(حكاية من حلتنا) يكتبها آدم تبن: حبابك يارمضان

0 12

يمر علينا شهر رمضان المبارك وبلادنا تشهد إنتصارات بارزة لجيشنا الأخضر على التمرد.

الذى أذاق الناس صنوفا من العذاب والقهر لم يكن يتوقعه الجميع.

فحرب الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م إندلعت شرارتها فى وسط عاصمة البلاد الخرطوم فى مثل هذا الشهر.

وتوقع أكثر الناس أن تنتهى فى أيام قليلة، لما يعرفونه عن علاقة وطيدة بين قائد الجيش وقائد التمرد ستكون حائلا دون إستمرارها طويلا.

إلا أن إرادة الله أرادت أن تعلمنا بأن من يقدر للأشياء هو الله تعالى.

وليس لتوقعات البشر أدنى تأثير على تصاريف الأقدار المكتوبة.

لذا فعلى الناس أن يتعلقوا بالله تعالى ويرجعوا إليه فى جميع سكناتهم وحركاتهم فالله غالب على أمره.

ورغم إندلاع الحرب فقد إستطاع الناس تدبير أمورهم وأكملوا صيام رمضان فعندما يحين وقت إفطار رمضان يفطرون جماعات.

وفرادى ويتعشون ويتسحرون فى منازلهم كيفما أرادوا.

ويتصدقون من بعض أموالهم التى فيها حق للسائل والمحروم .

وياله من إيمان وثقة فى ربهم أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين .

وبقدوم شهر رمضان هذا العام لم تتراجع وسائل الإستعداد له فلا يزال الناس فى بلادى يتمسكون بجميل عاداتهم.

وتقاليدهم التى ورثوها من الآباء والأجداد.

وهنا لابد أن نقول لأمهاتنا شكرا لكن على جزيل ماتقمن به من تجهيزات مختلفة فرحا بقرب شهر التوبة والغفران.

صناعة الآبري في رمضان

فلا شى يشغلهن عن التجهيزات خاصة عند حلول شهر شعبان الذى تعارفن على تسميته ب(قصير) بكسر القاف والصاد.

ويبدأن بتجهيز تزريعة الذرة وطحنها وإضافة بعض التوابل مثل العرق الأحمر والقرفة.

لتصبح عجينة جاهزة لصناعة الآبرى أو (الحلومر) كما يحلوا لبعض أهل الحضر.

فتجهيزاته تحتاج الى فترة طويلة ، وبعدها يتجمعن جماعات لما يسمى ب(عواسة الآبرى).

وتعنى تصنيع الدقيق وعجينة لتصبح بعد ذلك قطعا بلون أحمر.

تعجن فى الماء ويضاف الى قليل من السكر فتخرج شرابا حلوا بلون أحمر رائع المذاق يتسيد مائدة رمضان طوال الشهر الفضيل.

ولاتزال بعض الأمهات يتمسكن بصناعة الآبرى فى المنازل خاصة فى المدن رغم زيادة تكاليف صناعته.

فهو يحتاج الى الذرة فغالب أهل المدن يشترونها من الأسواق وكذلك حطب الوقود لعواسة الآبرى.

فالأمهات يهمهن أن تكون صناعة الآبرى بأيديهن بدلا من شراءه جاهز من الأسواق.

لغلاء أسعار وقلة المواد التى تضاف إليه أو حتى طريقة عواسته التى تغلب عليها السرعة وعدم الإتقان والجودة .

عادات أهل السودان في رمضان

ولاتزال عادات أهل السودان الجميلة حاضرة فى شهر رمضان لم تزعزعها هذه الحرب التى إستهدفت المواطن فى أغلب المناطق.

فأذكر فى العام الماضى فى مدينة أم روابة التى كانت تحت سيطرة التمرد اللعين.

الذى ترك الحرب بالسلاح وحارب المواطن حتى فى عاداته وتقاليده الراسخة.

مثل الخروج الى (الضرا) خارج المنازل عند قرب موعد الإفطار الذى يتلاقى فيه الجيران.

كل يحمل صينية إفطاره وبها ما جادت به نفسه ويقطعون الطريق للصائم للإفطار معهم.

طمعا فى زيادة الحسنات والأجور فهذا هو شهر البركات والخيرات والإكرام.

ويأتى رمضان ويجد المدينة وريفها قد وهبها الله نعمة الأمن والإستقرار بعد دخول الجيش وتحريره لها من قبضة التمرد.

الذى كاد أن يغير صورتها الزاهية التى عرفت بها.

عموما إستبشر المجتمع السودانى خيرا بالإنتصارات وتدفقت الخيرات والقوافل على المناطق المحررة .

وبدأت أسعار السلع الغذائية فى نزول متواصل بعد أن عادت حركة نقل البضائع بعدد من الطرق.

خاصة الطريق القومى مدنى سنار كوستى الأبيض.

فقد عاش الجميع أياما صعبة وصلت فيها أسعار السلع لأسعار قياسية أرهقت جيب المواطن .

بل إنعدم الكثير منها ولم يجد الناس حلا سوى تركها عملا بمقولة (الغالى متروك).

ويعود شهرنا الفضيل وتنطوى صفحات سوداء من تأريخنا السياسى والإجتماعى والإقتصادى.

ولسان حال الناس يردد فرحا مستبشرا (حبابك يارمضان) .

Leave A Reply

لن يظهر بريدك الإلكتروني عند نشر التعليق

شكرا للتعليق