زيارة ترامب و انعكاساتها على السودان و المنطقة
أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارة للشرق الأوسط، دون أن يكون لها أثرا فاعلا على بعض القضايا المشتعلة في المنطقة.
حيث بدأ زيارته بالمملكة العربية السعودية حيث عقد فيها محادثات مع قيادتها السياسية، وأجتماع مع مجلس دول الخليج.
في هذين الاجتماعين تمت الإشارة إلى سوريا حيث التقى الرئيس السوري الشرع مع الرئيس الأمريكي ترامب.
الذي قرر رفع القوبات المفروضة على سوريا، وعلى الشرع نفسه، على شرط أن تطبع سوريا علاقتها مع إسرائيل.
الحرب في السودان
أما القضية الأخرى التي تتعلق بالحرب في السودان قد أشار إليها ولي العهد محمد بن سلمان في كلمته.
بإن وقف الحرب في السودان يجب أن يتم على منبر جدة الذي تشرف عليه كل من أمريكا والسعودية.
من إشارة ابن سلمان في كلمته؛ كأن هناك أتفاقا مقدما قد تم بين ولي العهد السعودي ورئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان.
لذلك لم تتم إثارة قضية حرب السودان في المحادثات التي تمت في كل من قطر والأمارات.
الخلافات في اليمن
وأشار أيضا ولي العهد السعودي إلي أن السعودية ساعية إلي أنهاء الخلافات في اليمن من خلال حوار بين الأطراف فيها.
لكن الملاحظ أن أمير الكويت في كلمته أشار إلى اتفاق وقف إطلاق النار في البحر الأحمر.
الذي تم بين أمريكا و”السلطة الشرعية في اليمن” بوساطة من سلطنة عمان.
ثم بعد ذلك طلبت السعودية من أمير الكويت الأعتذار عن كلمة “الشرعية في اليمن“ في ذات المنبر وقد فعل.
لقاء ترامب
هذه تقودنا إلى أن التصريح الذي صدر من رئيس المجلس القيادي في اليمن رشاد العليمي الذي قال:
(كنت أنتظر محادثة من ولي العهد السعودي، بإخطاري بالموعد الذي يجب أن التقي فيه بالرئيس الأمريكي.
ولكن لم يتصل، ومن بعد تم أخطاري أن الرئيس الأمريكي ترامب قال لا يقابل شخص في مجلس فيه ثمانية أعضاء.
وإذا كان ترامب لا يؤمن بالسلطة الحوثية بأنها السلطة المسيطرة فعليا في اليمن، لماذا وقع معها اتفاق لوقف إطلاق نار؟.
ودون أن يكون الاتفاق مرتبط بإسرائيل.. ودلالة على ذلك أن الحوثيين أطلقوا صواريخهم أيضا بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع أمريكا.
زيارة الخليج
أن بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارته للخليج بالسعودية ، تعني أنها الدولة التي تضعها أمريكا رائدة ومحورية في المنطقة.
رغم أن الزيارة خصصت لقضايا أقتصادية، تهم سياسة ترامب، والوعود التي كان قد ضربها لكليته الانتخابية.
وترامب أشار إلي قضيتين ألأولى رفع العقوبات عن سوريا، وهذه مرتبطة بتركيا.
باعتبار أن تركيا هي التي قادت عملية التغيير في سوريا بتفاهمات مع أمريكا.
والثانية الإشادة بقطر التي استطاعت أن تلعب دورا مهما كوسيط في المحادثات بين أمريكا وإيران.
الصراع الدولي
وقال ترامب أن قطر قد اسهمت في عدم تصعيد الحوار للحرب.. وهل ترامب لا يعرف ألعلاقة بين الحوثيين وإيران؟.
ثم تحدث ترامب عن إبعاد حزب الله من السلطة في لبنان دون الدخول في تفاصيل.
الملاحظ من خطاب ترامب لا يريد أن يقحم بلاده في صراعات بين دول ليس للولايات المتحدة فيها غنيمة.
لذلك فضل أن يوكلها للسعودية وقطر والدول الأخرى.
يتخوف ترامب أن تدخله الأمارات في قضايا وصراعات لا تفيد أمريكا بعد المكسب الذي وجدته في دول الخليج.
لذلك أمن الصمت على حديث ولي العهد محمد بن سلمان دون التعقيب عليه.
الغريب في الأمر: لم تتم إثارة قضية غزة في المحطات التي وقف عندها ترامب جميعها.
إلا في خطاب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عندما قال:
وقف الصراع في غزة يجب أن يكون بقيام الدولتين وفقا للمعاهدات الدولية.
وربط ترامب رفع العقوبات من سوريا شريطة التطبيع مع اسرائيل.
مما يتبين أن ترامب يريد أن يكون الحوار مباشر بين العرب واسرائيل من خلال مسألة التطبيع.. وتكون أمريكا وسيط.
خطابات الزيارة
من خلال خطابات الزيارة لكل القيادات في دول الخليج والرئيس الأمريكي، يتضح أن أمريكا.
قد أوكلت مهام الحوار في أماكن الأزمات إلي المملكة العربية السعودية، وأيضا قطر.
ومن خلال خلو اسم السودان في خطاب الرئيس الأمريكي ترامب، يتضح أن أمريكا لن تتدخل في القضية السودانية.
كما كانت تتوقع قيادات الميليشيا، والذين يدورون في محورها، وكان اعتقاد القيادة في أبوظبي إنها سوف تجد الضوء الأخضر.
لتكون طرفا مدعوما من قبل أمريكيا للتدخل في الشأن السوداني.. ولكنها لم تجد ما كانت تصبو إليه.
كما أن المسألة التي تتحجج بها أن رسالتها القضاء على الإسلاميين في المنطقة، أصبحت غير مقنعة.
ودلالة على ذلك قبول أمريكا بالرئيس السوري الشرع، رغم إنها كانت تعتبره من المتطرفين الإرهابيين، ألان تعفو عنه.
وقول ترامب أن الرئيس التركي طيب أردوغان صديقا لهم.
أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتقد: أن أزمة أمريكا هي في الدولة العميقة التي تسيطر عليها مؤسسات تقليدية.
وتريد أن تحافظ على مصالحها، وبالتالي تريد أن تقيد الدولة وتتنازل عن مصالحها..
المفهوم الترامبي
والمفهوم الترامبي للدول يختلف عن الإرث الذي شيده الأباء المؤسسين في أمريكا ولكنه وجد تيارا عريضا وسط المجتمع.
ورغم أن ترامب اعتمد على قوة الولايات المتحدة في فرض شروطها على الآخرين، لكنه بدأ يتنازل عن ذلك.
لآن القوة نفسها أصبحت موزعة، كما يشير إليها بوتين باستمرار “تعدد الاقطاب“.
وبالتالي الكل يحاول أن يعمل وفقا لمصالحه في الصراع الإستراتيجي و يعزز العلاقة مع حلفائه.
والزيارة رغم أنها مخصصة لبعض دول الخليج، لكنها لمست بعض أطراف القضايا، وبينت كيفية التعامل معها مستقبلا.
وأن كانت الأمارات دفعت أمولا دون أن يوكل لها أية مهمة تشجعها على التمادي في التدخلات المتواصلة.
في شأن الدول الأخرى، وعليها أن تواجه نتائج أعمالها في المنطقة.. نسأل الله حسن البصيرة..
بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
أقلام: صحوة نيوز