اليسار بين إنعدام الوزن و التدحرج

0 6

عندما سقط حائط برلين، إذانا ببذوغ عصر سياسي جديد بعد رحيل تجربة مايسمى”الحرب الباردة” بين الغرب والشرق.

لكن هذا الحدث الذي أدى إلي سقوط الاتحاد السوفيتي، و إعادة النظر في الفلسفة الماركسية.

أثارت تساؤلات داخل الحزب الشيوعي، لذلك أضطرت القيادة في الحزب أن تفتح حوارا داخليا.

و أيضا خارجيا من خلال مجلة تصدر في الخارج بأسم ” قضايا سودانية” و كان الحوار يتركز في قضيتين.

الفكر الماركسي

“الموقف من الماركسية و الثاني تغيير أسم الحزب” و كان الحوار يأخذ طابعا فكريا، و كان الجدل جادا.

و بدأ العديد داخل الحزب و خارجه يقدمون أراء تنبيء بأن السودان مقبل على مرحلة جديدة يتسيد فيها الفكر.

الذي يعتبر الأداة الجوهرية للتغيير في أي مجتمع.. و أصبح الكل مجرور في هذا الحوار…

وخاصة عندما نشر الخاتم عدلان رؤيته الفكرية بعنوان ” أن أوان التغيير” أن دعوة الشعارات السياسية في الاتحاد السوفيتي ” البروستورويكا وجلاسنوست”.

وهي دعوة للانفتاح والشفافية، والحوار قد قاد إلي طلب تقرير المصير للعديد من الدول التي كان جزاء من الاتحاد السوفيتي..

رأي قادة اليسار

كان الحوار داخل الحزب الشيوعي وخارجه يبشر بأمل كبير، أن يحدث تحولا في طرق التفكير السياسي.

خاصة من قبل عضوية الحزب التي كان لها أثرا على قطاع واسع من المثقفين.. كان رأي الخاتم عدلان يقول عكس ذلك.

حيث كان يعتقد أن القيادات الاستالينية في الحزب سوف تجير كل هذا الحوار و الجدل الفكري لصالحها.

و هي لن تقبل بالمطروح في الساحة.. بعد فترة أجرت جريدة الخرطوم حوارا مع التجاني الطيب.

مرجعيات الحزب اليساري

مسؤول العمل الخارجي في الحزب.. قال التجاني في الحوار إذا 85% من الحزب وقفوا مع إعادة النظر في الماركسية.

لتصبح فقط واحدة من مرجعيات أخرى للحزب. و وافقوا على تغيير أسم الحزب.

و 15% من القاعدة تريد أن تذهب بالحزب دون أي تغيير يحدث يحق لها ذلك.

حديث التجاني أثار جدلا وطرح سؤلا ما هي الفائدة من الحوار؟ وهذا ما ذكره الخاتم عندما سألته لماذا التعجيل بالخروج؟.

قال أن القيادات التاريخية في الحزب تعشق النصوص.. وعاجزة أن تقدم فيها أية تجديدات أو أطروحات توضح فهمها للمتغيرات.

الاقتصاد والعولمة

في حركة الاقتصاد في العالم و يضرورة لها انعكاست على السياسة في العالم  و العولمة.

التي اعتمدت على أجنحت الثقافة في الرحيل للدول الأخرى.. وحديث التجاني أدى إلي خروج مجموعات من الحزب في مراحل متعددة.

وواصل الشفيع خضر مشوار التجديد من داخل الحزب، و تم طرده حتى لا يؤثر سلبا داخل المنظومة الحزبية..

السؤال: لماذا ذكرت هذا الحديث تكرارا؟ باعتبار أن الزملاء الذين غادروا الحزب الشيوعي هم من أفضل الكوادر الحزبية.

التي كانت تهتم بالشغل الذهني، و مغادرتهم أثرت سلبا على الحزب، و أصبح دوره ضعيفا.

مقارنة بقوى سياسية جديدة ظهرت بعد التوقيع على “إعلان الحرية والتغيير”.

لذلك حالة السكون التي يعيشها الحزب الشيوعي ناتجة من قلة المثقفين.. و أيضا عجز القوى السياسية.

