في ذكرى فض الإعتصام.. إلى أين سينطلق غداً القتلة؟

110

بقلم: كامل عبدالله كامل
توزع الموت فى كل المكان، كنا لحظتها نحن المخلفون من الثوار خلف الشاشات بأعذارنا المختلفة، وكانوا هم هناك، صبايا يانعات، وشباباً يزاحمون الزهور الندية في أعمارها، ما زال يطن في أذني صوت إستغاثتها وأخريات، كن يسقن الي غرف يبدو إنها مهجورة لينال القتلة من براءة أحلامهن، ويغرزوا رغباتهم المريضة في خاصرة عرضنا المستباح يومها.

كنت كطفل صغير لا يعرف سوى رائحة الحنين في ثوب أمه، ففقد حتى طعم الحليب، ظللت أتنقل بين القنوات برجفة ترتعش لها مني حتى الشفاه المتيبسة ، أبحث عن بقايا ريقي الناشف، فلا أجد الا بقايا لعاب مر، ودموع أغالب بها إحساسي الفاجعة، كان الشهداء يتساقطون “مجرتقين” بدمائهم، وصوت الرصاص زخات لا تفتر همتها عن نشر الرعب.

ذلك الشهيد الذي أوي الي خيمة لا خوفاً، ولا طلباً للإحتماء أو النجدة، بل ليبلغ وصيته منتهاها صوب الأمل المتقد دوماً والذي لن تفتر له همة أو تلين له عزيمة، ليسجل له التاريخ أن الشهداء هم الرحمة التي كانت تسير بيننا، وبرحيلهم سيعم الخراب لكن إلى حين..

بقايا التروس سائحة من فوقها الدماء ندية، الجداريات الباسمة لعظمة ووصيته التي كان ينفذها أحد الشهداء حرفياً، بأن لا يستلقي أثناء المعركة، فيقف شامخا، يعتصر الدماء ليحتضن ترس أحلامه الفسيحة، ويسلم الراية بذات الثبات.
فجيعة الأمهات في فلذاتهن، ومشاريعهن اللاتي أولينها الرعاية والسقاء، وئدت أمام اعينهن بقسوة، لا يتمتع بها سوي أصحاب الضمائر المشوهة، والقلوب النابضة بالقسوة، والنفوس المستهلكة في العبث بالدماء، والأيادي الوالغة لحدها في نكث غزل إرادة السودانيين.

هل ننسى؟؟ هل نغفر؟؟ وفي أسواق المساومات المعدة سلفا، والمحكوم رباطها الي الأوراق الخضراء التي تدر الرغبات، هل تباع دماء الشهداء؟؟ هل يفلت القتلة والمغتصبون بفعلتهم؟ ألي أي جهة يا ترى سينطلق غدا القتلة؟.

Comments are closed.