الإصلاحات القانونية ضرورة أمنية

0 32

بقلم: العميد شرطة (م) محمد ابوالقاسم
هذه الحرب الوجودية في السودان شارفت على نهايتها بفضل من الله سبحانه وتعالى ، وإنتصار لإرادة الوطنيين من أبناء الشعب الذين وقفوا بقوة سندا ودعما للقوات المسلحة والأجهزة النظامية والقوات المشتركة والمجاهدين والمستنفرين، حتى دقت طبول النصر ولاحت بشائره. وقد أثبتت هذه الحرب الوجودية أن الغرض منها هو الاستيلاء على أرض السودان وتشريد شعبه ، ووضح هذا جليا من ممارسات هذه المليشيا المتمردة التي هي أداة للقوة الإستعمارية لتحقيق هدف هذه الحرب.

فكان الإستهداف للمواطنين العزل بالقتل وتسبيب الأذى والإزلال والتهجير القسري، والإغتصاب للحرائر ، والإستيلاء على الأموال والمنازل وكل الممتلكات الخاصة، ثم التدمير الممنهج والكامل للبنيات التحتية المتمثلة في خدمات المياه والكهرباء ومواقع الخدمات العلاجية في المستشفيات والمراكز الصحية، وإستهداف لمقار المحاكم ومكاتب سجلات الأراضي والجامعات والوزارات والمؤسسات الحكومية والمكتبات وقاعات التعليم في الجامعات، ولم تسلم دور العبادة من المساجد والكنائس، وكذلك إستهدفت الأسواق والمتاجر، وكانت كل هذه الأفعال الإجرامية دليل على أن ما تم لم يكن عملا عسكريا يهدف للإستيلاء على نظام الحكم ولكنه كان عملا إستراتيجيا دوليا هدف للإستيلاء على أرض السودان للاستفادة من مقدراته.

وإذا رجعنا بالذاكرة للفترة الإنتقالية التي أعقبت ثورة ديسمبر، والتي تولت فيها قوى الحرية والتغيير (قحت) السلطة التنفيذية في البلاد، وتمعنا بتجرد القرارات التي صدرت في تلك الحقبة المظلمة من تأريخ السودان لعلمنا كيف كان يتم العمل بجد لتهيئة الأجواء لهذه الحرب الوجودية التي إستهدفت أهل السودان، فكان أول قرار لزعيمهم ذلك الموظف الأممي الذي قدم في غفلة من الزمان لرئاسة الوزارة من معاقل العمالة والإرتزاق فصاغ خطابا بليل دون علم مجلس السيادة دعا فيه الأمم المتحدة لإرسال بعثة للسودان وتعيين مبعوث أممي يساعد ويدعم حكومته الهزيلة في إدارة الشأن السوداني.

فكانت الإستحابة الفورية، وتم إختيار مبعوث أممي بعناية مسنودة بخبرة وافرة، وتجارب ثرة وناجحة في نسف إستقرار الدول وتهديد أمنها وإنتهاك سيادتها، ولكن بحمد الله وتوفيقه ورعايته سبحانه وتعالى للسودان وأهله تم طرد ذلك المبعوث بقرار تاريخي من رئيس مجلس السيادة قبل أن يتمكن من إكمال تنفيذ خططه التي مضى فيها بكل إجتهاد .

-ولعل أخطر القرارات التي تم إتخاذها خلال الحقبة المظلمة التي تولتها (قحت)، هي تلك التي كانت تستهدف الأجهزة الأمنية وتستتر خلف شعارات الإصلاح القانوني وإزالة تشوهات التشريعات في نظام الإنقاذ، وقد دعت الوثيقة الدستورية إلى مجموعة من الإصلاحات القانونية والمؤسسية بشأن حقوق الإنسان والإصلاح القضائي، وإصلاح القانون، وقد كان من الواضح أن هنالك إستهدافا لأجهزة الدولة الأمنية وعمل ممنهج على إضعافها من خلال هذه الدعوة الزائفة للإصلاحات القانونية، وكانت المنظمات الأجنبية تشكو من أن التأخير في تنفيذ هذه الإصلاحات القانونية يعيق جهود الإصلاح ، ويقوّض الانتقال إلى الحكم المدني والتغييرات الأخرى المأمولة!!.

وبلغت الجرأة والتدخلات السافرة أن تقول منظمة هيومن رايتس ووتش بأنه: لكي يترسخ الانتقال، هناك حاجة ملحة أيضا إلى خطة شاملة لإصلاح الجيش، والشرطة، وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، ويجب أن تشمل الإصلاحات إنشاء أنظمة مساءلة ضمن هذه القوات ووضعها تحت إشراف مدني !!!!.

ولما كان الأمن يمثل عاملا أساسيا للنهضة والتنمية، كان من الواجب الإهتمام به، ويتعين على قيادة الدولة أن تعمل وبصورة عاجلة على مراجعة التشريعات والقوانين وإصلاحها، وإعادة الصلاحيات والسلطات القانونية للأجهزة الأمنية لتمكينها من القيام بواجباتها وتحقيق أهدافها بما يحقق حفظ الأمن والإستقرار بالبلاد وتهيئة الأجواء لنهضة تنموية شاملة.

Leave A Reply

لن يظهر بريدك الإلكتروني عند نشر التعليق

شكرا للتعليق