جدلية الفكرة بين العطا و الدقير
إن اللقاء الذي أجرته صحيفة “الكرامة” مع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة، حول مستقبل العملية السياسة في السودان.
واللقاء الذي أجراه أحمد طه لقناة ” الجزيرة مباشر” مع المهندس عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني.
وتحدث فيه عن رؤيته للعملية السياسية في السودان.. تعتبر الرؤيتان مختلفتان تماما.
رؤية العطا والدقير للحل
لآن كل رؤية تنطلق من مقاعدة مفاهيمية تختلف عن الأخرى.
إن اللقائين قد تناولا موضوعات عديدة، وأن المقال سوف يحصر قضية “جدل الفكرة” في قضيتين تشكلان محور الجدل.
أن الفريق أول ياسر شدد القول أن السلطة الحاكم لن تجري أي عملية حوار سياس.
وأشاد بالدور البطولي الذي تقوم به المقاومة الشعبية في التصدي للميليشيا.
في الوقت الذي نجد فيه أن المهندس عمر الدقير يبني إستراتيجيته على مفاوضات تجمع رئيس مجلس السيادة مع قائد الميليشيا.
باعتبار أن المفاوضات هي التي سوف تعيد “المسرح السياسي القديم” الذي كان قبل الحرب 15 إبريل 2023م.
وهنا الخلاف بين الرؤيتين.. وعمر الدقير لا يعتقد أن أغلبية الشعب تقف مع الجيش، ويستدل بذلك.
بأنه لم تجرى انتخابات لتثبت أن الأغلبية تقف مع الجيش.. ويعتقد أن هناك أغلبية صامته هي التي تمثل أغلبية الشعب.
السؤال لماذا لم يتوجه لها حزب الدقير أو التحالف الذي هو عضو فيه؟
حديث العطا
إن حديث العطا بالقول “لا توجد مفاوضات سرية وقرار الدولة القضاء على الميليشيا“.
أن ياسر يؤكد هنا قول القائد البرهان الذي يتلخص في وقف إطلاق النار في خيارين هزيمة الميليشيا أو قبولها أن “تجمع قواتها في مراكز ويجمع منها السلاح”.
وفي كلا الحالتين سوف يؤدي إلى تغيير كامل في ” المسرح السياسي” عدم الرجوع لفترة ما قبل الحرب.
وهذا ما اشار إليه الفريق إبراهيم جابر في القمة العربية ” أن وقف إطلاق النار يعني انسحاب الميليشيا.
من كل المناطق التي تتواجد فيها ومن محيط الفاشر وتتجمع في معسكرات”.
وبعد ذلك تشكيل حكومة توكنقراط تحضر لإنتخابات عامة بالبلاد.. بذلك يكون المكون العسكري متفق على ترتيب العملية السياسية بعد الحرب.
المقاومة الشعبية
أن الفريق أول ياسر العطا في اللقاء الصحفي، نجده قد رجع لفكرته القديمة، ويعتقد أن المقاومة الشعبية.
يجب أن تلعب دورا في مستقبل العملية السياسية في البلاد، يؤهلها على ذلك الدور الذي قدمته في الحرب.
ودرج العطا يتطرق إليها كلما جاء الحديث عن مستقبل العملية السياسية في البلاد.
والآن المقاومة الشعبية في الولايات التي طردت منها الميليشيا بدأت تشكل مجالس للخدمات في الأحياء ومجالس أخرى حسب الحوجة إليها.
وهذه تعد من أهم إفرازات الحرب، أن الذين حملوا السلاح دفاعا عن مناطقهم والوطن.
هؤلاء وجدوا أنفسهم يتحملون مسؤوليات خدمية وإدارية.. ويقوموا بتجميع أموال من آهلهم ومواطنين مناطقهم في الخارج لشراء معدات الطاقة الشمسية.
لتشغيل محطات المياه وتقديم الطاقة للمناطق الصحية وغيرها.. وهذه المثابرة هي التي تفرز القيادات في مناطقها.
