وبعد الحرب كم من جديد.. (بيوتهم تسكنهم)!

0 36

بقلم: د.عبدالسلام محمد خير
مصير (الشخصية السودانية) يسيطرعلى (التوقعات).. تترى تصورات أقرب للأحلام تلازمها (مشاهد) عملية تتصدر المنصات إستبشارا بجديد مؤكد، بإذن الله.. إن الأمور عصيبة مازالت، لكنك تفاجأ كل يوم بمن يتفاءلون بلهجة حادبة على أمر يهمك تماما (سودانية البلد)- حفظها الله.. يرونها (بيت القصيد) في مرحلة إعادة العمران.. إستوقفتني رؤية لمهندس معمارى ينظر لإعادة الإعمار بإعتبارها (بناء نفسي) فرائحي وليست فقط بناء لجدران دمرتها الحرب.. الجدران؟!.. ما أسعدها!.. أيكون إعتذارا؟!.. إنها تخضع لمعالجات جمالية بين يدي تشكيليين مشاهير.. بعضهم مضى وضرب مثلا عمليا..يُجَمِلون المدن المنهارة بجِدارِيات خلابة، ويزرعون الزهور في طريق دمرته الحرب.. قالت الكاميرا ولم نقل!.

0.. نفسيات ما بعد الحرب تتجلى عمرانيا:
والكاميرا تقول أيضا إن الوالي أمام المشهد الجديد بشارع الوادي ظل صامتا، يردد همسا (ما شاء الله)!.. يتبسم، فنحاكيه!..هناك حالة نفسية طارئه.. الكل موعود بالإنبهار لسبب أو لآخر- ماذا وراء هذا التغيير النفسي المفاجئ؟!.. (نحتاج لإختصاصي علم نفس رفيقا لكل مواطن)!.. أفتى بها إختصاصي هندسة عمرانية!.. صادفته كأنه هبط من كوكب آخر على فضائية (الزرقاء) بزي غريب حملنا على المغادرة، لكنه سارع فأبقانا بكلام عجيب!.. مهندس سامي عبدالرحمن سوار، متخصص في هندسة المعمار.. مرجعيته الوضع الإنساني لمن عادوا لبيوتهم.. بهرنا بمعلوماته وطريقة طرحه.. حديثة يدور في فلك ما يشغل (نفسيات الناس) في هذه الآونة.. ينوه إلى أن (سودان ما بعد السلام) مختلف من ناحية العمران.. فما دمرته الحرب سيعاد بناؤه عن (فكرة معمارية) لا تقليدا للغير (زي بيت ناس فلان)!.. وضرب المثل ببلاد إشتهرت بطابع معماري منسوب لحضارتها.. بشرنا بأن القادم (معمار سوداني) يجعلنا ننظر للبيت على إنه ليس مجرد (بيت)!.. مضينا نشاركه الشعور، البيت (وطن).. لا تفريط.. (فكرة البيت) تعلو، لا سعره!..إنضم إلينا مقدم البرنامج بمفاجأة!.
هو إعلامي متمرس، ملم بأوضاع المجتمع فلقد حاور بذكاء العديد من المشاهير (عماد البشرى).. مضى أبعد!.. ربما أراد أن يبقينا في جو الأستديو العاصف بإنفعالات من عادوا فقال كمن يخُصُنا بسر: (بيُوتُهم هي التي كانت تسكُنُهم)!.. تَصَوَر!!.. سَرَت فينا كالحكمة!.. كم من (حكم طازجة) على أفواه العائدين تنتظر الإقتداء.. موحية هي البيوت (الناجية).. ليست جُدراناً.. إنها عنوان (وطن) تغرد له الأجيال، ومن أجله تستميت.

