حزب الأمة تغيير موقف أم انقسام
بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن الكلمة التي كان قد ألقاها عبد الرحمن الصادق المهديأمام قبة المهدي
بأم درمان لها مدلولاتها السياسية، و تحمل العديد من الرسائل و الإشارات الهامة،
و عبد الرحمن أستطاع أن يختار التوقيت المناسب لكلمته، حيث بدأها
بعهد قطعه على نفسه و يطالب أن يحترمه الآخرين بالقول “نعاهد أئمة الأنصار، الصادق، الهادي، الصديق، عبد الرحمن،
إلى لدن الإمام المهدي بمواصلة المسيرة في حماية الدين والوطن” و العهد إشارة إلي جمع الكلم،
اي الدعوة موجهة لكل التيارات في حزب الأمة التي كانت في محور و الده، و حتى التي خرجت عليه،
باعتبار أن الحرب وضعت حزب الأمة في مواجهة مع التاريخ، خاصة أنها تزيد اشتعالا في مناطق نفوذ حزب الأمة،
و الحزب من مفترض تكون له اليد الكلمة الفصل في وقفها و استمرارها،
هذا هو التحدي الذي يواجه الحزب خاصة هناك قيادات من حزب الأمة تقف إلي جانب الميليشيا…
أنتقل عبد الرحمن المهدي في حديثه لكي يبين الموقف الذي يجب أن
يكون عليه الحزب عندما قال (أن كيان الأنصار مع الدولة ضد التمرد الذي حاول أن يسرق الكيان”،
واصفًا قوات الدعم السريع بالمتمردة، وقال إن التمرد قام بالقتل والإغتصاب والتشريد
والمساس بمقدرات الشعب السوداني(أصبح الموقف واضحا الذي يمثل الحزب و كيان الانصار،
صحيح أن عبد الرحمن الصادق المهدي لم يكن يتبوأ
موقعاقياديا في الحزب، بل كان موقعه القيادي في كيان الانصار
و الذي يقف رئيسه عبد المحمود أبو مناصرا القيادات السياسية
التي ذهبت لخدمة الميليشيا، و هنا التصحيح يوجب الحزب و الكيان الانصياع له..
و كما ذكرت تكرارا؛ أن الحرب سوف تغير المعادلات السياسية في البلاد و داخل المنظومات الحزبية
و كل المكونات المدنية، لذلك أراد عبد الرحمن أن يبين الموقف بوضوح الذي يجب أن يكون و دونه يعد خروجا على المنظومتين..
من الإشارات و الرسائل إلي المباشرة
أنتقل عبد الرحمن المهدي في خطابه متدرجا من الإشارات و الرسائل إلي المباشرة، عندما خاطب قيادات الأنصار و الحزب
بالقول ( يجب علينا أن ندين إجرام المليشيا ومن ضل السبيل من قيادات الكيان عليهم أن يعودوا إلى رشدهم،
وواجبنا يحتم علينا ولو كنا مختلفين، تقويم الموقف وإعادة الاصطفاف ضد المليشيا الإرهابية( هذا الحديث
ينتقل من النصيحة إلي الموقف، و الانتقال ليس لتعديل موقف إلا أن الحديث في إشارته سوف يتبعه موقف، باعتبار أن القيادات في الكيانين ” الانصار و الحزب” التي وقفت مناصرة للميليشيا تعد مسؤولة مسؤولية مباشرة عن كل ما فعلته الميليشيا من تعدي على الوطن و المواطنين في كل بقاع السودان من سرقة و نهب و قتل و اغتصابات، و يجب أن تحاسب عليها بالقانون، أن الذي يجري في السودان ليس صراعا سياسيا يمكن تجاوزه بل هي حرب في منازل المواطنين و ممتلكاتهم..
و ينتقل عبد الرحمن المهدي مناشدا الكل أن يقفوا موقفا واحدا مناهضا للميليشيا، و مؤيدا للقوات المسلحة،
هو الموقف الذي أتخذه أغلبية الشعب السوداني، و خاصة الشباب، الذين انخرطوا في صفوف المقاومة الشعبية، و الاستنفارا دفاعا عن الوطن و المواطنين، و هؤلاء هم الذين سوف يقررون في مستقبل البلاد، يقول عبد الرحمن
(ننصح القوى السياسية بالاتفاق اليوم وليس غدا، ونطالبها جميعا بمهر خطاب واحد يدين التمرد
ويقف خلف القوات المسلحة ويدعم الشعب البطل”. وتابع: “دعوتي لاتفاق الأحزاب، أن لا يستثنى أحد أو يهيمن عليه أحد
( و الحنكة تتطلب أن تمد كل القوى الوطنية المناصرة للجيش حبال الوصل مع هؤلاء،
أن عبد الرحمن بحسه السياسي يختار المواقف الصحيحة ، و كان واضحا في حديثه،
و عبد الرحمن الذي كان في صفوف المقاتلين ضد الميليشيا تأكد أن الحرب سوف تخلق واقعا جديدا،
أهم ما في هذا الجديد المواقف الصلبة القائمة على الوعي
و حب الوطن و ليس الجري وراء المصالح الخاصة و الانصياع إلي الأجندة الخارجية..
بيان لجمع الشمل واستقرار السودان
يخاطب عبد الرحمن المهدي قوى سياسية بعينها بالقول (أدعو الحزب الاتحادي الأصل والشيوعي واليسار،
وكافة القوى الوطنية، والصوفية والإدارات الأهلية لصياغة (بيان) لجمع الشمل واستقرار السودان( هو مشروع وحدة القوى السياسية حول الوطن،
باعتبار أن هناك قوى رغم عدم تأييدها للميليشيا و لكنها تتخذ موقفا رماديا غير واضح، و عندما يتعرض الوطن لتحدي في وحدته و استقلاله يجب أن تكون المواقف واضحة ليس فيها أي لبس، و التعلل بمبررات واهية تعد هروبا من المواقف التي يجب أن تتخذ..
إذا كان اليسار بكل تياراته الأغلبية تجلس على مقاعد المتفرجين.. لكن هناك يسارا يقف موقفا واضحا ضد الميليشيا و يقف صفا واحدا مع الجيش من أجل نصرة الوطن.. و حتى الحزب الاتحادي الأصل لم يحسم قضية الذين يقفون مؤيدين للميليشيا و أجندة الأمارات بقيادة الحسن الميرغني.. و بيان يصدر من كل القوى السياسية هو خطوة متقدمة تؤسس لما بعدها سياسيا.. أن خطاب عبد الرحمن يلمح أن هناك موقفين داخل الحزب و كيان الانصار، الذين يقفون مع الميليشيا تأييدا و مناصرة و تعبئة و حشد لها.. و جانب أخر يقف ضد الميليشيا و يدين كل أفعالها و يناصر الجيش.. فجاء خطاب عبد الرحمن بشكل واضح مناصر للحق و الوطن… نسأل الله حسن البصيرة..