(بعد.. و.. مسافة) مصطفى أبو العزائم: السودان.. دموع التماسيح والعفو الدولية
بالأمس كنت أتحدث ونحن في بورتسودان ، مع أخي وصديقي الأستاذ عاصم البلال الطيب ، عن معاناة بلادنا ، وعذابات شعبنا ، فقلت له ان هذا الأمر قديم ، وإن السعي لتدمير السودان وإضعافه لن يتوقف ، وقلت له ونحن نتبادل الأسى ، وكل منا بعيد عن أسرته وأبنائه ، إن هناك من يسعى بكل همة وجدية لأن تكون هذه الحرب ، هي آخر ما يشهده سوداننا الذي نعرفه .
أذكر أنه سألني مقدم برنامج (مانشيتات سودانية) قبل سنوات في الفضائية الناهضة الجديدة وقتها (سودانية 24) عن تقرير منظمة العفو الدولية حول إستخدام السودان للأسلحة الكيمائية المحرمة دولياً في دارفور ، وتحديداً في منطقة جبل مرة ، رددت عليه بالتكذيب الصادر عن قائد قوات اليوناميد الذي دحض فيه كل الإتهامات الموجهة للقوات المسلحة السودانية بإستخدام الأسلحة الكيمائية ، والذي صدر في التاسع من أكتوبر عام 2016 م ، وهو من أسرع الردود والتكذيبات ، لتقارير منظمة العفو الدولية ، لكن هذا جعلني أحاول البحث في العلاقة ما بين هذه المنظمة وما بين السودان ، لأكتشف أن العفو الدولية ظلت منذ العام 1983م ، في حالة حرب صامتة تسعى من ورائها إلى “توريط” السودان في كل ما يشين ويدين أمام المجتمع الدولي ، وقد كان أول تقرير سالب لها يدين السودان ، عقب إعلان الرئيس “نميري” – رحمه الله – لتطبيق الشريعة الإسلامية في سبتمبر 1983م ، عندما أصدرت هذه المنظمة تقريرها المعروف بإسم (دموع التماسيح).
ظلت كل تقارير منظمة العفو الدولية تسعى لإدانة السودان منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا ، وهي واحدة من المنظمات التي أججت الرأي العام العالمي ضد نظام الحكم في الخرطوم ليناصر قضية دارفور مع بداياتها ، وقد إنساق لها – للأسف الشديد – أصحاب الأجندات السياسية ، بل وسعى بعضهم إلى تغذيتها بالمعلومات الخاطئة ، والصور (المفبركة) حتى أننا سعينا مجموعة من الصحفيين والكُتاب إلى تفنيد تلك الإتهامات الخاصة بالصراع العرقي في دارفور ، فعكفنا على إعداد كتاب صدر بإسم (دارفور الحقيقة الضائعة) ، وتمت ترجمته إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وأعيدت طباعته عدة مرات ، ولم تبق لصاحبكم نسخة واحدة حتى ليزين بها أرفف ماكتبته .
ما علينا .. في العام 2004 م ، زرت أوروبا وكانت (لندن) أول محطات الزيارة ، ورغم أن رحلتنا تلك كانت تلبية لدعوة كريمة من المجلس السوداني القومي في بريطانيا وشمال إيرلندا ، الذي كان يرأسه الشيخ الدكتور “إبراهيم الطيب الريح” – رحمه الله – ، إلا أننا شهدنا خلالها مناشط عدة وشاركنا في الكثير من الندوات المرتبطة بالشأن السوداني ، لكن المفاجأة التي إنتظرتنا هناك في لندن وعمت كل العواصم الأوروبية ، وإنتقلت بعدها إلى العواصم الآسيوية الأفريقية ، كانت هي الملصقات الداعية إلى مناصرة قضية دارفور مع إستخدام صور مؤثرة ، ملأت كل الشوارع ومحطات القطارات والأندرقراوند ، ومداخل الحدائق العامة ، وكان وراء تلك الحملة هذه المنظمة المعروفة بإسم “منظمة العفو الدولية” .
قبل ذلك قادت ذات المنظمة حملة منظمة وقوية في العام 1978م ، ضد السودان بمزاعم تجارة الرق ، وحركت أصحاب الضمائر السياسية ليستغلوا القضية ، في محاربتهم لنظام الحكم بالسودان ، ولكن تم دحض المؤامرة بمجهودات دبلوماسية وإعلامية خارقة وخارجة عن المستوى المعتاد ، حتى تراجعت الإتهامات بل وتلاشت .
ومنذ العام 2003 م ، تحرص “منظمة العفو الدولية” على أن يبقى السودان تحت البند الرابع للعقوبات في إجتماعات مجلس حقوق الإنسان ، وعملت على ذلك في العام 2013م ، لتفاجئ العالم بعد ذلك بعامين بقضية القصف الجوي للمدنيين ثم قضية تابت ، إلى أن بلغت من إدعاءات حول استخدام الجيش السوداني للأسلحة الكيمائية في دارفور .
ينكشف لنا حجم الخيانة والدور القذر الذي يقوم به بعض أدعياء النضال في الداخل والخارج ، بالترويج لمثل هذه المزاعم ، بل ومد مثل هذه المنظمة بالمعلومات الكاذبة والتسويق للإتهامات داخلياً وخارجياً مع تحركات مشبوهة لأدعياء النضال وتظاهرات إعلامية لبعض أبناء دارفور وجماعة محسوبة على أحد قادة الحركات في إسرائيل .. هذا في الوقت الذي تم فيه تطهير كل جبل مرة من تلك القوات فتفرقت “شذر مذر” ، بينما العالم لم يعد ينظر إلى هذه الناحية ، بعد التطورات الإيجابية التي كانت قد إنتظمت ساحات العمل السياسي في السودان .
لكن حجم التآمر يزيد ويكبر ، وسعي شياطين الإنس والجن لن يتوقف من أجل القضاء على دولة عظيمة متماسكة إسمها السودان ، وسوف يخيب سعيهم بإذن الله تعالى ، ونقول للجميع : إن تنصروا الله ينصركم .
Email :sagraljidyan@gmail.com