مُهيِئات لتجاوز زمن العُزلة

0 43

بقلم: د.عبدالسلام محمد خير
مشاهد مؤثرة على الشاشة.. أفواج من الأُسر عائدة لبيوتها بعد النصر، تهتف للجيش ومسانديه وعينها على نصر يعقبه نصر، بإذن الله.. الهدف عودة شاملة، من الداخل والخارج تعزز إنسانية المواطن ليصمد أكثر مما هو صامد، فهناك ترتيبات (ما بعد الحرب) وفى الأنفس غُبن .. نداءات التَرَفُع والتسامح تلوح، أملا في عودة بلا ضغائن.. لسنا وحدنا في هذا العالم.. مِخَرج آمن يتراءى.. الإستبشار بمعاملات جديدة قوامها (تعبير الآخر).. إن إسعاد الآخرين بكلمة هو من أسهل ما يكون، قالها مجربون لسان حالهم (فلِيَعذُر بعضُنا بعضا).

برغم الغم الأجواء تبشر بنصر وبعودة وبجديد.. السودان يستحق الأفضل – لسان حال.. يريدونها عودة ديدنها التسامي بدء من باب بيت ما كنا أحكمنا إغلاَقَهُ.. هل من تجاوز (للجفوة الزمان) ولحجة (الظروف) وغَبينَة (البُعد) وحكاية (دا القدرنا عليه)؟.. رد الإعتبار أولا، ويتطلب تجميل النوايا والمحافظة على (الذات) في وطن راكز، أهله عُرِفوا بالمعالجات التي تسعف الحال.. الأمل في (عودة) تعزز (عودة للذات).

هناك بوادر شفافية تراود من (علمتهم الظروف).. إنها تعين على محاصرة آثار الحرب.. وهناك دعوة للأوبة إلى الله، جل وعلا، وله الحمد.. يرددها حكماء علمتهم الحرب محاسبة الذات ثم (إحتساب الأمر لله) والتعهد بالإقدام على ما يصلح الحال.. الكل يتكفل بما يليه، نحو صحوة جماعية يراد لها ان ترافق عودة تضع حدا للأعذار بحجة (كنا في حرب)!.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. نعم، لكن مع الحرب المجتمع حاضر، لم تُنهَب قيمه.. المبشرات تلوح بخطاب (سايكولوجي) يجبر الخاطر، يتعهد بالمراجعة، يتصيد الفرص الجديدة، يتبنى نِية أن نبقى (كما كنا) ونتقدم.. بإذن الله.

مراجعات.. (لا أنساها له!):
تلاومات ومراجعات ومناشدات.. المعالجات التي تمس الأنفس لها أولوية.. (في بيوتنا أشياء كثيرة وضح أنها لا تلزمنا، بدليل أننا ما احتجنا لها حين أصبحنا وافدين)!.. أدلى بها وافد يبحث عن سلوى.. فيها (نزعة) لمراجعة النفس وما(كدست) من (حاجات الدنيا) التي ما أجدت يوم حل (النكد).. ما هو أولى بالمراجعة طريقتنا فى التعامل (مع الغير).. في الأمر خير، أن نبادر بالإعتذار لمن قصرنا في حقه والأمور عصيبة..(وخَيرُكُم من يَبدأ).. هناك أثر محفز وسيرة حافلة بإعلاء الهمم في أجواء العودة.. (لا أنساها لك)!.. ورد أنه قالها (عائد) لمن (قام إليه يهرول ثم إحتضنه) مرحبا!..إنها (وقفة مع عائد) أصبحت مثلا.. وبشرى.. والحمد لله.

إستبشر.. فأنت مهاجر:
هناك مشغولون بهموم الغربة، لكنهم يتفقدون غيرهم.. وهناك من إذا هاتفته متفقدا ما جبر خاطرك بالرد، ولو بعد حين.. وما إعتذر.. تنشغل به فتدعو له عن ظهر الغيب.. يبشرك الله من فضله، فأنت مهاجر، ممن يدعون لغيرهم عن وعد (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ)- الحشر.. (اللهم آمين) لسان حال من غادروا عن (نية) عائدون (على بينة).. حمدا لله.

إستدراك.. (ذكرياتي في البادية):
أهاجت سنجة الشجون فذكرتنا الأستاذ حسن نجيلة وبصماته، وحملتنا الآن لنستدرك ما فاتنا.. فاتت علينا تجربته الفذة في مجال التعليم كما حواها كتابه (ذكرياتي في البادية) متنقلا من بادية لأخرى مع القبائل يتعهد أبناءها بالدراسة المنهجية.. التفاصيل مدهشة تضمنها الكتاب.. من يعيد لأهل السودان تلك التجارب في مجال الأسفار والتعليم والتعايش؟.

(أسماء في حياتنا):
فى خضم الأحداث الماثلة تقفز للخاطر شخصيات بارة بالبلد، (حلالة عقد)، وثق لها الدكتور عمر الجزلي (أسماء في حياتنا).. شخصيات عددها مهول كما ورد فى سهرة معه قبل أيام.. صفتها المشتركة أنها جديرة بالذكر ليبقى أثرها وفضلها مذكورا يحفز الأجيال..إن إمجاد سنار أعادت للأذهان سيرة الأستاذ حسن نجيلة الحافلة، فتمنيت أن يكون بين من وثق لهم هذا البرنامج المرجع.. له تجربة تعليمية فذة قدمت للبلد أفذاذا من البادية.. (أنت مذيع.. يا جزلي)- كما وثق لك (صالحين) رحمه الله.. أنت لها، متعك الله بالصحة والعافية.. ليتك تواصل هذا المنحى الإعلامي المتفرد للتعريف برموز البلد، عنوان مجدها.. وليت، وليت.. وليت جامعة تتبنى هذا الحصاد الوثائقي النادر.. وتستثمر فيه لصالح الأجيال.

تصويب.. (المطر الرحمة):
(أرض الطيبين) أبدع المخرج فجعلها أنشودة وطنية غنية التطريب والمغزى (جينا نخت إيدينا الخضراء.. فوقك يا أرض الطيبين) .. (نحن البنحقق أمانينا.. نزح الوجع المتحدينا) ..(الواطة مشتاقة وبتنادينا.. الرعدة بروقا بتشلع فينا).. (المطرة بتغسل خوفنا الفينا.. الخوف بيضيع لو نحن بدينا).. رسالة في الوطنية والإبداع تركها الشاعر عماد الدين إبراهيم شاهدا على عطائه.. لقد أبدع ، رحمه الله، وأوصى (لو نحن بدينا).

Leave A Reply

لن يظهر بريدك الإلكتروني عند نشر التعليق

شكرا للتعليق