حكايه من حلتنا.. يكتبها آدم تبن: صلة الرحم

64

عادات وتقاليد إجتماعية سودانية رائعة إستلهمت من التدين الإسلامى الذى يعيشه الشعب بالفطرة السوية التى وهبها الله تعالى له فإن الإسلام دعا إلى التواصل الاجتماعي وتمتين العلاقات الأسرية وزيادة رباطها.

فإن الرحم والجيرة والعلاقة الأخوية والصداقة تقوى فى حال زيادة التواصل بين أفراد المجتمع وتضعف وتتردى إلى درك سحيق فى حال التناحر والتباغض والقطيعة بين الأفراد لذا فقد حرص عليها الإسلام وقدمها على العلاقات الأخرى.

فكانت الرحم وصلتها من أهم ميزات الأمة الإسلامية ومنها أمتثل مجتمعنا السودانى لتقوية صلاتة وجعلها متواصلة ومتوارثة أبا عن جد فياله من إمتثال أحيا صلة الرحم وجعلها حاضرة تمشى بين الناس فى السراء والضراء.

وهنا تتوقف حكاية من حلتنا عن مقولة صغيرة فى مبناها وكبيرة فى معناها فقد جاءت فى حديث عابر إستوقفتنى وشدت إنتباهى وجعلت قرون الاستشعار تتحرك هنا وهناك لاستدعاء الذكريات الإجتماعية التى خرجت منها هذه المقولة المبدعة والرائعة مبنى ومعنى.

فقد ذكرت لنا زميلة فى العمل بأن والدتها دائماً ماتذكرهم بها قائلة لهم “فى درب المحنة يالله لاتمحنا” بمعنى أننا نسير فى طريق صلة الرحم مع الأهل فقد رمزت لها بالمحنة بفتح الميم والحاء والنون فسألت ربها أن تسلم من المحن بكسر الميم وفتح الحاء وهى تقصد بأنها تريد أن تتواصل مع أهلها.

وفى هذا الطريق تدعو الله أن لا تصيبها محنة فى نفسها أو مالها فهى فى عمل صالح ترجو الثواب من الله تعالى وأن يسهل طريقها جيئة وذهابا فهنا تكمن عظمة صلة الرحم التى حض عليها الإسلام فقد قال عنها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً حديث أبي محمد جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة قاطع) ، قال سفيان وهو أحد رواة الحديث في روايته: يعني قاطع رحم، متفق عليه.
وسماها الله الرحم قالَ اللَّهُ : (أَنا الرَّحمنُ وَهيَ الرَّحمُ ، شَقَقتُ لَها اسماً منَ اسمي ، من وصلَها وصلتُهُ ، ومن قطعَها بتتُّهُ) فتكون سببا لدخول الجنة إن وفق المسلم فى مواصلتها فى كل الأحوال فى حالتئ اليسر والعسر.

ولصلة الأرحام فى مجتمعنا السودانى حكايات رائعة وعميقة تشير بوضوح إلى إهتمامنا بصلة الرحم والتمسك بها والحث على المحافظة عليها وتقديمها على العلاقات الأخرى، يقول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَٰئِكَ مِنكُمْ ۚ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (75) الأنفال.

يتميزون بحبهم لبعضهم البعض يسألون عن أحوالهم وأحوال الغائب منهم يصلون مريضهم فى مشفاه أو منزله يعينون ذا الحاجة منهم يتكافلون فى رعاية الأيتام والأرامل والعجزة، يشاركون من فقد عزيز وغالي فى تشيعه والترحم عليه والدعاء له.

يتزاورون فى الأعياد والمناسبات السعيدة يقطعون المسافات سيرا على الأقدام أو الدواب أو وسائل النقل الحديثة فهم فى حالة تكافل وتعاون وتراحم لا توقفها الفصول ولا الظروف مهما قست الأيام وجارت عليهم، تسود فيما بينهم العلاقة الأسرية والرحمية المتينة فهى عنوانهم الجامع وحصنهم المنيع وقمرهم المضئ فى ظلمة الليل.

فهم فى تواصل مستمر قد تعيقهم بعض العوائق مثل المرض والسفر والعمل إلا أن نواياهم تظل تترقب لحظات عودتهم من سفرهم أو شفاؤهم من مرضهم أو فراغهم من شغلهم ليجددوا صلة الرحم مرة أخرى ويعودون أقوى مما كانوا فلأهل بلادى ألف تحية.
ودمتم

Comments are closed.