الزين صالح يكتب: الجماهير والسلطة في السودان

91

بقلم: زين العابدين صالح عبدالرحمن
عندما اندلعت ثورات الربيع العربي في عدد من الدول العربية، سئل في ذلك الوقت الرئيس البشير، هل تتوقعون أن تكون هناك ثورة في السودان امتداداً لتلك الثورات؟ قال بلسان المتأكد أن ثورات السودان قد تمت في أكتوبر 1964م وفي إبريل 1985م، والسودان ليس في حاجة لثورة.

حديث البشير كان يؤكد أنه بعيد تماما من الشارع السوداني، وأن الثورة ليست شبيهة ببلاغات أجهزة الاستخبارات والأمن، أن مسبباتها عديدة، وهي عملية تراكمية لها عواملها، لكن لا يستطيع الشخص يتنبأ بمواقيت وقوعها، ويمكن رصد العوامل التي تؤدي لها، وفي ذلك الوقت كانت العوامل مكتملة والكل ينتظر لحظة انفجارها.

دائما السلطة تعمى أصحابها من معرفة الحقائق، أو أنهم دائما يحاولون تجاهلها، لذلك لا يتحسبون لوقوعها إلا بعد ما تصبح واقعا ينتظم الشارع هتافاً يجلجل أركان النظام.

في هذه الحظة وحدها يعود الرشد، ولكن بعد فوات الأوان وهي ليست مرتبطة فقط بديكتاتورين بعينهم، إنما تصيب كل من يسير في ركب فكرة السلطة، لذلك العقلاء الديمقراطيون دائما يجعلون آذانهم صاغية للجميع، لأنهم يعرفون أن المدارسة والتفاكر والشفافية تمنع الوقع في الانحراف.

سلطة الفترة الانتقالية بعد توقيع الوثيقة الدستورية، كان عليها أن ترتب أولوياتها وفقاً للأهداف المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، لكنها سكرت بالسلطة، وأهملت أهداف الثورة في تشكيل المؤسسات العدلية والمفوضيات.

كانت تحتاج إلي خضة قوية لكي تفيق من سكرتها، وتجد نفسها مواجهة بالواقع، مواجهة بشباب واعي ومدرك لدوره، والدلالة على ذلك إنه جعل شعاراً واحداً هو المشترك “الدولة المدنية الديمقراطية” لكي يلفت الجميع أن الديمقراطية تحتاج لمعايير خاصة، ليست هي الشروط التي تحاول أن تمليها بعض القوى السياسية.

أن مسيرة 21 أكتوبر أعادت الوطن ليكون في قمة ترتيب الأولويات، الأمر الذي يغير من الواقع السياسي، ويخلق واقعا جديدا قائما على المشتركات الذي يؤهل الكل أن يقدم مبادراته من أجل أنجاز أهداف الفترة الانتقالية.

أن مسيرة 21 أكتوبر جاءت لكي تعيد للعقل دوره في العمل السياسي، وأن يفكر الكل خارج دائرة موروث الفشل، لكن يصبح السؤال هل النخبة السياسية لديها الاستعداد أن تغير طريقة تفكيرها التقليدية؟.

أن النخب التي سحرت بالسلطة عطلت عقولها بسبب الجري وراء المصالح الخاصة، وهؤلاء لا يستطيعوا بناء الوطن، رغم أن أهداف الفترة الانتقالية هي مقدم للبناء الديمقراطي في الدولة، لذلك مسيرة 21 أكتوبر تعتبر منعطف حقيقي في المسرح السياسي السوداني، أن ينطلق الجميع من منصة الديمقراطية، حتى تصبح هناك لغة مشتركة بين المجموعات المختلفة، ونسأل الله حسن البصيرة.

Comments are closed.