التي أدت إلى أن تسمح “الخرطوم” بإستخدام الأراضي والفضاءات السودانية لتحليق طائرات التجسس الأمريكية المتقدمة (الإيواكس) رصداً لتحركات الجيش الليبي (المزعجة) في كل المنطقة، لكن (شهر العسل) سرعان ما إنتهى بإعلان الرئيس “نميري” لتطبيق الشريعة الإسلامية، فتم حصار غير معلن ضد النظام، إلى أن سقط في هبة شعبية قوية في السادس من أبريل عام 1985م .
قبل نحو ثماني سنوات قال “جيري لانير”، القائم بالأعمال الأمريكي بعد إنتهاء فترة عمله بالسودان آنذاك، إن “واشنطن” ترهن تطبيع علاقاتها مع الخرطوم بإنهاء الحرب في “دارفور” والمنطقتين.
القائم بالأعمال الأمريكي السابق لم ينس أن يضيف بعض (البهارات العاطفية) لحديثه بالإشادة بالزيارات التي تقوم بها منظمات شعبية وبعض ممثلي الإدارة الأهلية وعدد من رجالات الطرق الصوفية لـ”الولايات المتحدة الأمريكية”، لأن تلك الزيارات – حسب ما قال – تعكس رسالة واضحة عن تسامح الشعب السوداني .
جميعنا يعلم أن الحظر الأمريكي على السودان أدى إلى نتائج وخيمة تضرر منها شعب السودان قبل أن تتضرر منها الحكومة، وقد تمثل ذلك جيداً وبوضوح في مجالات (الصحة) و(التعليم) ، وفي (قطاع النقل) الذي فقدنا فيه طائرتين (بوينغ) واحدة بالحريق والثانية بالسقوط، وفقد الشعب السوداني سمعة ناقله الجوي الذي ظل محلقاً منذ العام 1945م بسبب الحصار ومنع قطع الغيار .
كانت آثار الحظر كبيرة وخطيرة وظاهرة، لكن أهم نتائج الحظر الأمريكي هو نظرة المواطن السوداني للبيت الأبيض وللإدارة الأمريكية التي باتت تمثل له نموذجاً للظلم والتعدّي.. ومصادرة حق هذا الشعب الكريم في العيش الكريم.
تضرر السودانيون كثيراً، وتأثرت البلاد بسبب تلك المقاطعة الظالمة والحظر المقيت، لكن – في ما يبدو – أن أكثر الناس لا يعلمون أن الله أكبر من كل كبير وأعظم من كل عظيم .
لا تلوح في الأفق بارقة أمل بأن ترفع “واشنطن” ظلمها عن السودان الذي يرفض أهله الخنوع والخضوع والاستسلام لسلطان الظالمين.. وكما قيل قديماً “العبد حرٌ ما قنع.. والحرُ عبدُ ما طمع”.
sagraljidyan@gmail.com
Comments are closed.