آدم تبن يكتب: حكاية من حلتنا.. ذكريات المرحلة المتوسطة

83

ياحليل أيام زمان عبارة طالما رددها الكثيرون الذى عاشوا تلك الأيام التى يذكرونها بالخير ويتحسرون على ضياعها وذهابها إلى غير رجعة خاصة من درسوا فى المدارس المتوسطة أو المرحلة المتوسطة كما كانت تسمى فى وزارة التربية والتعليم.

فهى ضمن ثلاث مراحل تبدأ بالمرحلة الابتدائية وتليها المرحلة المتوسطة ثم أخيراً المرحلة الثانوية وتعقب كل مرحلة من المراحل إمتحانات شهادة تسمى بإسمها فعند إكمال التلاميذ المرحلة الإبتدائية بعد ست سنوات يخضعوا لامتحان شهادة يتأهلوا من خلال النجاح فيه إلى المرحلة المتوسطة.

وبعد أن يكمل تلاميذ المتوسطة ثلاث سنوات يخضعوا لامتحان شهادة يتأهلوا من خلال النجاح فيه إلى المرحلة الثانوية والتى يتأهل الطلاب من خلال إمتحانات الثانوية أو الشهادة السودانية إلى الدخول الى الجامعات السودانية ليتخرجوا بعدها حسب تخصصاتهم.

فهى مراحل مختلفة كل مرحلة لها طعمها ولونها وطموحها بل وحتى الزى المدرسى يختلف من مرحلة إلى أخرى مما يشعر التلاميذ أو الطلاب بانهم مقبلون على تغير حقيقى ليس فى تفكيرهم وشكلهم بل حتى فى الزى الذى يرتدونه للمرحلة التى إستوعبتهم.

أعود لأقول إن حكاية من حلتنا كانت شاهدة على المرحلة المتوسطة وهاهى تعود مرة أخرى لتعود معها تلك الذكريات العالقة بالذهن.

وفيها، أى المرحلة المتوسطة، يبدأ التغيير الحقيقى للتلاميذ فقد دخلوا مرحلة تختلف عن الابتدائى أول مايميزها أن منهجها تضاف إليه مادة اللغة الانجليزية وثانيها اجتماعيا أن التلاميذ فى الغالب يفارقون مناطقهم أو قراهم ليذهبوا بعيداً عن محيطهم الأسرى فعليهم التأقلم على مجتمعهم الجديد حيث يغلب على المدارس المتوسطة أنها مدارس داخلية.

يمضى فيها التلميذ ست أيام ثم يخرج إلى أهله نهاية يوم الخميس ليعود لمدرسته نهاية يوم الجمعة يعنى 24 ساعة فقط لزيارة أهلك ثم تعود لتواجه أسبوعا دراسيا صعبا حصصه اليومية لا تقل عن ست حصص وأستاذة حريصون على أداء مهمتهم بتجرد ونكران ذات ليس له مثيل لا يتغيبون إلا نادراً كأنهم أتوا من كوكب آخر لا تأخر عن حصة ولاغياب وأن غاب أحدهم تجد أحد زملاؤه يقوم بالواجب على أكمل وجه.

يتمنى التلاميذ أن يغيب أستاذهم ليتنفسوا الصعداء ويهرجلون داخل فصلهم رغماً عن وجود الألفه بينهم والألفة هو رئيس الفصل يختاره الأستاذ أبو الفصل من بين زملائه التلاميذ ليكون مسئولاً عن حضورهم وغيابهم ونظافة فصلهم وضبط حركتهم خاصة فى الحصص الفاضية إن وجدت.

ومن أجمل ما تقابل به المرحلة المتوسطة تلاميذها أن عليهم الإلتزام التام بالزى المدرسى المحدد من قبل وزارة التربية والتعليم وهو قميص نصف كم وردا شورت فوق الركبة قليلاً بلون رمادى وشبشب واطى وقص شعر الرأس بمعنى أن حلاقة الشعر إجبارية يتساوى فيها جميع التلاميذ.
والبنات نفس الألوان بنطلون وقميص طويل تحت الركبة وشبط وطرحة بيضاء، ومايميز المتوسطة عن الابتدائى أن التلميذ لايحمل معه شنطة لا فى ذهابه ولا إيابه، فقد أصبح التلميذ مصدر إهتمام وزارة التربية والتعليم حيث صمم له درج حديدى يضع فيه كل مستلزماته المدرسية ويكتب دروسه ويستذكرها وهو جالس فى كرسي حديد مجلد ببلاستيك خلف الدرج وأهم الأشياء التى كانت مصدر فخر للتلاميذ مفتاح الدرج حيث يقفل الدرج بطبلة حديدية ومفتاحها عند التلميذ.

وهنا تعلم المدرسة تلاميذها النظام والنظافة والخصوصية فيقسم تلاميذ الفصل إلى ست مجموعات توكل لكل مجموعة يومياً نظافة الفصل ومسح السبورة وتجهيز الطباشير والأدوات الخاصة بالحصص فيتعلموا خدمة زملائهم وأساتذتهم ويحافظوا على نظافة فصلهم ومدرستهم.

وكذلك تبدأ المرحلة المتوسطة فى تشكيل شخصياتهم لبناء مستقبلهم والإعتماد على أنفسهم فتضع لهم البرامج الثقافية والفنية والأدبية والرياضية والإجتماعية والمشاركة فى المناشط المختلفة ليتعلموا مايفيدهم فى حياتهم الشخصية ومساعدة مجتمعاتهم والنهوض بها وقياداتها الى الأفضل.

هى لمحات من المرحلة المتوسطة وجدت لها حيزا لتتربع فى حكاية من حلتنا وتعيد تلك الأيام التى يكثر الحنين إليها لمن عاشوها وشهدوا مجريات أحداثها المفرح منها والمحزن فمؤكد أن ناس المتوسطة فرحوا لعودتها مرة أخرى لتعيد لهم أيام مضت فرحا قضوها بين كفاءة أساتذتها ومنهجها المختلف وزيها المميز وفصولها وعنابرها ومناشطها وعطلاتها.
ودمتم

Comments are closed.