حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: تجارب تعيدها الحرب
وحرب الخامس عشر من أبريل من العام ثلاثة وعشرون وألفين لحظة إندلاعها صباح السبت بوسط العاصمة الخرطوم لم تكن توقعات أكثر الناس تشاؤما أنها ستطول أيامها.
ولكن أرادة الله سبحانة وتعالى هى التى تسير هذا الكون ونحن فى رضا تام بحكم الله ولايزال الأمل والتفاؤل يسير بين أغلب الناس بأن الحرب ستضع أوزارها ويعود الناس الى حياتهم التى ألفوها لسنين طويلة.
وهاهى وفود العودة الطوعية للمدن والولايات بدأت تأخذ حظها من الإنتظار خاصة فى الخرطوم والجزيرة وسنار وبعض شمال كردفان والكل بالطبع يمنى نفسه بأن تتوقف الحرب اليوم قبل الغد وليس ذلك على الله بعزيز (فإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) وسيحكى الناس عن الحرب وآثارها طويلا فقد ظهرت دروسها وعبرها لكل ذى عقل وبصيرة ، ومن لم تغيره الحرب الى الأفضل فسيكون خاسرا وأن ربح من الحرب ما لم يكن يحلم به فى كل حياته ،
السودان لهم مذاهب شتى
وأهل السودان لهم مذاهب شتى فى الحكم على من لم تغيره ظروف الحياة فمنهم من يقول لك (دا ما بستفيد) يعنى مثل هذه التجارب التى خاضها أثناء الحرب كفيلة بأن تغير واقعه السابق الى واقع جديد يلحظه الذين يعيش بينهم وإن قصرت مدة أقامته بينهم .
ومن كتب الله تعالى له أن يعيش فى مناطق الحرب فى بلادنا السودان فبالتأكيد يمر بتجارب لم يكن يتوقع أن يعيشها أو يكون أحد صانعيها أو مشاركا فيها ، فتغيرات كثيرة أحدثتها الحرب فى تلك المناطق أعادت الى أذهان الناس الى سنوات سابقات عاشوا خلالها تلك التجارب
وآخرين لم يعيشوها طوال مسيرة حياتهم إما أن يكونوا ولدوا فى أماكن أخرى أو غادروا مناطقهم منذ صباهم الباكر ،
هنا تكتب لهم الأقدار الربانية فصول حياة لم يألفوها من قبل أو نسوا تفاصيلها التى غيبتها السنوات الطوال عن الأذهان وما أصعب تلك التجارب التى تحتاج الى روح تأمن تمام الإيمان بقضاء الله وقدره ،
حتى تستطيع أن تواكب التغيرات التى لم تكن فى الحسبان ،
قديما قيل (مشيناها خطا كتبت علينا /ومن كتبت عليه خطا مشاها) وتفاصيل حياة أغلب الناس فى مناطق الحرب مشت تلك الخطئ بطيئة كانت أو مسرعة ، فلا مفر من تلك التجارب بخطواتها التى تختلف من شخص لآخر ،
ومن منطقة لأخرى وذلك للإختلافات البينة فى بيئة وجغرافية وثقافة كل منطقة .
وهاهى الحرب تمضى نحو العامين ولاتزال حياة الناس فى مناطقها تعيش كل تفاصيلها الحزينة التى تتداولها المجتمعات فى المدن والأرياف فى جلساتها المختلفة ، فقد تقطع بالناس سبل الإتصال والمواصلات ولم يعد أمامهم خيارات مريحة سوى البحث عن من أن يوصل رسائلهم إلى من يريدون فإن كان الشخص بعيدا فرسالتك
إما أن تكون شفاهة بمعنى توصية وصية بأن يقول كذا وكذا أو كتابة فى وقت عزت فيه الكتابة ، وأما فى حال يكون الشخص المعنى فى منطقة قريبة فهنا يتوفر لك خيار آخر غير هذين الخيارين خاصة أن كانوا من أهل الريف ،
فالدواب من الجمال والحمير والخيل هى خيارك الأنسب لسرعة توصيل رسالتك وعندها تضمن أن الرسالة وصلت لأن من أرسلته سيعود إليك آيبا ليخبرك بتسليم الرسالة لصاحبها وعندها يطمئن المرسل على وصول رسالته ، وكثيرا من الرسائل مرت خلال فترة الحرب ولم تصل إلى وجهتها لغياب هذه الوسائل ذات الأهمية للمجتمع ، فتجد من يقول لك أننى لم أستطيع أن أتواصل مع أقاربى لفترات طويلة ولم أعرف عنهم شيئا وهم كذلك لايعرفون عنى شيئا ، وآخرون تتأخر عنهم تفاصيل وفيات لتصلهم بعد مدة طويلة ولايجدون التفاصيل الوافية عن أسباب ومكان الوفاة أو غيرها من التفاصيل المهمة وهكذا لجأ الناس فى مناطق الحرب الى تجاربهم السابقة ونقلها ليستفيد منها الجيل الجديد الذى عرف كيف كان الناس يعيشون حياتهم مستفيدين من بيئتهم المحلية .