لماذا وافق الجيش بتعين رئيسا للوزراء؟
بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن بداية الحرب في السودان في 15 إبريل 2023م، هو التاريخ الذي بدأت فيه عجلة السياسة تتدحرج إلي الخلف لتتقدم الآلة العسكرية، و بدأ العقل العسكري في القيادة هو الذي يقود العجلتين في الدولة، الآلة العسكرية بكل ما تحتاجه من تعبئة و حشد و تجهيزات و تخطيط عسكري إستراتيجي و غيره.. و أيضا قيادة العجلة السياسية بما يتوافق مع إدارة الآلة العسكرية و في نفس الوقت إدارة دولاب الدولة… منذ بداية الحرب و حتى تعيين رئيسا للوزراء كامل إدريس في 20 مايو 2025م، استطاع العقل العسكري أن يجتاز كل المطبات الهوائية التي كانت تواجههة، إذا كان داخل الدولة،أو في المحيطين الأقليمي و الدولي، إلي جانب التعامل مع المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدةأو للدول. و أيضا المنظمات العالمية للإغاثة و الخدمات.. نجح العسكر في تجاوز كل التحديات التي كانت تواجههم في إدارة الأزمة..
العقل السياسي المدني انقسم إلي ثلاثة فئات.. الفئة الأولى وقفت مساندة للجيش، و داعمة له في أجتياز التحديات التي كانت تواجه الجيش في معركته، و التي كانت تواجه الدولة في توفير حاجيات الناس و الخدمات و غيرها.. و الفئة الثانية اعتبرت نفسها محايدة لا تريد أن تكون جزءا من معركة الوطن الدائرة، و لكنها إعلاميا كانت أقرب للميليشيا من الجيش،.. الفئة الثالثة هي التي ناصرت الميليشيا سياسيا و إعلاميا، و الإثنان كانا جزء من مخطط دولة الأمارات يأتمروا بأمرها بهدف تنفيذ مشروعا بريطانيا أمريكيا هادف لتقسيم السودان و استغلال ثرواته.. هذا المشروع الذي فشل، و بدأت أدواته تتساقط ، و تتكشف أبعاده بعد انتصارات الجيش المتواصلة، و طرد الميليشيا من كل الولايات، و حصارها في بعض مناطق في كردفان و ولايات دارفور لكي يمارس عليها الضغط هزيمة أو استسلام.. هذه النقلة في مسرح العمليات لصالح الجيش و القوات التي تقاتل معه.. لابد أن تصاحبها نقلة جديدة في عملية التفكير السياسي.. و تكون هناك قلة سياسية توازي العملية العسكرية…
أن تقديرات الجيش من خلال العمليات العسكريةالجارية، و الفضاء الذي يمكن أن يتوفر للعملية سياسية، و دون أن تتأثر بالعمل العسكري، هو الذي يحدد مساحة الفضاء السياسي حتى لا يحدث ختلالا في سلم الأولويات، حيث أن القضاء على الميليشيا أو استسلامها هو أعلى درجة فيتراتبية السلم.. و جاء تعين رئيس للوزراء بعد عبور أخطر مراحل التحدي العسكري، التي كانت تفرضه الميليشيا و الداعمين لها و السياسيين الذين في محورها.. أن أعطاء القوى المدنية دورها في إدارة الدولة، ممثلا في رئيس الوزراء و اختيار الوزراء وفقا لمشروعه في التعمير و التنمية و الخدمات.. يؤكد أن قيادة الجيش تريد أن تطئن الشعب أن البلاد قد تجاوزت مرحلة المهددات، و الآن تنتقل إليي مرحلة البناء و التعمير و توفير حاجات الناس و الخدمات، و هي مرحلة مركبة لأنها تمثل أهم خطوة في فتح باب المدنية لكي تقوم بالدور المطلوب منها..
أن أختيار رئيس الوزراء في هذه الفترة تبين العديد من الأجندة المطلوب تفيذها.. الأولى التأكيد أن مرحلة الحرب قد تعدت المرحلة الخطرة التي كانت تهدد سيادة البلاد .. الثاني التعامل مع الخارج من خلال القوى المدنية، خاصة أن الخارج كان يطالب بالعودة للمدنية.. و هي مرحلة مطلوبة الرجوع لها بهدف العودة للمنظمات التي جمدت نشاط السودان منذ أربعة سنوات منها الاتحاد الأفريقي.. الثالثة التاكيد على أن الدولة تمر عبر مراحل في توطيد الحكم الذي يقبله الجميع بالحوار و التوافق.. المرحلة الرابعة هي العودة للحوار السوداني السوداني دون أن يعيق أو يؤثر سلبا على عملية التعمير و البناءو عودة المواطنين لديارهم و توفير حاجياتهم ..
أن حالة الصراع و الفشل التي صاحبت الفترة الانتقالية، و المهددات التي واجهت الدولة، هي التي جاءت بسياسة المراحل ، الاتقال من مرحلة إلي الأخر بعد التأكد أن المرحلة القبل قد مرت بنجاح فتراكم الأعمال الناجحة هو وحده الذي يقود إلي الاستقرار الاجتماعي و السياسي في البلاد.. إذا العقل العسكري أيضا من التحديات و الصراعات الداخلية و الخارجية و العمل لكيفية تجاوزها و الانتقال لمراحل متقدم بخلق وعي جديد و تراكم معرفي بإدارة الأزمة على أسس سليمة.. هناك البعض يتهم قيادة الجيش بإنها تريد ان تنفرد بالحكم.. رغم أن هؤلاء نالوا أرفع الأوسمة الوطنية و قلايد المجد التي تتعلق على صدورهم، بأنهم هم الذين حمو الدولة السودانية من السقوط و الانقسامات.. أوسمة على صدور جميع رتب الجيش و القوى التي تقاتل تحت رايته من قائد الجيش إلي اصغر جندي.. فالتاريخ يدخل من الافعال و المواقف الوطنية و ليس البحث عن الغنائم و الوظائف..
أن موافقة الجيش على تعين رئيس للوزراء بهدف الانتقال لعملية التعمير و البناء لما خربته الميليشيا، و الدول التي تقف من خلفها، و الإدارة المدنية مناط بها تحريك كل الطاقات الفاعلة في المجتمع في عملية التعمير في الأحياء و القرى و المدن، و بدلا من استهلاك الطاقة في الجدل و المناكفات غير المنتجة، يجب تحويلها إلي طاقات منتجة، و تخرج الناس من أجواء الحرب إلي أجواء الفعل الإيجابي كل في مناطقه.. و معلوم أن المؤامرات على البلاد لن تنقطع، و هذه ليست خطرة، الخطورة في السياسيين و اتباعهم الذين بكامل يإرادتهم يصبحوا أدوات للأجندة الخارجية.. هؤلاء هم الذين يشكلون خطرا على البلاد.. أن اتهامات أمريكا للجيش باستخدام أسلحة كيمائية و انزال عقوبات، هي جزء من المؤامرة الهادفة إلي السيطرة على موارد البلاد.. و الشعوب لا تهزم.. نسأل الله حسن البصيرة..