(بعد.. و.. مسافة) مصطفى ابوالعزائم: السجل المدني.. الأمن يبدأ من هنا

41

قبل أيام قليلة، كنت بصدد إستخراج بعض الأوراق الرسمية من السجل المدني في مدينة بورتسودان،

فكان أن ذهبت إلى مقر السجل المدني حائراً أتلفت، فوجدت عند المدخل إبننا الدكتور مصعب خليل،

وهو من شباب ديوان المراجعة القومي ذوي النشاط والهمة العالية، وقد أصر علي ان أسجل زيارة إلى مكتبه، وقد كان.

خلال جلستنا تلك دخل علينا السيد اللواء سامي الصديق دفع الله، الذي أعرفه من خلال الإعلام،

وإن لم أكن قد إلتقيت به من قبل، رغم علاقتي القوية بالشرطة التي أقول دائماً أنها علاقة رحم ودم،

ومصاهرة ، وهو كذلك لم يلتق بشخصي الضعيف، إلا من خلال ساحات العمل الصحفي والإعلامي،

وقد كانت فرصة طيبة للتحدث في الشأن العام، خاصة في جانب السجل المدني، الذي كان من الأهداف الأولى

التي إستهدفتها قوات التمرد، لطمس الهوية الوطنية.

تلك الجلسة التي لم يتم الترتيب لها، إستمرت لأكثر من ساعة ونصف، حتى أنها أنستني غرضي الذي جئت من أجله،

لكنها كانت مهمة بالنسبة لي ، لأنني تعرفت على الكثير من المعلومات ، التي ما كان لي أن ألم بها ،

إلا إذا جلست إلى خبير ومختص مثل السيد اللواء سامي الصديق ؛ الذي قدم لصاحبكم شرحاً وافياً كافياً ، كاملاً وتفصيلياً ،

عن واحدة من أكبر وأخطر المعارك ، وهي معركة إستعادة بيانات السجل المدني ،

الذي إن تم ضربه والعبث به تكون الهوية السودانية والوطنية في خطر كبير .

سألت السيد اللواء سامي الصديق عن الصعوبات التي واجهتهم في معركتهم الخاصة بإستعادة بيانات السجل المدني ،

رغم أن هذا أمر صعب بكل المقاييس ، خاصة وإنه لم يكن متوقعاً فأجاب بأنهم بذلوا جهوداً جبارة من أجل ذلك ،

وكان أول ما قاموا به حال وصولهم إلى العاصمة الإدارية بورتسودان ، هو الشروع الفوري

في الترتيب لإعادة معلومات السجل المدني ، بإعتباره الأساس لكل مؤسسات الدولة ، وقال إنه تم ربط معظم مؤسسات الدولة والأجهزة الشرطية بالسجل المدني الذي يدخل في كل معاملاتها .

ما حدث كان توفيقاً من الله سبحانه وتعالى، ويمكن أن نصفه بالمعجزة ؛

قوة ومتانة أجهزتنا الشرطية

لأن الذي إستمعت إليه من السيد اللواء سامي الصديق ، كشف لي عن قوة ومتانة أجهزتنا الشرطية، وكشف عن الجهود الجبارة التي قام بها كل ضباط ، وصف ضباط وجنود ، الإدارة العامة للسجل المدني منذ سنوات وحتى يوم الناس هذا ، حتى تكون بلادنا في مصاف الدول المتقدمة ، التي تتعامل مع ما تعارفنا بتسميته “الحكومة الإلكترونية”.

المعركة حقيقة لم تستهدف الجيش وحده، بل إستهدفت الشعب السوداني كله ، من خلال إستهداف هويته ، التي هي هوية الوطن نفسه ، لذلك كانت كل الجهود التي تبذل من أجل تأمين بيانات السجل المدني بالداخل والخارج ،

وهو ما تطلب أن تعكف إدارة السجل المدني على إصدار الإفادات للذين لم يتمكنوا من إستخراج أرقام وطنية في الفترة الماضية ، حتى يتمكنوا من الإستفادة منها في جميع معاملاتهم وإجراءاتهم .

التوفيق الرباني تمثل في إستعادة بيانات السجل المدني كاملة ، خاصةً بعد الإستهداف المباشر لها ، وقد لعبت الشركة السودانية للإتصالات “سوداتل” دوراً كبيراً وبارزاً في إستعادة هذه البيانات ؛

بأن كانت هي العون والسند المباشر للفريق الفني بالسجل المدني ،

بتقديم كل ما يمكنه من إستعادة البيانات بصورة إحترافية .

وقد كانت المعجزة الثانية متمثلة في تأمين بيانات السجل المدني في الداخل والخارج وحفظها ،

وكانت لأدوار كل من هيئة الموانئ البحرية ، سوداتل والجمارك ، القدح المعلى في الحفاظ على تلك البيانات ،

التي حفظت أساس الدولة ، الذي هو المواطن ، والذي هو أساس الأمن .

التحية الخالصة للسيد اللواء سامي الصديق دفع الله ، ولمعاونيه في كل الإدارات الفنية والمختصة بالسجل المدني ،

الذين لم ألتق بأي منهم ، سوى العقيد شرطة محمد الخضر إدريس ، لثوان معدودة لكنها تركت أثراً كبيراً وبليغاً ،

تؤسس لتاريخ تليد ، ومستقبل عظيم ومشرق لبلادنا ، وللشرطة السودانية .
Email :sagraljidyan@gmail.com

Comments are closed.