في إلهامات الجزيرة.. (إستقلال الشخصية السودانية)
بقلم: د.عبد السلام محمد خير
تتجه الأنظار إلى جهة متوافق عليها أصلا ووعدا ومزاجا..نزعتها قومية لا تقاوم.. في الأمر ديسمبر، وحاضرة الجزيرة، و(مؤتمر الخريجين) – اللهم إجعله خيرا.. سانحة تضج بالإلهامات، تنادي في القوم أن (تعالوا إلى كلمة سواء)..
صحيح إن (الأمور عصيبة) كما تصورها شاعر الإستقلال (صه يا كنار وضع يمينك في يدي) لكن أشواق (يد في اليد) تتجدد فى أجواء محفزة لنداءات عام جديد لأهل السودان.. كل عام وانتم بخير، متحررين، كعهدكم ذات يوم بود مدني وقد إنبرى مؤتمر الخريجين يؤجج لفكرة استقلال البلاد..
وقد كان.
ما أشبه الليلة بالبارحة
(ما أشبه الليلة بالبارحة).. فكم من إيحاءات تحفز للالتفات لخطوات مجربة لجمع الكلمة ووحدة الصف وتحرير البلاد..
تترى الخواطر والأفكار تأخذ بيد بعضها مفعمة بالإيحاءات.. تلاقي الخارجين من الحرب يعد بالكثير.. فكأننا في مؤتمر قومي جامع لا يستثني أحدا، تماما كما حدث ذات يوم في (مؤتمر الخريجين) – كما يروي مؤرخو الحركة الوطنية مباهيين بذاك الملتقي القومي بمدينة ود مدني حاضنة استقلال البلاد، محط أنظار أهل السودان في هذه الآونة..
رواة التاريخ المجيد ليسوا وحدهم، هناك المجددون تترى أطروحاتهم عبر المنصات، من قبيل:
– (إن أجواء ما بعد الحرب تلهمنا لأن نقدم أفكارا جديدة على مشارف العودة المرتقبة).
إنه لسان حال.. لا تدرى من القائل، مثل كل حكمة.. كم من أقوال مأثورة تجري بين الناس الآن سيرا في ركاب الشعراء الذين
وثقوا لتاريخ البلاد بما يطرب ويردد على كل لسان يحث الناس على (خلق رؤى جديدة تملأ الحياة بهجة، تضفي المزيد من الأبعاد إلى أحلامنا وخيالنا).. تَصَوَّر!!.. هكذا وردت..
هذا الفهم مطروح الآن كوسيلة (لصياغة الأمة ضد الإستلاب).. وكنداء نحو (الارتباط بالجذور كأساس للحداثة)..
و(تمكين الشباب من أدواتهم لصياغة فكر إجتماعي كأساس لواقع سياسي قيمي وأخلاقي جديد للأمة يناسب ثقافتهم المعاصرة).. ورد أن هناك تطلع نحو ذلك كله عبر (حوار ثقافي يتسم بالتسامح، إحترام الآخر، برغم كل التشوهات التي أحدثتها الحرب).. (إعادة الألفة كأساس للتعامل مع الجمهور).. وهكذا.
تلقائيا تنداح جملة أفكار من هذا القبيل.. أفكار ما يجمع بينها أنها وليدة تجربة الحرب، وأنها توحي بملتقى قومي تتجلى فيه من جديد فكرة(مؤتمر الخريجين) وإيحاءاته.. إن الماضي بتجلياته حاضر الآن بالجزيرة المحررة، أصلا وفعلا.. سلاحها (شخصية سودانية مستقلة).. مجدها لا يتزعزع.
