قادة التجديد في الغناء السوداني (3-3)
بصمات واضحة.. تجارب استثنائية.. مفردة جديدة ونقلة كبيرة
تقرير: ولاء عبدالله عوض
نختتم اليوم سلسلة قادة تجديد الغناء السوداني، حيث تناولنا في حلقتين سابقتين تجارب سرور وعثمان حسين والهادي الجبل، ونتوقف اليوم مع تجربتي محمد النصري وهاجر كباشي.
النصري وتطوير غناء الطنبور
يعتبر فنان الطنبور محمد النصري أيضاً من رواد تجديد الغناء السوداني حيث قام بالتجديد في المفردة الشعرية وذلك عن طريق إختياره لشعر جديد غير الذي كان سائداً.
وهو بذلك أصبج مجدداً وقائداً لثورة التجديد لهذا الضرب من الغناء، لذلك من البديهي أن يحتل هذه المكانة الرفيعة وفي وقت وجيز استطاع فيه أن يقدم تجربة غنائية لها ملامحها الخاصة لا تشبه ما سبقها من تجارب وكون قاعدة جماهيرية كبيرة وسط الشباب.
يمتلك النصري موهبة غنائية عالية أستطاع أن يؤسس مدرسة غنائية خاصة به وبعكس النمط السائد في غناء الطنبور ، فتح النصري أبواب تجربته وابتعد عن الأفكار الغنائية الكلاسيكية التي اتصف بها لفترات طويلة.
هاجر كباشي.. نقل أغنية البنات من “الهابطة” الي “الرصينة”
تعتبر اغاني البنات في السودان ليست بجديدة، فقد ظهرت منذ حقبة الاستعمار التركي للسودان، كنوع من الشعر يمجّد الكرم والشجاعة، ويبث الحماس في نفوس المقاتلين، إلى جانب تمجيد زعماء القبائل في بعض مناطق السودان، حيث تعتبر “الحكامة” شاعرة القبيلة.
لكن انحصرت هذه الأغاني بعد ذلك في الأفراح مرفقة بنظرة دونية للأغنية ومن يغنّيها، وتتسم أُغنية البنات بطابعٍ شعبي وكلمات جريئة ومفردات بسيطة من نتاج الحياة اليومية للناس في المدن والأرياف مصحوبة بآلة “الدلوكة” وإيقاع السيرة السوداني، وهو إيقاع محبب عند السودانيين.
ففي الأعراس تجتمع الفتيات حول العروسة يغنين أغاني تحتفي بجمال العروسة وآمالهن وتمنياتهن لها بالسعادة وتطورت أغاني البنات من الغزل والشوق والغرام وتعليم العروس الرقص الخاص بها لتصبح مع مرور الوقت أغنيات تسرد واقع حال المرأة السودانية في المجتمع.
ومعروف أن البنت تعكس مشاكلها من خلال تجمع الصديقات والجيران أثناء الغناء بالدلوكة في الأعراس والمناسبات المختلفة او كما يعرف بغناء السباته فهن ببساطة يعبرن عن مشاكلهن العاطفيه وتمجيد المحبوب بواسطة الأغاني.
فتبدأ بصياغة الواقع بحسب وجهة نظرها وما يعتريها من مشاعر وآلام وآمال، وتجاهر من خلالها برأيها بشكل واضح وصريح لإيصال رسالتها ولم تتغير رغبات البنات عمّا مضى، لكن المرأة أصبحت تعبر عن رغباتها المسكوت عنها بمنتهى الصراحة حتي ظل يراها البعض في الاونة الاخيرة اغاني هابطة وكلمات ركيكة واحيانا خادشة للحياء وتتنافي مع مجتمعنا ولا تشبه الفن والغناء السوداني الراقي بنا وتتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا ودخلوها للبيوت السودانية يشكل خطرا علي المستمع.
وهناك جدل كبير في نوعية هذا الغناء بين معارض ومدافع حتي جاءت الفنانه هاجر كباشي وغيرت هذا المفهوم بعد ان تغنت باجمل الاغاني الرصينة واثبتت ان هناك نوعا من اغاني البنات الجاد ويحمل نفس المعني السابق بصياغة مفردات جميلة ورصينة والحان خفيفة وهي تتمتع بصوت قوي وطروب يجعلك تقف عنده ويلفت انتباهك ويشدك للاستماع.
ومن هنا كانت بداية الانطلاقة لغناء البنات الجاد الرصين في الفترة الاخيرة بجانب الغناء البسيط الواقعي او الهابط كما يسميه البعض.
وانتشرت هذه اللونية من الغناء واصبح هناك عدد من الفنانات يتناولن هذا القالب من الغناء وعلي سبيل المثال وليس الحصر ندي القلعة وتميزها باغاني الحماسة وميادة قمرالدين وحرم النور وغيرهن، وبهذا التجديد سطرت الفنانة هاجر كباشي اسمها ضمن رواد التجديد في الغناء السوداني.
Comments are closed.