عندما تدير دول الخارج ظهرها
بقلم:زين العابدين صالح عبد الرحمن
قال نابليون في حملته على الشرق الأوسط ،أننا نقدم المال للبعض لخدمة أهدافنا، و لكننا لا نثق فيهم مطلقا لأنهم عاهدوا أنفسهم أن يكون مع الذي يدفع أكثر.. رغم تاريخية المقولة لكنها تظل باقية مادامت هناك للدول تريد أن تنفذها و تجعل البعض في خدمتها.. و كذاب من يقول أن الخارج بدأ تنفيذ أجندته بعد سقوط الإنقاذ في 11 إبريل 2019م ، و لكن بدأ الخارج يستعد لتنفيذ أجندته الأخرى عندما شعر بالتراخي من قبل محاوري الإنقاذ في عدم التمسك بوحدة الوطن كإستراتيجية في الحوار، في مقابل الاحتفاظ بالسلطة.. و عندما بدأت قيادات في الإنقاذ تصدع برؤيتها من أجل الإصلاح، و جاءت انتخابات 2015م التي أحجم الشعب للذهاب للإدلاء بأصواتهم طوعا في صناديق الاقتراع، شعرت الدول الغربية أن الإنقاذ بدأت تفقد الركائز الشعبية التي تستند إليها، ثم بعد ذلك بدأت تعلو دعوات الإصلاح داخل الحزب الحاكم، و خرجت المجموعة التي كونت ” الإصلاح الآن” و زادت الأصوات التي ترفض ترشيح عمر البشير لولاية أخرى عام 2020م…
بدأ الغرب في تهيئة المسرح السياسي لمجموعات كان قد قدم لها الدعم من خلال عمل العديد من الورش في كمبالا و نيروبي، و تتم فيها الدعوة للمشاركة تحت رايات مختلفة و شعارات مختلفة، باعتبارها ورش الهدف منها هو رفع القدرات و إكساب مهارات جديدة في إدارة الصراع و القيادة و غيرها، و تعددت منظمات المجتمع المدني التي تقدم مشاريع لعمل ورش و تدفق الدعم الغربي.. و استطاع الغرب أن يتدخل في إدارة الشأن السياسي بصورة مباشرة في العملية السياسية، من خلال الرباعية و البعثة الأممية، ثم يقدم المبادرات.. و عندما بدأت تعلو أصوات رافضة للتدخل الأجنبي المباشر في الشأن الداخلي اتهموا بأنهم عناصر النظام السابق، بهدف التخويف و الإرهاب الفظي.. المقولات التي تستخدم كتبرير للفشل..
كا، الغرب يحاول أن يقدم المجموعات التي صرف عليها في العديد من الورش التي أقيمت قبل سقوط النظام، و كان المجموعة التي تسمى ” جماعة المزرعة” هي التي أوكلت لها منذ عام 2012م عملية بناء منظمات من الشباب، و هي التي استطاعت من خلال هذا الدعم أن تكون عدد من التنظيمات الشبابية، و استعانت بقيادات كانت تنتمي في الجامعات لتنظيمات ” الطلاب المستقلين و المحايدين” و هي التي كانت قد نفذات انتفاضة سبتمبر 2013، كأول تجربة لها في الصراع المباشر مع النظام، و أختبار لقدرات القيادات في عملية الحشد و التعبيئة، و بالفعل عندما قامت ثورة ديسمبر أول ما فعلته الولايات المتحدة أنها رفعت عملية التمثيل الدبلوماسي من قائم بأعمال إلي سفير في الخرطوم، بهدف إدارة معركتها السياسية، و أيضا تم تغيير السفير البريطاني، و تحول الدعم من دعم غير مباشر بواسطة تنظيمات مدنية إلي دعم مباشر..
الآن تأكد للغرب أن تجربتها قد فشلت تماما، منذ إندلاع الحرب في 15 إبريل، عندما طلب السفير البريطاني من بعض قيادات ” قحت المركزي” الذهاب للقاهرة لأنها أصبحت محور العملية السياسية، و بالفعل جاءت قحت و عقدت مؤتمرها السياسي و أخرجت بيانها الذي تحدثت فيه بتوسيع قاعدة المشاركة في الحوار ما عدا المؤتمر الوطني، و لكنها فشلت على البقاء في القاهرة لإدارة الصراع من هناك، الأمر الذي جعل الغرب يتأكد أن هذه القيادات قد استنفذت أغراضها، و ليست قادرة على إدارة الصراع لذلك جاءت بقيادات جديدة تحت تحالف جديد بإسم ” تقدم” و فشلت تقدم تماما في إدارى الصراع عندما وقعت الإعلان السياسي مع الميليشيا، الذي جعلها بمثابة الجناح السياسي لها.. و فشلت في عقد أية لقاء مع قيادات الجيش، و حتى فشلت في توسيع التحالف حتى يصبح قوى شعبية ضاغطة.. جاءت مفاوضات جنيف لكي تثبت للغرب أن الجماهير السودانية يزداد دعمها للقوات المسلحة، الأمر الذي يعقد مهمة ” تقدم” مستقبلا، لذلك قبل الغرب دعوة الحوار السوداني السوداني دون أي رهان على مجموعة بعينها..
أن التحول الذي يظهر على لسان القيادات التي تقود تقدم لمطالبة الغرب و أمريكا أن تضغط الاتحاد الأفريقي لكي يتدخل عسكريا في السودان يؤكد أنها قد أحست أن الغرب بدأ ينفض يده منها، و جاء حديث وزير الخارجية الجيبوتي في الخرطوم عندما سلم رسالة من الرئيس الجيبوتي لرئيس مجلس السيادة، أكد في كلمته مساندتهم للقوات المسلحة ضد القوى المتمردة، و هذا تحول جديد، و أيضا مطالبة الاتحاد الأفريقي للميليشيا تنفيذ مطلوبات منبر جدة التي وقعت عليه بالخروج من الأعيان المدنية، و فتح مكتب لها ف بورتسودان أعتراف بسلطة الجيش، هذه التحولات تؤكد أن الحرب سوف تبرز قيادات جديدة من رحم المعاناة و الصراع العنيف في البلاد.. نسأل الله حسن البصيرة
Comments are closed.