0..بعد الحرب.. يؤَانِسون جدرانهم:
حاولت أن أستوعب ما قال المحاور وضيفه.. طرح متفرد.. لعله خطاب ما بعد الحرب، فلقد تسلمت تصورا (تشكيليا) باهرا لتجميل ما شوهته الحرب.. التصور ينطلق من رؤية إبداعية تعيد للأذهان ما قاله الشاعر إبراهيم العبادي في أم درمان مؤانسا (الناس وَنَّاسة.. طربت أم در.. حليل ناسا).. تصور جديد بديل للدمار الذى حدث للبيوت والأحياء السكنية العريقة.. ما ورد على الورق لازمه تطبيق.. بَستَنة شوارع أم درمان المدمرة- كما ورد في الأخبار.. التصور يو حي بالمدهش (إن أجواء ما بعد الحرب تطرح علينا أن نقدم أفكارا جديدة على مشارف العودة المرتقبة للخرطوم).. هكذا، مؤتمر قومي، إبداعي.. ينساب التصور فيعرفنا بالتشكيلي عادل كبيدة، فيتجلى بين يدي صحفي غيور، الأستاذ محمد الشيخ حسين.. الهدف (خلق مدينة جديدة من أم درمان تمتلىء حوائطها بالجِدارِيات التي تتكلم وتملأ حياتنا بهجة بصرية تضفى المزيد من الأبعاد إلى أحلامنا وخيالنا).. يا(سلام)!.

0..مدن ما بعد الحرب تُحَلِق:
أمامي أجنحة تحلق بجماليات مدن ما بعد الحرب وفق مفاهيم جديدة (المعمار عنوان التغيير).. (جدران المنازل وسيلة لصياغة الأمة ضد الإستلاب)..(الجِدَاريات من أهم الفنون المرئية تأثيرا على المتلقي عبر التاريخ، تُعَزز الإرتباط بالجذور كأساس للحداثة).. هكذا، تصور متكامل يدعو إلى (تمكين شباب الحي من أدواتهم لصياغة واقع إجتماعي جمالي وقيمي وأخلاقي جديد يناسب ثقافتهم المعاصرة، ويعين على صياغة الفكر الإجتماعي والسياسي للأمة ومعالجة الأشياء بصورة جمالية فيتسم الحوار بالتسامح وإحترام الآخر برغم التشوهات التي أحدثتها الحرب).. إنه مشروع قومي جمالي يطرح مفاهيم جديرة بالإعتبار (المعمار لإعادة الألفة).. الغاية (أن نعيد للمدينة نضارتها عبر جِدارية تجعل حوائط المدينة تتكلم والناس فيها أصلا وَنَّاسة، كما تصورها الشعراء).

0..للوالي هدية.. عاصمة هنية:
بعنوان (أم درمان بعد الحرب.. الجدران تتكلم والناس وَنَّاسة) جاءني من الصحفي الموثق محمد الشيخ حسين هذا المشروع الجمالي ضمن ملف يتعهده عنوانه (الذاكرة السودانية) هدفه (تسجيل زيارة جديدة إلى التاريخ بهدف إستنباط عصر تدوين جديد للأحداث والقضايا والشخصيات السودانية)..الملف الجديد للفنان التشكيلي المعروف عادل كبيدة، يسعى إلى (خلق مدينة جديدة من أم درمان تمتلىء حوائطها بالجِدَاريات التي تتكلم وتملأ حياتنا بهجة بصرية تضفي المزيد من الأبعاد إلى أحلامنا وخيالنا، وفق رؤية تخرجنا من الحيز الذى نعيش فيه).. يعرض التصور نماذج لجِدَاريات تتكلم بلغة ما بعد الحرب.

الخاتمة أمنية.. هي أن يثمر هذا التصور (الجميل) الذى يشبه السلام: (ليت هذا المسعى يصل إلى مسمع الرجل الصابر على محنة الحرب الأستاذ أحمد عثمان حمزة والى ولاية الخرطوم حفظه الله).. هكذا يتمني هذا التشكيلي المبدع وهذا الصحفي الغيور.. ونحن كذلك.

Leave A Reply

لن يظهر بريدك الإلكتروني عند نشر التعليق

شكرا للتعليق