الأغلبية الصامتة
أن عمر الدقير عندما يحاول إقناع نفسه، أن هناك قوى صامته هي التي تشكل الأغلبية.
سوف يجعل نفسه أمام تحديات لا يستطيع التغلب عليها، ولا يستطيع حتى البناء عليها.
إذا كانت هناك أغلبية صامته حسب قول الدقير، أين تقف هذه الأغلبية الصامته من الحرب والصراع السياسي؟.
الدقير لا يستطيع أن يجاوب على السؤال؟ لآن – إذا كانت هناك بالفعل أغلبية صامته يمكن الرهان عليها.
لماذا حزب الدقير وكل تحالف “تقدم المتحول…!”لم يتوجهوا إليها لتطفيف ميزان القوى بهذه الأغلبية والدعوة الانتخابات.
ولماذا راهنوا جميعا على رافعة الخارج لكي ترجعهم للسلطة.. وأيضاراهنوا على الميليشيا في مرحلة أخرى ومايزالون.
ووقعوا معها على “إعلان أديس أبابا السياسي” وبعدها جاءت المناورة الأخيرة لتقسيم “تقدم” لمجموعتين الأولى تظل كما كانت.
والأخرى تشكل حكومة.. وكل التقديرات السياسية “لمجموعة” تقدم … صمود” كانت خاطئة و لم توفق فيها.
وإذا كانوا اقتنعوا أن سبب وقوف الشعب مع الجيش له تأثيرا في استمرار الحرب.. لكنهم لا يقبلون هذه الفرضية.
ذلك يتحدث الدقير عن القوى الصامته حتى لا يسقط حلم أن يكون هنالك تفاوضا…
ماذا يريد ياسر العطا؟
أن ياسر العطا لا يريد تفاوضا مع الميليشيا، ويريد مواصلة الحرب حتى هزيمتها.
ويعتقد هو الطريق الذي سوف يؤدي إلي التغيير بصورة شاملة في “المسرح السياسي”.
بل ذهب ابعد من ذلك عندما قال عن من وصفهم بداعمي التمرد سيواجهون المساءلة القانونية.
ولن يكونوا جزءاً من أي عملية حوار سياسي في المستقبل.. هذه الفرضية سوف تعقد عملية التفاوض.
التي تعتبر مسألة استراتيجية لمجموعة الأحزاب داخل تحالف ” تقدم …. صمود” والتي تبني أمالها على التفاوض.
. وكما عدد الدقير في اللقاء أحاديث المسؤولين في المنظمات الذين كانوا قد تحدثوا عن ضرورة الحل السلمي.
ومتى انقطعت أحاديث المسؤولين عن الحل السلمي؟ حتى المنابر تعددت دون الوصول إلي نتيجة جديدة..
استراتيجية فاشلة
أن الإستراتيجية ألتي اعتمدت عليها أحزاب ” تقدم ..صمود” فترة زمنية استمرت أكثر من عامين قد فشلت.
وعجزت القيادة أن تحدث فيها تغييرا.. والفشل أقرت به الأحزاب في التحالف عندما قررت طواعية أن تعطي قيادة التحالف.
لعناصر مستقلة وتتراجع قيادات الأحزاب للوراء.. ثم أحدثت خليط وظل الفشل مستمر.
لابد من البحث عن أسباب الفشل استخداما للمنهج النقدي، وليس منهج التبرير لتعليق اسباب الفشل على شماعات.
ولابد من الاعتراف على حقائق الواقع حتى تقدم افتراضات واقعية، و ليس استخداما للخيال.
والحقيقة التي لا تتقبلها أحزاب “تقدم ” ولا اليسار واشباه اليسار.. أن الحرب سوف تفرز واقعا جديدا وقيادات جديدة.
وهي التي سوف تشكل مستقبل السودان القادم.. نسأل الله حسن البصيرة..
بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
أقلام: صحوة نيوز