عقد الجلاد: «ارجع تعال من عتمتك»

283

تقرير: ولاء عبدالله عوض
استطاعت فرقة عقد الجلاد ان تمثل نقطة تحول في مسار الغناء السوداني منذ ظهورها الاول في العام 1984.

واستمرت في جذب المستمع السوداني بكلمات رصينه والحان شجية هزت الوجدان وتناولت قضايا المجتمع وهموم المواطن الغلبان.

وبرزت “عقد الجلاد” بشكل حقيقي في 1988 خلال سهرة بالتلفزيون السوداني حققت نجاحاً كبيراً وبعدها كانت بداية الحفلات الجماهيرية.

وكان عثمان النو صاحب المبادرة وزبدة الاجتهاد في خلق الفكرة وتدعيمها بالألحان والنصوص التي وجدت القبول وكانت بداية تتفيذ الفكرة.

واختارت الفرقة لنفسها اسماً شعبياً بحتاً “عقد الجلاد” والجلاد هو نوع خاص من الجلد له رائحة زكية.

 أما العقد فهو النسق المتجانس الذي تتزين به المرأة ، وترتدي العروس عقد الجلاد في مراسم الجرتق وايضا غنت له المرأة “عقد الجلاد ياعروسنا عريسك غلبو الثبات”.

تأسست الفرقة بمجموعة من خريجي المعهد العالي للموسيقي والمسرح، وشكل الصوت النسائي فيها حضوراً بارزاً منذ لحظة تأسيسها، حيث ضمت عضويتها د. منال بدر الدين، د. حواء المنصوري، عازفة الكيبورد.

ومع وجود ملحنين على قدر عال من الرهافه الموسيقية، مثل عثمان النو ومجاهد عمر، وانور ، وأصوات متميزه مثل صوت عوض الله بشير، أنور عبد الرحمن وشمت محمد نور في صفوف الفرقة، امتلكت عقد الجلاد كل مقومات النجاح.

تعتبر “عقد الجلاد” من أقدم الفرق الغنائية، إذ استمر نشاطها لأكثر من ثلاثين عاماً، وكانت نموذجاً للفن المصادم الذي مثل صوت الشعب ووقف ضد الحكومات الديكتاتورية، لا سيما نظام الإخوان المسلمين.

اغنيات بكلمات كبار الشعراء
سيطرت فرقة عقد الجلاد علي الغناء الجماعي في الساحة الفنية لاختيارها كلمات والحان متميزة تصف حال البلد والمواطن الكادح.

حازت الفرقة على إعجاب مستمعين من كل الفئات العمريه وغنت لكل ربوع الوطن حتي “فاقت الكبار والقدرها” في التنوع.

تعتبر فترة الفرقة من اطول المجموعات الموسيقية والغنائية لانها نجحت في الاستحواذ على قلوب الجماهير واهتمام المتابعين والمحبين.

وانحازت عقد الجلاد للوطن وقضايا الحريات والعدالة الاجتماعية وداعمة للنساء متصدية لقضايا التمييز والإقصاء والتهميش.

وتعاملت الفرقة مع شعراء داخل وخارج الوطن العربي واختارت كلمات الشباب وشعراء معروفين بموافقهم المناهضه لديكتاتورية النظام السابق.

من ابرز الشعراء العرب الذين تعاملت معهم الفرقة كان صلاح عبدالصبور وفاروق جويده وامل دنقل والقطري خليفة جمعان السويدي.

ومن شعراء الوطن تغنت للقدال وحميد ومحمود شريف وعمادالدين ابراهيم وهاشم صديق ومحمد المكي ابراهيم والدوش وود الرضي وسعد الدين ابراهيم ومجدي النور واحمد الغالي وعاطف خيري وجمال عبدالرحيم ومحمد مدني وفيصل محمد صالح وجمال حسن سعيد ومحمد الفاضلابي.

ونهلت الفرقة أيضاَ من التراث الصوفي السوداني، فتغنت بموجدة الشيخ المكاوي “ياليله ليلك جنه”.

الخلافات تعيق المسيرة
قبل أشهر من اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة، تفاجأ جمهور “عقد الجلاد” بالحفل الذي أحيته الفرقة ضمن فعاليات “اتحاد الوطني للشباب السوداني” وهو إحدى الواجهات المعروفة لنظام الجبهة الإسلامية.

وتسبب الحفل في إثارة السخط الشديد وسط جمهور “عقد الجلاد” ومحبيها، ما حدا بالشاعر الكبير محمد طه القدال بأن يقول إن على الفرقة أن تتخيّر منابرها جيداً.

وبعد هذا الحدث لم تعد أحوال الفرقة على ما يرام، ومرت خلال السنتين الأخيرتين بالكثير من المشاكل، وصلت إلى إقصاء الفنان شمت محمد نور، وهو أحد مؤسسي الفرقة وملحنيها ومن الأصوات الأساسية فيها، من إدارة المجموعة.

وقررت الإدارة إيقاف ترديد أغاني شمت التي لحنها وقدمتها الفرقة في حفلاتها، حيث قامت ادارة الفرقة بتوقيف اعمال شمت اكثر من مرة.

ولكن في الفترة السابقة قرر شمت إيقاف اعماله عن عقد الجلاد وبرر ذلك لاسلوب الادارة واكد شمت في اكثر من لقاء ان الادارة تريد تلك الأعمال ولا تريد شمت، فقررت إيقافها إلى حين ترتيب أوضاع المجموعة، وأن تعي أن تلك الأعمال هي في الأصل قضايا اجتماعية وثقافية تخصنا جميعا، بالتزام صارم تجاهها، وليس صحيحا أن نقول هذه الأعمال “حقتي”، شعراء، أو ملحنين، هي ملكنا جميعا، ولنتذكر أن جمهور عقد الجلاد هم أصدقاء وشركاء.

وقال ايضا ان ادارة المجموعة لم تعقد جمعيتها العمومية منذ العام 2016، واتخذت سبيل الإقصاء والتكتل للتهرب من مواجهة المشكلات وقمع الصوت الناقد داخل الفرقة.

ويتهم شمت ادارة الفرقة بمحاولة اختطاف المجموعة ويحملها مسؤولية التردي الفني الذي حاق بمستوى عقد الجلاد في السنوات الأخيرة.

وتسبب تصاعد الخلافات في إصدار عدد من الشعراء واسرهم، إنذاراً قانونياً للفرقة، يمنعها من تقديم أعمالهم الشعرية والغنائية إلى حين حل القضايا الخلافية العالقة حالياً.

وطالبوا بانتخاب مجلس إدارة جديد لتصحيح مسار “عقد الجلاد” كي تواصل رسالتها التي بدأت بـ”لا المدامع وقفتنا ولا الحكايات الحزينة”.

1 Comment
  1. Sana says

    تقرير جميل 👍🏼الى الامام دوماً استاذه ولاء

Comments are closed.