دعوة للمباهاة بمجدها سنويا :
خطاب يشبه الجزيرة، ظل في القلب عبر السنين، والآن تحديدا تضج به الأسافير .. يذكر الناس (للدنيا والزمان) من هي الجزيرة من خلال من أنجبت وما برحت، شيوخ، أصحاب طريق، رواد، مشاهير، أدباء، شعراء، فنانون.. أنجبت وأنجبت..(الجمعية الأدبية كانت هنا، المهرجان الثقافي.. الدعوة لمؤتمر الخريجين.. حنتوب، بخت الرضا، الأبحاث، بركات، وود مدني.. (جادت وما فتئت.. أجمل الناس).. يعددهم الراوي بأحب أسمائهم.. بنبرة طروبة فَكِهَة عُرِف بها فهو وزير الإعلام يوم أفتتاح تلفزيون الجزيرة، الأستاذ عمر الحاج موسى.. أمامه رئيس الجمهورية وضيوف البلاد ورموزها وأهل الجزيرة (عيوننا.. أرواحنا.. سرنا وجهرنا).. الكاميرا على المشهد.. كأنهم جميعا جاءوا!..
ما فاته إسم شهير لكنه يعتذر فيطرب الناس أكثر (والاعتذار لمن فاتني ذكرهم.. (الخالق هو العالم بعدتهم).. ونعم بالله..
الجزيرة كما ورد (أنجبت وتنجب.. جادت وما فتئت)..خطاب يطالعك من الأرشيف أبهى ما يكون، يحرض القوم لتأسيس
(تذكار عزيز) لود مدني، بدلا من الأرشيف..
تذكار قومي يصون مجدها، يؤمه الناس سنويا فيجددون في أنفسهم (روح مؤتمر الخريجين)- حادي إستقلال البلاد وإبداعها وإنتاجها..لقد بقيت الجزيرة مثالا لما هو منشود والحرب تترنح (استقلال الشخصية السودانية) – غاية الآمال بعد استقلال البلاد.
مدني في الخاطر.. اعلاميا:
الجزيرة؟!.. مهما حدث هي باقية خالدة وَلود.. وشهيرة.. مهما ظلمت لن تظلم إعلاميا.. تعرفنا عليها من إعلامها.. يتصدر إعلامها مشاهير، منهم من ترقى دستوريا.. عرفت منهم كثيرون منذ عصر محراب الآداب والفنون، وحسن عبدالوهاب وطاقم مكتب إعلام الولاية الذى عزز سيرة التلفزيون القومي والإذاعة بالمشاهير والبرامج، وبمن وردت أسماؤهم في إفتتاح تلفزيون الجزيرة (..وفيها شمو..القدال.. وبابكر صديق)..
ثم التحية لإعلام الجزيرة.. التحية للأستاذ المبدع المؤسس عبد الحليم سر الختم (من غير ليه).. وللصحفي اللماح صلاح الباشا الذى أبقانا مع سيرة مدني والحرب دائرة، خبرا بخبر، شوقا بشوق.. والآن وعدا بوعد..إنها قادمة، بإذن الله.. بل هي أصلا ما غابت..
شكرا يا(باشا).. وشكرا لقناة (الزرقاء) التي ذكرتنا برواية مبدعيها ماذا تكون (ود مدني).. حاضرة ولاية الجزيرة، كانت وما زالت.. تاريخا.. وعدا وتمنيا وفعلا.. حمدا لله.
على خطى (الخريجين):
كأنه صنو الفكرة وتجسيد لها بين يدى الذكرى.. (مؤتمر خريجي شرق السودان) ينعقد ببورتسودان الأسبوع الماضي..
الخبر إنه من إبتكارات قبيلة مؤثرة، كما ورد على شاشة التلفزيون القومي.. ملمح آخر لتوهج فكرة (مؤتمر الخريجين)
ثم ورد في (قروب) لنخبة من المهنيين نسجا على ذات المنوال..
هناك من استحسن دعوة (متداولة) موضوعها (التعايش بعد الحرب كضرورة وطنية).. سعت نحوها جماعة مستبصره بخطوة عملية، فأثمرت.. قلنا خيرا، هناك من يتجاوبون مع طرح يجدد روح الحوار بعد الحرب.. حوار قوامه (التعايش ونبذ خطاب الكراهية)..
هناك من إستجابوا لدعوة السلام من هذا المنطلق.. جلسوا تحاوروا تراضوا.. ليس هذا غريبا في هذه الأجواء (المعتقة).. أتركوها، وحدها تفعل، تعززها أجواء الجزيرة ومؤتمر الخريجين.. والسلام.. بإذن الله، وله الحمد.