في مواجهة تحديات الفترة الانتقالية ناتجة أيضا من ضعف قدرات الذين تصدوا للعملية السياسية و قلة خبراتهم.

  أن القيادات  الاستالينية ليس فشلت في توجيه الفترة الانتقالية بالخبرات التي تمتلكها.

أنما عجزوا حتى على فتح قنوات متعددة للحوارات السياسي، التي تستهدف لقطاع واسع من الجماهير. 

و خاصة الشباب، و الحوار السياسي بين التيارات المختلفة كان يمكن أن يخفف حدة الصدامات.

و العجز هو الذي جعلالحزب الشيوعي يعلن الدعوة لإسقاط عبد الله حمدوك، و قبل ما يقدم المكون العسكري على الإطاحة بحكومته..

في ظل الصراع السياسي الدائر في البلاد، والذي تتغير الأجندة فيه وفقا للمتغيرات التي تحدث بسبب إفرازات الصراع والحرب الدائرة.

كان و مايزال بعض المثقفين السودانيين يحاولون التقرب من اليسار بصفة عامة، و الزملاء بصفة خاصة.

إعتقادا أن هؤلاء هم الذين سوف يمنحونهم المشروعية في النشاط الثقافي، و أيضا مدخلا لهم للقبول الجماهيري.

وهناك البعض لا يتخيل أن هناك مثقفين يستطيعوا أن تكون لهم شخصياتهم المستقلة خارج دائرة اليسار العامة والخاصة.

رغم أن اليسار الآن قد فقد بريقه تماما، و أصبحت منتجاته من المخلفات التاريخية للمجتمعات.

فالأدوات النقدية التي يستخدمها اليسار قد صدأت عاجزة أن توصل مستخدمها لنتائج طيبة.

تحليل الوقائع

أما القوميين أصابهم العقم منذ رحيل عبد الناصر، و مجهودات كل من عصمت سيف الدولة و عبد الله خيري.

اللذان كانا يستلفان في تحليلهم للوقائع الاجتماعية و العالمية من الماركسية.. و البعثيون.

فشلوا في عملية الربط الجدلي للشعار ” وحدة و حرية و أشتراكية” أيضا حاولوا الاستلاف من الماركسية.

لكي يعززوا جدلهم و فشلوا، و الآن بعد سقوط بعثي العراق و سوريا أصبحوا مثل الأطفال الأيتام.

عجزوا عن تحديد موقفهم.. هم ديمقراطيون في السودان برفع الشعارات.

و في نفس الوقت يرفعون صور صدام في مقار الحزب أكبر ديكتاتور في الوطن العربي.

تناقض اليسار

هذا التناقض ناتج عن حالة العجز الفكري.. عجزت النخبة البعثية أن يكون لها مجهودات فكرية تحدد مسارها السياسي.

هذا الخلل الفكري هو الذي جعلهم يعتمدوا على الانقلابات العسكرية للوصول للسلطة..

كنت اتسأل لماذا الزملاء متمسكين باللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ؟ هذه المقولة يعتبرونها طوق نجاة من الموت.

إذا اسقطوا اللحنة الأمنية، وعللوا فشل الفترة الانتقالية بسبب الكيزان، يكون الكيزان هزموهم في الصراع السياسي وهددوا سلطتهم.

وبالتالي قدراتهم أفضل منهم في إدارة الصراع.. لذلك تمسكوا باللجنة الأمنية حتى يعللوا أن قوة الكيزان.

تأتي من قبضتهم على المؤسسة العسكرية، إخفاء لضعفهم… و أيضا خطفت شعار “الكيزان و الفلول” كل من القوميين بانواعهم.

و قحت المركزي بكل تنوعات تنظيماتها.. أيضا إخفاء حالة الضعف و القدرات.. اليسار في السودان أصبح ماضي و تاريخ.

نسأل الله حسن البصيرة..

..المقال القادم تعليق على مبادرة الحزب الشيوعي..

بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن

أقلام: صحوة نيوز

انضم لقروبنا في الواتساب

صفحتنا على الفيسبوك

Leave A Reply

لن يظهر بريدك الإلكتروني عند نشر التعليق

شكرا للتعليق